الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( كفل ) عن رجل ( بما ذاب له أو بما قضى له عليه أو بما لزمه له ) عبارة الدرر : لزم بلا ضمير .

وفي الهداية وهذا ماض أريد به المستقبل كقوله : أطال الله بقاءك ( فغاب الأصيل فبرهن المدعي على الكفيل أن له على الأصيل كذا لم يقبل ) برهانه حتى يحضر الغائب فيقضي عليه ، فيلزمه تبعا للأصيل .

التالي السابق


( قوله : كفل عن رجل ) الأولى أن يقول كفل عن رجل لرجل ليكون مرجع الضمير في له مذكورا وهو الرجل الثاني المكفول له وإن كان معلوما من المقام .

( قوله : بما ذاب له ) أي بما ثبت ووجب بالقضاء .

( قوله : عبارة الدرر لزم بلا ضمير ) الذي رأيناه في الدرر لزمه بالضمير وكأنه سقط من نسخة الشارح وهي أولى ; لأن ضمير له في المواضع الثلاثة للمكفول له وضمير لزمه للمكفول ، ففيه تشتيت الضمائر مع إيهام عوده للمكفول أيضا كبقية الضمائر المذكورة ، ولا حاجة إلى تقديره ولا إلى التصريح به ; لأن لزم بمعنى ثبت فهو قاصر في المعنى لا يحتاج إلى مفعول والمعنى بما ثبت له عليه فلما كان الأولى إسقاطه نبه الشارح عليه فافهم .

( قوله : أريد به المستقبل ) لأنه معلق عليه ، فإن المعنى إن وجب لك عليه شيء في المستقبل فأنا كفيل به ، حتى لو كان له عليه مال ثابت قبل الكفالة لم يكن مكفولا به كما يعلم مما يأتي .

( قوله : لم يقبل برهانه ) لأنه إنما كفل عنه بمال مقضي بعد الكفالة ; لأنه جعل الذوب شرطا والشرط لا بد من كونه مستقبلا على خطر الوجود ، فما لم يوجد الذوب بعد الكفالة لا يكون كفيلا والبينة لم تشهد بقضاء دين وجب بعد الكفالة فلم تقم على من اتصف بكونه كفيلا عن الغائب بل على أجنبي ، وهذا في لفظ القضاء ظاهر وكذا في ذاب ; لأن معناه تقرر ووجب وهو بالقضاء بعد الكفالة ، حتى لو ادعى أني قدمت الغائب إلى قاضي كذا وأقمت عليه بينة بكذا بعد الكفالة وقضى لي عليه بذلك وأقام البينة على ذلك صار كفيلا وصحت الدعوى وقضى على الكفيل بالمال لصيرورته خصما عن الغائب سواء كانت الكفالة بأمره أو لا إلا أنه إذا كانت بغير أمر [ ص: 327 ] يكون القضاء على الكفيل خاصة كذا في الفتح ، وقوله : حتى لو ادعى إلخ هو معنى ما في الفصول العمادية : ادعى على رجل أنه كفل عن فلان بما يذوب له عليه فأقر المدعى عليه بالكفالة وأنكر الحق وأقام المدعي بينة أنه ذاب له على فلان ، كذا فإنه يقضى به في حق الكفيل الحاضر وفي حق الغائب جميعا ، حتى لو حضر الغائب وأنكر لا يلتفت إلى إنكاره ا هـ ، فإن قوله وأقام المدعي بينة أنه ذاب له على فلان كذا معناه أنه وجب له عليه بالقضاء بعد الكفالة : أي أن القاضي قضى له عليه بذلك ، فحيث برهن على أن الأصيل الغائب محكوم عليه بذلك ثبت شرط الكفالة فصار الكفيل خصما فيثبت عليه المال قصدا أو على الغائب ضمنا ، بخلاف ما في المتن فإن المدعي برهن على أن له على الأصيل كذا لا على أنه كان حكم له على الأصيل بكذا فلو قبلت هذه البينة يكون قضاء على الغائب قصدا ; لأن الكفيل لم يصر خصما ; لأنه لم يثبت شرط كفالته ، فالفرق بين المسألتين جلي واضح وإن خفي على صاحب النهر وغيره .

والعجب من قوله في البحر إن جزمهم هنا بعدم القبول ينبغي أن يكون على الرواية الضعيفة ، أما على أظهر الروايتين المفتى به من نفاذ القضاء على الغائب فينبغي النفاذ ا هـ ، فإن المفتى به نفاذ القضاء على الغائب من حاكم يراه كشافعي ، حتى لو رفع حكمه إلى الحنفي نفذه كما حرره صاحب البحر نفسه في كتاب القضاء وكلامهم هنا في الحاكم الحنفي ، فإن حكمه لا ينفذ لما علمته من عدم الخصم




الخدمات العلمية