808 - حدثنا ، حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا عفان ، حدثنا وهيب بن خالد ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن النبي عليه السلام قال : أنس أبو بكر ، وأشدهم في أمر الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقرؤهم لكتاب الله ، وأفرضهم أبي بن كعب ، وأعلمهم بالحلال والحرام زيد بن ثابت ، ألا وإن لكل أمة أمينا ، ألا وإن أمين هذه الأمة معاذ بن جبل أبو عبيدة بن الجراح أرحم أمتي بأمتي .
[ ص: 280 ]
809 - حدثنا ، حدثنا أبو أمية ، حدثنا قبيصة بن عقبة ، عن سفيان ، خالد الحذاء ، عن وعاصم ، عن أبي قلابة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكر مثله غير أنه لم يذكر في حديثه : وأقرؤهم لكتاب الله أنس . أبي بن كعب
810 - حدثنا ، حدثنا أبو أمية خلف بن الوليد العتكي ، حدثنا ، حدثنا الأشجعي ، عن سفيان ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن النبي عليه السلام ... مثله غير أنه قال : أنس زيد وأعلمها بالحلال والحرام معاذ وأفرضها .
فسأل سائل عن المراد بما ذكر به كل واحد من أبي وزيد ومعاذ في هذا الحديث ، وهل يوجب ذلك له أن يكون في معناه الذي ذكر به فوق الخلفاء الراشدين المهديين ، ومن سواهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين ؟
[ ص: 281 ] فكان جوابنا له في ذلك : أن من جلت رتبته في معنى من المعاني جاز أن يقال : إنه أفضل الناس في ذلك المعنى ، وإن كان فيهم من هو مثله أو من هو فوقه .
ومن ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قاله لعلي : إنه يقتله أشقاها ، يريد البرية .
811 - كما حدثنا أحمد بن داود بن موسى ، حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، حدثنا ، عن يونس بن بكير . محمد بن إسحاق
وكما حدثنا ، أخبرني أحمد بن شعيب محمد بن وهب ، حدثنا ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن ابن إسحاق يزيد بن محمد بن خثيم ، عن ، عن محمد بن كعب القرظي محمد بن خثيم ، عن قال : عمار بن ياسر وعلي رفيقين في غزوة - ذكرها أحمد بن داود في حديثه ولم يذكرها - فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها ، رأينا ناسا من أحمد بن شعيب بني مدلج يعملون في عين لهم أو في نخل ، فقال لي علي : يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون ؟ قال : قلت : إن شئت ، فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ، ثم غشينا النوم ، فانطلقت أنا وعلي حتى اضطجعنا في ظل صور من النخل وفي دقعاء من التراب فنمنا ، فوالله ما نبهنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء التي نمنا فيها ، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : ما لك يا أبا تراب ، لما يرى عليه من التراب ، ثم قال : ألا أحدثكما بأشقى الناس ؟ قلنا : [ ص: 282 ] بلى يا رسول الله ، قال : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه - ووضع يده على قرنه - حتى يبل منها هذه ، وأخذ بلحيته كنت أنا .
[ ص: 283 ] [ ص: 284 ] ثم من ذلك أيضا ما قد روي عن علي مما لم يضفه إلى النبي عليه السلام غير أنا نعلم أنه لم يقله رأيا ولا استخراجا ولا استنباطا ، إذ كان مثله لا يقال بالرأي ولا بالاستخراج ولا بالاستنباط ، ونحيط علما أنه قال ذلك لأخذه إياه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 285 ] كما حدثنا فهد ، حدثنا ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا فطر بن خليفة قال : أبو الطفيل الناس إلى البيعة ، فجاء علي عبد الرحمن بن ملجم فرده مرتين ، ثم قال : ما يحبس أشقاها ، ليخضبن أو ليضعن هذا من هذه ، للحيته من رأسه ، ثم تمثل بهذين البيتين : [ ص: 286 ]
اشدد حيازيمك للموت فإن الموت آتيكا ولا تجزع من القتل
إذا حل بواديكا
ومن ذلك ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج الذين منهم ابن ملجم .
812 - كما حدثنا محمد بن سنان الشيزري ، حدثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، حدثنا ، عن أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني ، عن الأوزاعي ، عن قتادة { عن النبي عليه السلام - أنس في وصفه الخوارج بالصلاة والصوم - ثم قال : يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، شرار الخلق والخليقة } .
[ ص: 287 ]
813 - وكما حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، عن بشر بن بكر ... ثم ذكر بإسناده مثله . الأوزاعي
وقد علمنا أن من نحل لله ولدا أو أشرك به وقتل أنبياءه وكذب رسله شر من هؤلاء ، لما عظم ما كان منهم وجل ، جاز بذلك أن يقال هم شر الخلق والخليقة وجاز لمن تفرد منهم بما تفرد به في علي أن يقال : هو أشقى البرية ، وإن كان فيها من هو في الشقوة مثله ، أو من هو في الشقوة فوقه .
فمثل ذلك ما ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل واحد من أبي ومن زيد ومن معاذ في الحديث الذي رويناه في صدر هذا الباب ، جاز إطلاق ذلك له على ما في الحديث لجلالة مقداره في المعنى الذي أضيف إليه فيه ، ولعلو رتبته فيه ، وإن كان قد يجوز أن يكون في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من هو في ذلك المعنى مثله ومن هو فوقه في ذلك المعنى ، وهذا لسعة اللغة ولعلم المخاطبين بذلك مراد [ ص: 288 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم بما خاطبهم به فيه ، ولولا أن ذلك كذلك ما جاز أن يقال لمن عظمت رتبته في العلم وجل مقداره فيه إنه أعلم الناس إذ كان الذي يقول ذلك له لا يعرف الناس جميعا ولا يقف على مقادير علومهم ، وإذا جاز له ذلك مع تقصيره عن معرفة الناس جميعا وعن معرفة مقدار علومهم إذ كان لا يعرف منهم مثل الذي وصفه مما وصفه به كان ذلك مما قد عقلنا به أن المراد بمثله من يعرفه قائل ذلك القول ، وأنه جاز له جمع الناس جميعا في قوله وأن ذلك على المجاز لا على الحقيقة .