[ ص: 128 ] 808 - باب بيان مشكل ما روي عن ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله بعد ملاعنته بين الزوجين اللذين لاعن بينهما : " لعلها أن تجيء به أسود جعدا " وأنها جاءت به كذلك عبد الله بن مسعود
5138 - حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان حكيم بن سيف ، قال : حدثنا ، عن عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : قال علقمة : ابن مسعود
قال عبد الله : فابتلي به ، وكان رجلا من الأنصار ، جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلاعن امرأته ، فلما أخذت امرأته لتلتعن ، قال لها رسول الله : " مه " فلما أدبرت ، قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لعلها أن تجيء به أسود جعدا " فجاءت به أسود جعدا قام رجل في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجمعة ، فقال : أرأيتم إن وجد رجل مع امرأته رجلا ، فإن هو قتله قتلتموه ، وإن هو تكلم جلدتموه ، وإن سكت ، سكت على غيظ شديد ، اللهم احكم . فأنزلت آية اللعان . قال .
[ ص: 129 ]
5139 - حدثنا ، قال : حدثنا يزيد الحسن بن عمر بن شقيق ، قال : حدثنا ، عن جرير بن عبد الحميد ، ثم ذكر بإسناده مثله حرفا حرفا . الأعمش
قال : وكان أهل العلم يختلفون في الرجل ينفي حمل امرأته ، فكان بعضهم يقول : يلاعن بينه وبينها عليه ، كما يلاعن بينه وبينها عليه لو كان مولودا قبل ذلك فنفاه ، وهو قول أبو جعفر مالك والشافعي ، وقد كان ، قال به مرة ، وليس بالمشهور عنه . أبو يوسف
وكان آخرون يقولون : لا يلاعن بينهما عليه ، لأنه قد يجوز أن يكون ليس بحمل في الحقيقة ، ويستوي عندهم أن يولد بعد ذلك ، فيعلم به أنه كان محمولا به حينئذ ، أو يولد لما لا يجوز أن يكون [ ص: 130 ] محمولا به حينئذ ، وممن كان يذهب إلى ذلك . أبو حنيفة
وكان آخرون يقولون : لا يلاعن بينهما عليه في حال الحمل به حتى تضعه أمه لوقت يعلم أنه كان محمولا به حين كان النفي من الذي كان محمولا به على فراشه ، وممن كان يقول ذلك منهم محمد بن الحسن ، وهو المشهور عن ، وقد كان الذين يذهبون إلى الملاعنة بالحمل يحتجون لما قالوه من ذلك بحديث يرويه أبي يوسف عبدة بن سليمان ، عن عن الأعمش ، إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاعن بالحمل .
وكان ذلك الحديث إنما أصله حديثا عيسى وجرير اللذان رويناهما عن في هذا الباب ، وليس فيهما ذكر ملاعنة بحمل ، وإنما فيهما ذكر الملاعنة لا ما سواها ، وقد يجوز أن يكون كانت ملاعنة بالقذف ، لا بالحمل . الأعمش
[ ص: 131 ] فقال قائل : ففي هذا الحديث من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لعلها أن تجيء به أسود جعدا " ، ففي ذلك ما قد دل على أن الملاعن به هو ذلك الولد الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - : " لعلها أن تجيء به كذلك " .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله - عز وجل - وعونه : أن اللعان لو كان بذلك الولد لما اختلف الحكم فيه ، جاءت به أمه أسود جعدا ، أو جاءت به بخلاف ذلك ، إذ كان اللعان قد نفاه عن الملاعن به ، وليس بعد الشبه من الولد الملاعن به بالذي لاعن به محققا أنه ليس منه ، ولا قرب الشبه به يحقق أنه منه ، والله نسأله التوفيق .