الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو فرخ طير أو باض في أرض لرجل [ ص: 234 ] أو تكسر فيها ظبي ) أي انكسر رجله بنفسه ، فلو كسرها رجل كان للكاسر لا للآخذ ( فهو للآخذ ) لسبق يده لمباح ( إلا إذا هيأ أرضه لذلك ) فهو له ( أو كان صاحب الأرض قريبا من الصيد بحيث يقدر على أخذه لو مد يده فهو لصاحب الأرض ) لتمكنه منه ، فلو أخذه غيره لم يملكه نهر ( كذا ) مثل ما مر ( صيد تعلق بشبكة نصبت للجفاف ) أو دخل دار رجل ( ودرهم أو سكر نثر فوقع على ثوب لم يعد له ) سابقا ( ولم يكف ) لاحقا ، فلو أعده أو كفه ملكه بهذا الفعل .

التالي السابق


( قوله ولو فرخ طير ) يقال فرخ بالتشديد وأفرخ صار ذا أفراخ ، وأفرخت [ ص: 234 ] البيضة : انفلقت عن الفرخ فخرج منها مصباح ( قوله أو تكسر ) وقع في الكنز تكنس . وفي المغرب : كنس الظبي دخل في الكناس كنوسا من باب طلب وتكنس مثله ، ومنه الصيد : إذا تكنس في أرض رجل أي استتر ويروى تكسر وانكسر ا هـ . وفي الفتح : وفي بعض النسخ تكسر أي وقع فيها فتكسر احتراز عما لو كسره رجل فيها بحر ، وقوله ومن باب طلب صوابه من باب جلس رملي ، وقوله احتراز إلخ إنما يتم إذا لم يكن تكسر للمطاوعة وإلا فهو من فعل غيره ، يقال كسره بالتشديد فتكسر وكسره بالتخفيف فانكسر : أي قبل ذلك تأمل ( قوله إلا إذا هيأ أرضه لذلك إلخ ) أي بأن حفر فيها بئرا ليسقط فيها أو أعد مكانا للفراخ ليأخذها فتح لأن الحكم لا يضاف إلى السبب الصالح إلا بالقصد بحر ( قوله أو كان صاحب الأرض قريبا إلخ ) ظاهره أن سبب الملك أحد شيئين : إما التهيئة أو القرب ، ومقتضاه أنه لو خرج الصيد من أرضه المهيأة قبل قربه منه يبقى على ملكه فليس لغيره أخذه ، لكن يشكل عليه ما في الذخيرة عن المنتقى حيث قال : نصب حبالة فوقع فيها صيد فاضطرب وانفلت فأخذه غيره فهو له ، فلو جاء صاحب الحبالة ليأخذه فلما دنا منه بحيث يقدر عليه انفلت فأخذه غيره فهو لصاحب الحبالة .

والفرق أن صاحب الحبالة فيهما وإن صار آخذا له إلا أنه في الأول بطل الأخذ قبل تأكده ، وفي الثاني بعد تأكده ، وكذا صيد البازي ، والكلب إذا انفلت فهو على هذا التفصيل ا هـ أفاده ط ( قوله فلو أخذه غيره لم يملكه ) استدل عليه في النهر بعبارة المنتقى المذكورة ( قوله مثل ما مر ) بدل من قوله وكذا أو عطف بيان أفاد به أن الإشارة إلى ما ذكر في أول المسألة من أنه لآخذه ( قوله أو دخل دار رجل ) وكذا لو دخل بيته وأغلق عليه الباب ولم يعلم به لم يصر آخذا مالكا له ، حتى لو خرج بعد ذلك فأخذه غيره ملكه . وعن أبي يوسف : لو اصطاده في دار رجل من الهواء أو على الشجر ملكه لأن حصوله على حائط رجل أو شجرته ليس بإحراز فإن قال رب الدار كنت اصطدته قبلك ، فإن كان أخذه من الهواء فهو له لأنه لا يد لرب الدار على الهواء ، وإن أخذه من حائطه أو شجره فالقول لرب الدار لأخذه من محل هو في يده ، وإن اختلف في أخذه من الهواء أو الشجرة فكذلك لأن الظاهر أن ما في داره يكون له وتمامه في البحر ( قوله ملكه بهذا الفعل ) أي بالإعداد أو الكف ، وظاهره أنه بدون ذلك لا يملكه ، وإن وقع قريبا منه بحيث تناله يده ، والفرق بينه وبين الصيد أن الصيد يملكه بالقرب منه إذا وقع في أرضه ونحوها لا مطلقا وإلا لزم أنه لو قرب من صيد في برية ملكه والنثار يكون في بيت أهل العرس عادة فلا يعتبر فيه مجرد القرب بل لا بد من إعداد الثوب أو كفه . وأيضا لو اعتبر مجرد القرب يؤدي إلى المنازعة بين الحاضرين الذين وقع بينهم إذ كلهم يدعيه




الخدمات العلمية