[ ص: 325 ] 335 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إن التجار هم الفجار
2077 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى بن أبي كثير أبي راشد وهو الحبراني أنه سمع عبد الرحمن بن شبل يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن التجار هم الفجار ، فقيل : يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع ؟ قال : بلى ، ولكنهم يحلفون ويأثمون ويحلفون ويكذبون .
2078 - حدثنا ، قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا أبو سلمة موسى بن [ ص: 326 ] إسماعيل المنقري ، قال : حدثنا أبان بن يزيد ، عن يحيى وهو ابن أبي كثير زيد وهو ابن سلام ، عن ، عن أبي سلام وهو الحبشي أبي راشد ، عن عبد الرحمن بن شبل معاوية قال له : إذا أتيت فسطاطي فقم في الناس فأخبر بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن التجار هم الفجار ، فقال رجل : يا رسول الله ألم يحل الله البيع ؟ فقال : إنهم يقولون ويكذبون ويحلفون ويأثمون أن ، [ ص: 327 ] فقال قائل : كيف تقبلون هذا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أحل الله البيع ؟ فقال : وأحل الله البيع وحرم الربا ، وقال : لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم فكيف يجوز أن يكون أهل هاتين الآيتين فجارا ؟
فكان جوابنا له في ذلك - بتوفيق الله عز وجل وعونه - أن ذلك عندنا - والله أعلم - إنما هو على المذمومين من التجار في تجاراتهم لا على المحمودين فيها ، واللغة تطلق مثل هذا في الذم والحمد جميعا ، ومن ذلك قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ، وفي قومه من لم يدخل في هذه الآية وهم الكفار به منهم الجاحدون لما جاءهم به وقوله عز وجل : وكذب به قومك وهو الحق فلم يرد بذلك عز وجل كل قومه وإنما أراد به المكذبين له منهم خاصة دون المصدقين له منهم رضوان الله عليهم ، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في قنوته في صلاة الصبح : اللهم اشدد وطأتك على مضر وهو من مضر وخيار من خلقه من مضر ، وإنما [ ص: 328 ] أراد بذلك الكفار من مضر لا من سواهم ، فمثل ذلك ما ذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم في التجار لما كان الأغلب عليهم ما ذكرهم به جاز إطلاق القول الذي أطلقه فيهم لأنه صلى الله عليه وسلم إنما خاطب بذلك العرب الذين يفهمون مراده ، والذين لغاتهم لغته ، وقد روي عنه أيضا صلى الله عليه وسلم مما يدخل في هذا الباب .
2079 - ما قد حدثناه عبد الملك بن مروان الرقي ، قال : حدثنا ، عن أبو معاوية الضرير ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قيس بن أبي غرزة ، قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن السماسرة فسمانا باسم هو أحسن اسمنا فقال : يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة .
[ ص: 329 ]
2080 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا أبو داود ، عن شعبة ، قال : سمعت حبيب بن أبي ثابت يحدث ، عن أبا وائل قيس بن أبي غرزة ، قال : وأخبرني شعبة أنه سمع الأعمش يحدث ، عن أبا وائل قيس بن أبي غرزة أنه قال : : بصدقة ، وقال الأعمش حبيب : بشيء من صدقة خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالسوق نبيع بالأسواق ، ونحن نسمى السماسرة فسمانا باسم أحسن مما سمينا به أنفسنا ، فقال : يا معشر التجار إنه يخالط بيعكم حلف ولغو فشوبوه ، قال .
2081 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم ، قال : حدثنا [ ص: 330 ] وهب ، عن شعبة ، قال : سمعت حبيب بن أبي ثابت يحدث عن أبا وائل قيس بن أبي غرزة ، قال : وأخبرني شعبة سمع الأعمش يحدث عن أبا وائل قيس بن أبي غرزة ، قال : وأخبرني شعبة سمع الأعمش يحدث عن أبا وائل قيس بن أبي غرزة ، قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر مثله .
2082 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر السهمي ، عن حاتم بن أبي صغيرة
أن عمرو بن دينار ، قال : البراء بن عازب أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتبايع بالسوق فقال : يا معشر التجار إنكم تكثرون الحلف فاخلطوا بيعكم هذا بالصدقة ، فسمانا يومئذ التجار .
[ ص: 331 ] قال : فكان ذلك أيضا كما قد رويناه قبله وكان الكلام فيه كالكلام فيما تكلمنا به فيما رويناه قبله . أبو جعفر
وقد روي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه آخر بين فيه من أرادهم من التجار واستثنى من لم يرده منهم بذلك القول .
2083 - كما حدثنا ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي علي بن قادم ، قال : حدثنا ، عن سفيان عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن رفاعة ، وقال : مرة ابن عبيد بن رفاعة ، عن أبيه ، عن جده ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فقال : يا معشر التجار حتى اشرأبوا له فقال : إن التجار يحشرون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وصدق وبر ، [ ص: 332 ] فبين لنا هذا الحديث التجار المعنيين بما في الأحاديث الأول وأنهم غير التجار الذين يستعملون في تجاراتهم الصدق والتقى والبر ، وبالله التوفيق .
وقد روي عن رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى . علي بن أبي طالب
[ ص: 333 ]
2084 - ما قد حدثنا أبو أيوب عبيد الله بن عمران الطبراني ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، عن عباد بن العوام ، عن أبان بن تغلب ثعلبة بن يزيد بن ثعلبة ، عن رضي الله عنه ، قال : علي علي لا تكن فتانا ولا تاجرا إلا تاجر خير ولا جابيا ، فإن أولئك مسوفون في العمل قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ، [ ص: 334 ] فكان في هذا الحديث تبيان التاجر المذموم وأنه المسوف في العمل وهو الذي تشغله تجارته عن العمل ، فيكون بذلك بخلاف من حمد الله من التجار في كتابه بقوله : رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة الآية .
فعقلنا بذلك أن هؤلاء التجار المؤمنين محمودون ، وأن التجار الذين على خلاف ما هم عليه من هذا هم المذمومون ، والله تعالى نسأله التوفيق .