[ ص: 131 ] 953 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم داود - عليه السلام - يوما وإفطاره يوما ، وأنه أحب الصيام إلى الله عز وجل .
5893 - حدثنا ، يونس قالا : حدثنا وعيسى بن إبراهيم الغافقي ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو ، وهو ابن دينار عمرو بن أوس ، عن - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عبد الله بن عمرو داود كان يصوم يوما ويفطر يوما أحب الصيام إلى الله تعالى صيام .
5894 - حدثنا بكر بن إدريس ، حدثنا . آدم بن أبي إياس
5895 - وحدثنا حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قالا : [ ص: 132 ] حدثنا روح بن عبادة ، عن شعبة زياد بن الفياض قال : سمعت أبا عياض قال : سمعت يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله . عبد الله بن عمرو
5896 - حدثنا ، بكار بن قتيبة وعلي بن شيبة قالا : حدثنا ، حدثنا روح بن عبادة أخبرني ابن جريج ، أن عمرو بن دينار عمرو بن أوس أخبره :
عن : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عبد الله بن عمرو داود كان يصوم نصف الدهر أحب الصيام إلى الله عز وجل صيام .
[ ص: 133 ] فقال قائل : ففي الحديث أن صوم داود كان أحب الصيام إلى الله عز وجل ، وفيه الزيادة على الصيام المذكور في الحديث الذي في الباب الذي قبل هذا الباب ! .
فكان جوابنا له في ذلك : أنه لا خلاف بين ما في هذا الحديث وبين ما في الحديث الذي رويناه في الباب الأول ; لأن الذي في الحديث إنما هو إخبار عن صوم داود - عليه السلام - ، وهو ومن سواه من الأنبياء محمول عنهم في صيامهم ما ليس بمحمول عمن سواهم ; ألا ترى إلى ما رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواصلته الصيام بعد نهيه الناس عن مثل ذلك ، وبيانه لهم أنه في ذلك بخلافهم ، وأنه يطعم ويسقى ، وليسوا كذلك . ؟
5897 - كما حدثنا أخبرنا يونس ، . ابن وهب
5898 - وكما حدثنا حدثنا المزني ، قال الشافعي : إن يونس أخبره ، وقال مالكا : أخبرنا المزني ، ثم اجتمعا ، فقالا : عن مالك . نافع
عن : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر نهى عن الوصال ، فقيل : إنك تواصل ، فقال : لست مثلكم إني أطعم وأسقى .
[ ص: 134 ]
5899 - وكما حدثنا حدثنا المزني ، ، أخبرنا الشافعي ، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي . حميد الطويل
عن قال : أنس بن مالك واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فواصلوا ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لو أن الشهر يمد لي لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم ، إني لست مثلكم ؛ إني يطعمني ربي عز وجل ويسقيني .
[ ص: 135 ] أولا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان محمولا عنه في صيامه مما ليس محمولا عمن سواه من أمته ؟! فكان يغنى بذلك عن الإفطار الذي لا يغنى غيره من أمته عنه ، وكان من أجل ذلك يواصل الوصال الذي كان يواصله مما هو مباح له للمعنى الذي معه مما ليس مع غيره ، فكان غيره في ذلك مذموما ، وكان هو صلى الله عليه محمودا ، فكان داود صلوات الله عليه في صومه كذلك ، وكان من أجل ذلك حمد الله منه صومه الذي كان يصومه .
ومما يدل على هذا المعنى أيضا ، ويوجب تفضيل قليل الصيام على كثيره بعد أن يكون مع قليله الأسباب المتقرب بها إلى الله سبحانه .
5900 - ما قد حدثنا قال : حدثنا أبو أمية علي بن قادم ، حدثنا ، عن مسعر بن كدام ، عن حبيب بن أبي ثابت أبي العباس .
عن قال : عبد الله بن عمرو داود : كان يصوم يوما ويفطر يوما ، ولا يفر إذا لاقى قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألم أنبأ أنك تصوم الدهر ، وتقوم الليل ؟ قال : قلت : إني أقوى ، قال : إذا [ ص: 136 ] فعلت نفهت لك النفس ، وهجمت لك العين ، قال : قلت : إني أقوى ، قال : صم ثلاثة أيام من كل شهر . قال : قلت : إني أقوى ، قال : صم صوم أخي .
[ ص: 137 ]
5901 - وما قد حدثنا حدثنا يونس ، ، حدثنا أسد بن موسى ، عن شعبة قال : سمعت حبيب بن أبي ثابت أبا العباس - رجلا من أهل مكة ، وكان شاعرا ، وكان لا يتهم في الحديث - قال : سمعت ، ثم ذكر مثله . عبد الله بن عمرو
أولا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن داود - عليه السلام - أنه كان مع صيامه الصيام المذكور عنه في هذا الحديث لا يفر إذا لاقى لبقاء قوته ، وأن الصوم الذي كان منه لم يخرجه عما كان منه من القوة على مثل هذا ، وأن من سواه في ذلك ليس كهو لما دخل عليه من الضعف في بدنه الذي يقطع عن ذلك ؟
فدل ذلك أن الذي حمد الله عز وجل من داود من ذلك الصيام كان لذلك المعنى ، وأن الذي أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ، واختياره له من الصيام هو الذي لا يقطعه عن مثل ذلك على [ ص: 138 ] ما ذكرنا في الآثار التي رويناها عنه صلى الله عليه وسلم في ذلك . عبد الله بن عمرو
وقد وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل بعض المفطرين على الصائمين في بعض المواطن .
5901 م - حدثنا محمد بن عمرو بن يونس ، أخبرنا ، عن أبو معاوية الضرير ، عن عاصم ، عن مورق العجلي - رضي الله عنه - قال : أنس بن مالك خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فنزلنا في يوم شديد الحر ، فمنا الصائم ، ومنا المفطر ، وأكثرنا ظلالا صاحب الكساء ، ومنا من يتقي الشمس بيده ، فسقط الصوام ، وقام المفطرون ، فضربوا الأبنية ، وسقوا الركاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذهب المفطرون بالأجر اليوم .
ألا ترى إلى ما في هذا الحديث من تفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم المفطرين الذين قووا بإفطارهم على الأفعال التي فعلوها مما قووا بها على ما هم فيه أنهم قد جعلوا بذلك العمل مع إفطارهم أفضل من الصيام الذي عجز عنه الصائمون في صومهم .
[ ص: 139 ] وفيما ذكرنا من هذا كشف المعاني التي ذكرناها فيما تقدم منا في الباب الذي قبل هذا الباب .