الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 292 ] ( ويبرأ ) الكفيل بالنفس ( بموت المكفول به ولو عبدا ) أراد به دفع توهم أن العبد مال ، فإذا تعذر تسليمه لزمه قيمته ، وسيجيء ما لو كفل برقبته ( وبموت الكفيل ) وقيل يطالب وارثه بإحضاره سراج ( لا ) بموت ( الطالب ) بل وارثه أو وصيه يطالب الكفيل ، وقيل يبرأ وهبانية ، والمذهب الأول

التالي السابق


( قوله : ويبرأ الكفيل بالنفس بموت المكفول به ) أي يبرأ أصلا بموت الشخص المطلوب ، والمراد أنها تبطل بموته كما عبر به في الكنز وغيره ، لتحقق عجز الكفيل عن إحضاره كما في النهر : أي عجزا مستمرا بخلاف الجهل بمكانه لاحتمال العلم به بعد ، فلذا قالوا هناك لا يطالب به وقالوا هنا تبطل : وأما ما في البزازية والخلاصة من أنه لو كان المكفول به غائبا لا يعلم مكانه ولا يوقف على أثره يجعل كالموت ولا يحبسه ، فالمراد به أنه كالموت في عدم المطالبة في الحال ; ولذا قال ولا يحبسه لا في بطلان الكفالة وسقوط المطالبة أصلا وإلا خالف كلامهم متونا وشروحا ، ونبهنا على ذلك تمهيدا لما نذكره قريبا من حادثة الفتوى .

( قوله : بموت المكفول به ) هذا شامل لبراءة كفيل الكفيل بموت الكفيل ولبراءتهما بموت الأصيل .

قال في الخانية : الكفيل بالنفس إذا أعطى الطالب كفيلا بنفسه فمات الأصيل برئ الكفيلان ، وكذا لو مات الكفيل الأول برئ الكفيل الثاني ا هـ .

مطلب كفالة النفس لا تبطل بإبراء الأصيل بخلاف كفالة المال قال في البحر : وأشار باقتصاره في بطلانها على موت المطلوب والكفيل إلى أنها لا تبطل بإبراء الأصيل ، وتمامه فيه ، وسيذكره الشارح قبيل كفالة المال .

( قوله : أراد به إلخ ) كذا في المنح .

ولا يخفى أن التوهم باق ، وذلك أنه قال في الخلاصة : لو كفل بنفس عبد فمات العبد برئ الكفيل إن كان المدعى به المال على العبد ، وإن كان المدعى به نفس العبد لا يبرأ وضمن قيمته ا هـ .

ففي المسألتين المكفول به نفس العبد ، لكن المدعى به في الأولى المال على العبد وفي الثانية رقبة العبد ، فقول المصنف ولو عبدا يوهم أنه شامل للمسألتين مع أنه لا يبرأ بموت العبد في الثانية ، وإن تعذر تسليمه بالموت بل تلزمه قيمته ، فلا بد في دفع التوهم من أن يقول ولو عبدا ادعي عليه مال تأمل .

( قوله : وسيجيء ) أي في الباب الآتي ما لو كفل برقبته أي بأن كان المدعى به رقبة العبد وهي المسألة الثانية ، وستجيء المسألتان جميعا قبيل الحوالة .

( قوله : وبموت الكفيل ) أي الكفيل بالنفس ; لأن الكلام فيه .

أما الكفيل بالمال فلا تبطل بموته ; لأن حكمها بعد موته ممكن فيوفى من ماله ثم ترجع الورثة على المكفول عنه إن كانت بأمره وكان الدين حالا ، فلو مؤجلا فلا رجوع حتى يحل الأجل بحر ، وتمامه في الفتح .

( قوله : بل وارثه أو وصيه يطالب الكفيل ) فإن سلمه إلى أحد الورثة أو أحد الوصيين خاصة فللباقي المطالبة بإحضاره ، بحر عن الينابيع .

وقد يشكل عليه قولهم أحد الورثة ينتصب خصما للميت فيما له وعليه نهر .

قلت : في جامع الفصولين : أحد الورثة يصلح خصما عن المورث فيما له وعليه ، ويظهر ذلك في حق الكل إلا أن له قبض حصته فقط إذا ثبت حق الكل ا هـ وبه يظهر الجواب ، وذلك أن حق المطالبة ثابت لكل واحد من الورثة فإذا استوفى أحدهم حقه لا يسقط حق الباقين ; لأن له استيفاء حقه فقط ، وإنما قام مقام الباقين في إثبات حقهم فافهم .

( قوله : وقيل يبرأ ) أي الكفيل بموت الطالب




الخدمات العلمية