[ ص: 445 ] 472 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذبحه من لا يملكه من الأنعام بغير إذن مالكه هل يكون ذلك ذكاة له يحل أكله أم لا ؟
2992 - حدثنا علي بن شيبة ، جميعا قالا : حدثنا ويزيد بن سنان ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن يحيى بن سعيد ، عن نافع رضي الله عنهما ابن عمر أن جارية لآل كعب بن مالك كانت ترعى غنما لهم ، فخافت على شاة منها أن تموت ، فأخذت حجرا ، فذبحتها به ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمرهم بأكلها .
[ ص: 446 ]
2993 - حدثنا فهد ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم الأزدي ، عن صخر بن جويرية ، عن نافع رضي الله عنهما ابن عمر كعب النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فأمره أن يأكلها أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنما لهم ، فأرادت شاة منها أن تموت ، فذكتها بمروة ، فسأل .
[ ص: 447 ] قال : ففي هذا الحديث إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو جعفر لكعب بن مالك أكل شاته التي ذبحتها جارية بغير أمره ، ففي ذلك ما قد دل [ ص: 448 ] أن الحكم فيما ذبحه رجل من الأنعام بغير إذن مالكه أن ذلك ذكاة له .
فقال قائل : هذا حديث مضطرب الإسناد لم يروه كما ذكرت عن نافع إلا يحيى بن سعيد ، وصخر بن جويرية ، فأما من سواهما من رواة نافع ، فرووه عن نافع بخلاف هذا الإسناد من الأسانيد التي لا تقوم الحجة بأمثالها .
2994 - وذكر ما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، أيوب ، وقتادة ، عن وعبيد الله بن عمر نافع كعب بن مالك سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مملوكة ذبحت شاة بمروة ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكلها أن .
2995 - حدثنا ، قال : أنبأنا يونس بن عبد الأعلى أن عبد الله بن وهب أخبره ، عن مالكا ، عن نافع مولى ابن عمر رجل من الأنصار ، عن معاذ بن سعد ، أو عن سعد بن معاذ ، أنه أخبره أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنما له بسلع فأصيبت شاة منها ، فأدركتها فذبحتها بحجر ، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : لا بأس بها فكلوها .
[ ص: 449 ]
2996 - وما قد حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا حجاج بن منهال ، عن جرير بن حازم قال : سمعت نافع رجلا من الأنصار يحدث ابن عمر كعب النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : كلوها أن أمة لكعب بن مالك كانت ترعى غنما له بسلع فعرض لشاة منها ، فخشيت عليها أن تموت ، فذبحتها بمروة ، فأتت بها أهلها ، فسأل .
2997 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا يحيى بن عثمان ، قال : أنبأنا نعيم ، قال : أنبأنا ابن المبارك ، عن موسى بن عقبة أنه : سمع نافع رجلا من الأنصار يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن [ ص: 450 ] جارية لكعب بن مالك ، ثم ذكر مثله .
2998 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، قال : أنبأنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن إسحاق قال : سمعت نافع رجلا من الأنصار يحدث ابن عمر ، ثم ذكر مثله . أن جارية لآل كعب بن مالك
2999 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثني عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث أنه سمع نافع رجلا من الأنصار يخبر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله . عبد الله بن عمر
3000 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان المرادي شعيب بن الليث ، قال : حدثنا ، ثم ذكر بإسناده مثله . الليث
[ ص: 451 ] فكان ما قد رويناه قد رجع إلى ثمانية يروونه عن نافع على ما قد ذكرناه عنهم في هذه الأسانيد التي لا تقوم الحجة بأمثالها ، ويخالفون يحيى بن سعيد ، وصخر بن جويرية فيما روياه عن نافع عليه ، وثمانية أولى بالحفظ من اثنين .
قال هذا القائل : فهل نجد في هذه السنة أصلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد مقبول يوجب ما تذهبون إليه في هذا المعنى من حل هذه المذبوحة بغير أمر مالكها ، وإلا فقد وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنع من أكله مثلها .
