[ ص: 244 ] باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستئذان كم هو من مرة .
1578 - حدثنا ، قال : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، أن بكير بن الأشج حدثه أنه سمع بسر بن سعيد يقول : أبا سعيد الخدري فجاء أبي بن كعب مغضبا حتى وقف ، فقال : أنشدكم الله ، هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { الاستئذان ثلاث ، فإن أذن لك وإلا فارجع } ، فقال أبو موسى الأشعري أبي : وما ذاك ؟ قال : استأذنت على رضي الله عنه أمس ثلاث مرات فلم يؤذن لي فرجعت ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئته أمس فسلمت ثلاثا ثم انصرفت ، فقال : قد سمعناك ونحن حينئذ على شغل ، فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك . قال : استأذنت كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ، فقال : والله لأضربن بطنك وظهرك ، أو لتأتيني بمن يشهد لك على هذا ، فقال عمر بن الخطاب : فوالله لا يقوم معك إلا أحدثنا سنا الذي يجيبك ، قم يا أبي بن كعب ، فقمت حتى أتيت أبا سعيد عمر رضي الله عنه ، فقلت : قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا كنا في مجلس عند .
[ ص: 245 ]
1579 - حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا أسود بن عامر ، قال : حدثنا شعبة الجريري وسعيد - قال : يعني ابن يزيد الأزدي أبا مسلمة - قالا سمعنا أبو جعفر يحدث ، عن أبا نضرة قال أبي سعيد فاستأذن على أبو موسى واحدة ، ثم استأذن الثانية ثم استأذن الثالثة فلم يأذن له فرجع ، فقال له عمر بن الخطاب : لتأتيني على ما قلت ببينة أو لأفعلن بك ، قال : فأتى عمر بن الخطاب الأنصار ، فقال : ألستم تعلمون ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع } ، فقالوا : لا يشهد لك إلا أصغرنا . قال أبو سعيد :فأتيته فحدثته جاء .
1580 - وحدثنا ، قال : حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : أخبرنا عبد الله بن خيران البغدادي ، ثم ذكر بإسناده مثله ، وزاد : [ ص: 246 ] شعبة فحدثته وإن قميصه ليصيب رأسي .
1581 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عبيد بن عمير استأذن على أبا موسى عمر رضي الله عنه وكان مشغولا ببعض الأمر فلما فرغ قال : ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ؟ قالوا : رجع . قال ردوه فجاء ، فقال : ما هذا ؟ قال كنا نؤمر بهذا في الاستئذان ثلاثا . قال لتأتيني على هذا ببينة أو لأفعلن ولأفعلن . قال : فجاء إلى مجلس الأنصار فأخبرهم ، فقالوا : لا يقوم معك إلا أصغرنا ، فقام معه ، فجاء فقال : نعم ، فقال أبو سعيد الخدري عمر : أخفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وشغلني التسويف بالأسواق ؟ أن
قال إبراهيم : وجدت على ظهر كتابي : وشغلني التصفيق بالأسواق .
[ ص: 247 ] قال : وهذا عندنا غير مخالف لحديث أبو جعفر من ذكر السلام الذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب ، والذي في حديث أنس بن مالك ، فقد كان من أنس بن مالك أبي موسى قبل استئذانه ، وترك نقل ذلك رواة هذه الآثار لعلمهم بأن من السنة أن يبدأ بالسلام قبل الاستئذان ، والدليل على ذلك .
1582 - أن فهد بن سليمان حدثنا ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل ، عن عبد السلام بن حرب طلحة بن يحيى القرشي ، عن ، عن أبي بردة ، قال : أبي موسى عمر رضي الله عنه فقلت : السلام عليكم ، أيدخل عبد الله بن قيس ؟ فلم يؤذن لي ، فقلت : السلام عليكم ، أيدخل عبد الله بن قيس ؟ فلم يؤذن لي فرجعت ، فانتبه عمر رضي الله عنه ، فقال : علي أبا موسى فأتى ، فقال : أنى ذهبت ؟ فقلت استأذنت ثلاثا ، فلم يؤذن لي فرجعت ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ليستأذن الرجل المسلم على أخيه ثلاثا فإن أذن له وإلا رجع } . قال : لتجئني على ما قلت بشاهد ، أو لينالنك مني عقوبة . قال : فخرجت فلقيت فأخبرته ، فقال : نعم فجاء فأخبره ، فقال له أبي بن كعب عمر رضي الله عنه : يا أبا الطفيل سمعت ما قال أبو موسى من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : نعم ، وأعوذ بالله عز وجل أن تكون عذابا [ ص: 248 ] على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، قال : وأعوذ بالله من ذلك . جئت باب
قال : فدل ما ذكرنا ، أن أبو جعفر أبا موسى قد كان ابتدأ بالسلام قبل الاستئذان ونحن نحيط علما ، أن أبا موسى لم يفعل ذلك رأيا ولا استنباطا ، ولكنه فعله توقيفا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه عليه ؛ لأن مثل هذا لا يؤخذ من جهة الرأي ولا استنباطا وإنما يؤخذ من جهة التوقيف ، والتوقيف فمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجد وقد قال الله عز وجل في كتابه : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها والاستئناس هاهنا هو الاستئذان كذلك ، هو في لغة أهل اليمن موجود فيها إلى الآن ، وقد ذكر ذلك ، فقال : تقول العرب : استأنس فانظر هل ترى في الدار أحدا ، بمعنى : استأذن هل ترى في الدار أحدا . الفراء
فقال قائل : ففي الآية التي تلونا تقديم الاستئناس على السلام وفي حديث أبي موسى تقديم السلام على الاستئذان .
[ ص: 249 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه ، أن الذي في الآية التي تلونا عندهم على التقديم والتأخير كمثل ما في قوله عز وجل : من بعد وصية يوصي بها أو دين على التقديم والتأخير ، وكمثل ما في قوله عز وجل يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين على التقديم والتأخير ؛ لأن الركوع في الصلوات قبل السجود فيها .
وقد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث { كلدة لما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بغير إذن ، فقال : له النبي صلى الله عليه وسلم اخرج أو ارجع ، ثم قل : السلام عليكم ، أأدخل ؟ } وفي ذلك دليل على ما ذكرنا والله أعلم .
وقد روي ، عن عبد الله بن عباس في الاستئناس .
ما قد حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن شعبة ، عن جعفر بن إياس ، عن مجاهد ابن عباس لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها قال : أخطأ الكاتب إنما هو حتى تستأذنوا . في قوله عز وجل
[ ص: 250 ] وما قد حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن زياد ، قال : حدثنا ، ثم ذكر بإسناده نحوه . شعبة
وما قد حدثنا أحمد بن داود ، قال : حدثنا ، قال : [ ص: 251 ] حدثنا سهل بن بكار ، عن أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، قال : ابن عباس . الاستئناس هو الاستئذان وهو فيما أحسب أخطأت يد الكاتب
والله نسأله التوفيق .