الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( وكره ) تحريما منع الصحة ( nindex.php?page=treesubj&link=4816البيع عند الأذان الأول ) إلا إذا تبايعا يمشيان فلا بأس به لتعليل النهي بالإخلال بالسعي ، فإذا انتفى انتفى ، وقد خص منه من لا جمعة عليه ذكره المصنف .
( قوله وكره تحريما مع الصحة ) أشار إلى وجه تأخير المكروه عن الفاسد مع اشتراكهما في حكم المنع الشرعي والإثم ، وذلك أنه دونه من حيث صحته وعدم فساده ; لأن النهي باعتبار معنى مجاور للبيع لا في صلبه ولا في شرائط صحته ، ومثل هذا النهي لا يوجب الفساد بل الكراهية كما في الدرر . وفيها أيضا أنه لا يجب فسخه ويملك المبيع قبل القبض ويجب الثمن لا القيمة . ا هـ لكن في النهر عن النهاية أن فسخه واجب على كل منهما أيضا صونا لهما عن المحظور ، وعليه مشى الشارح في آخر الباب ، ويأتي تمامه ( قوله عند الأذان الأول ) وهو الذي يجب السعي عنده ( قوله إلا إذا تبايعا يمشيان إلخ ) قال الزيلعي : هذا مشكل ، فإن الله تعالى قد نهى عن البيع مطلقا ، فمن أطلقه في بعض الوجوه يكون تخصيصا وهو نسخ ، فلا يجوز بالرأي شرنبلالية . والجواب ما أشار إليه الشارح من أن النص معلل بالإخلال بالسعي ومخصص ، لكن ما مشى عليه الشارح هنا مشى على خلافه في الجمعة تبعا للبحر والزيلعي ( قوله وقد خص منه إلخ ) جواب ثان : أي والعام إذا دخله التخصيص صار ظنيا فيجوز تخصيصه ثانيا بالرأي : أي بالاجتهاد ، وبه اندفع قول الزيلعي فلا يجوز أي بالرأي ، قلت : وفيه نظر ، فإن إشكال الزيلعي من حيث إن قوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وذروا البيع } مطلق عن التقييد بحالة دون حالة ، فإن مفاد الآية الأمر بترك nindex.php?page=treesubj&link=4816البيع عند النداء ، وهو شامل لحالة المشي ، والذي خص منه من لا تجب عليه الجمعة هو الواو في - { nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9فاسعوا } - ولا يلزم منه تخصيص من ذكر أيضا في - { nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9وذروا البيع } - ; لأن القرآن في النظم لا يلزم منه المشاركة في الحكم كما تقرر في كتب الأصول ، نظير قوله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=43أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } فإن الخطاب عام في الموضعين ، لكن خص الدليل من الأول جماعة كالمريض العاجز ، ومن الثاني جماعة كالفقير مع أن المريض تلزمه الزكاة والفقير تلزمه الصلاة . والحاصل أن الدليل خص من وجوب السعي جماعة كالمريض والمسافر ، ولم يرد الدليل بتخصيص هؤلاء من وجوب ترك البيع فيبقى الأمر شاملا لهم ، إلا أن يعلل بترك الإخلال بالسعي فيرجع إلى الجواب الأول فلم يفد الثاني شيئا فتأمل .