[ ص: 81 ] 295 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : أمرت بقرية تأكل القرى
1825 - حدثنا ، قال : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى أن عبد الله بن وهب حدثه ، عن مالك بن أنس ، قال : سمعت يحيى بن سعيد يقول : أبا الحباب سعيد بن يسار
سمعت رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا هريرة يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد أمرت بقرية تأكل القرى يقولون : " .
1826 - حدثنا ، قال حدثنا عمي أحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب عمرو بن الحارث ، أن ومالك بن أنس حدثهما أن يحيى بن سعيد الأنصاري حدثه . أبا الحباب سعيد بن يسار
أنه سمع يقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبا هريرة يثرب وهي المدينة تنفي خبثها كما ينفي الكير الخبث أمرت بقرية تأكل القرى يقال لها : . إلا أن قال : قال مالكا : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . أبو هريرة
[ ص: 82 ] قال : فتأملنا هذا الحديث فوجدنا قوله صلى الله عليه وسلم : أمرت بقرية ، على معنى أمرت بالهجرة إلى قرية . أبو جعفر
ووجدنا قوله صلى الله عليه وسلم : تأكل القرى ، بمعنى قوله : يأكل أهلها القرى ، كما قال عز وجل : وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ، بمعنى : وضرب الله مثلا قرية كان أهلها آمنين مطمئنين ، وكان ذكر القرية في هذا كناية عن أهلها ، وأهلها المرادون بما ذكر فيها لا هي ، والدليل على ذلك قوله عز وجل بما كانوا يصنعون والقرية لا صنع لها ، وقوله : فكفرت بأنعم الله والقرية لا كفر لها ، وقوله عز وجل: فأذاقها الله لباس الجوع والخوف والقرية لا تذاق من ذلك شيئا . وقوله جل وعز : ولقد جاءهم رسول منهم فدل ذلك أن ما قبل هذا من قوله مراد به أهل القرية لا القرية كقوله عز وجل : واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها بمعنى : واسأل أهل القرية التي كنا فيها واسأل أهل العير التي أقبلنا فيها .
ووجدنا قوله صلى الله عليه وسلم : تأكل القرى ، بمعنى قوله تفتح القرى أي يفتح أهلها القرى .
ووجدنا قوله صلى الله عليه وسلم : تأكل بمعنى تقدر كقول الله : إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ليس يعني بذلك آكليها دون محتجبيها عن اليتامى لا بأكل لها وكقوله عز وجل : ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا بمعنى قوله : تغلبوا عليها إسرافا على أنفسكم وبدارا أن يكبروا ، فيقيمون عليكم الحجة فيها ، [ ص: 83 ] فينتزعونها منكم لأنفسهم ، فكان الأكل فيما ذكرنا يراد به الغلبة على الشيء ؛ لأن كل آكل لشيء غالب عليه ، فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : تأكل القرى ، يعني أهلها هو بمعنى : تقدر على أهل القرى بافتتاح أهلها تلك القرى وغلبتهم عليها وعلى أهلها ، وقد كان ذلك منهم رضوان الله عليهم حتى أظهر الله نبيه صلى الله عليه وسلم على الدين كله ، وقد كان يفسر : تأكل القرى بمثل ما فسرناه به . مالك بن أنس
كما .
حدثنا ، قال : قال لنا يونس : سمعت ابن وهب يقول مالكا . في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم : تأكل القرى قال : تفتح القرى
فهذا موافق لما قد ذكرناه في ذلك من التأويل الذي تأولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عليه ، والله نسأله التوفيق .