3001 - فذكر ما قد حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن سماك بن حرب ثعلبة بن الحكم قال : أصاب الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما فانتهبوها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تصلح النهبة ، وأمر بالقدور فأكفئت .
3002 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد بن موسى ، قال : حدثني يحيى بن زكريا بن أبي زائدة أبي وغيره ، عن ، [ ص: 452 ] عن سماك بن حرب ثعلبة بن الحكم قال : أصبنا يوم خيبر غنما ، فانتهبناها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدورهم تغلي ، فقالوا : إنها نهبة ، فقال : أكفؤوا القدور وما فيها ، فإن النهبة لا تحل .
3003 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن جعفر الذهلي ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، عن زكريا بن عدي ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن زيد بن أبي أنيسة ، عن قيس بن مسلم ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبيه قال : شهدت فتح خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما هزمناهم وقعنا في رحالهم ، فأخذنا ما كان فيها من حرز فلم ألبث أن فارت القدور ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفئت .
قال : ففي هذه الآثار أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور بما فيها من اللحم إذ كانت نهبة ، ففي ذلك ما دل أن ما ذبح على مثل هذه الحال لا يكون ذكيا ، ولا يحل أكله .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الآثار التي ابتدأنا بذكرها في الفصل الأول من هذا الباب قد دخل أسانيدها من الاضطراب ما قد ذكرناه فيها ، وأن الآثار التي ذكرناها في الفصل الثاني منه من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإكفاء القدور باللحم الذي كان فيها [ ص: 453 ] من الغنم إذ كانت نهبة ، فقد يحتمل أن يكون ذلك لا لأنه كان حراما بالنهبة ، ولكن كان عقوبة للمنتهبين ؛ لأن ذلك كان في وقت كانت العقوبات على الذنوب تكون في أموال المذنبين ، كما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مانع الزكاة : من أعطاها مؤتجرا كان له أجرها ، ومن لا فإنا آخذوها وشطر ماله ، عزمة من عزمات ربنا عز وجل ، ليس لآل محمد صلى الله عليه وسلم منها شيء ، وسنذكر ذلك فيما بعد من كتابنا هذا في موضع هو أولى من هذا الموضع إن شاء الله .
فأما ما سألت عنه من حديث كعب بن مالك ، وهل جاء من وجه صحيح غير الوجوه التي ذكرتها في هذا الباب ، فإنا قد وجدناه من وجه غير تلك الوجوه مما لا مطعن فيه .
3004 - وهو ما قد حدثنا ، عن موطأ يونس بعد أن حدثنا فيه عن عبد الله بن وهب ابن وهب ، عن مالك بحديث نافع ، عن رجل من الأنصار ، الذي أخبر في جارية بما أخبر به ، ومن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم آل كعب بأكلها وإخباره إياهم أن لا بأس بها ، فقال : أخبرنا ، قال : حدثني عبد الله بن وهب ، عن أسامة ، يعني : ابن [ ص: 454 ] زيد الليثي ، عن ابن شهاب عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها ، فلم ير بها بأسا .
قال : فهذا حديث صحيح الإسناد فيه إطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو جعفر لآل كعب أكل هذه الشاة ، وإن كانت ذبحت بغير أمره .
قال : وفي الباب أيضا حديث آخر من حديث أبو جعفر عاصم بن كليب الجرمي ، عن أبيه ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الشاة التي ذبحت بغير أمر مالكها وشويت ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إطعامها الأسارى ، وسنذكر ذلك فيما بعد من كتابنا هذا إن شاء الله .
قال : ففي هذين الحديثين ما قد دل على إطلاق أكل لحم مثل هذه ، وإن كانت قد ذكيت بغير أمر مالكها مع قول فقهاء الأمصار جميعا بما قد وافق ما في هذين الحديثين ، وخالف ما قاله هذا القائل ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق . أبو جعفر