[ ص: 25 ] 659 - باب بيان مشكل ما اختلف فيه أهل العلم من إباحة إتمام الصلاة في السفر للمسافر ومن منعه من ذلك بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه
4258 - حدثنا فهد ، حدثنا ، حدثنا أبو نعيم العلاء بن زهير الأزدي ، حدثنا ، عن عبد الرحمن بن الأسود رضي الله عنها عائشة المدينة إلى مكة ، حتى إذا قدمت مكة قالت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي قصرت وأتممت وصمت وأفطرت ! قال : " أحسنت يا عائشة أنها اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ، وما عاب ذلك عليها [ ص: 26 ] فكان ظاهر هذا الحديث على أن كانت قد قصرت الصلاة مرة وأتمتها مرة ، فكان ذلك مما احتج من أباح للمسافر إتمام الصلاة في سفره . عائشة
4259 - غير أن ابن أبي مريم حدثنا هذا الحديث ، عن فقال فيه : حدثنا الفريابي ، حدثنا الفريابي العلاء بن زهير ، حدثني ، عن عبد الرحمن بن الأسود رضي الله عنها قالت : عائشة مكة قلت : يا رسول الله ، أفطرت وصمت ، وقصرت وأتممت خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة رمضان ، فأفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصمت ، وقصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتممت ، فلما قدمنا . ولم يذكر في حديثه غير هذا .
فدل ذلك أن التقصير كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الإتمام كان من رضي الله عنها ، واحتجنا إلى أن نقف على سماع عائشة عبد الرحمن من ، إذ كان عامة أحاديثه التي ترجع إلى عائشة إنما هي عن أبيه عنها ، فنظرنا في ذلك . عائشة
فوجدنا فهدا قد حدثنا قال : حدثنا ، حدثنا أبو نعيم العلاء بن [ ص: 27 ] زهير ، حدثني قال : عبد الرحمن بن الأسود بغير إذن ، حتى إذا احتلمت سلمت واستأذنت ، فعرفت صوتي ، فقالت : هي يا عدي نفسه ، فعلتها ؟ ! قلت : نعم يا أماه ، قالت : ادخل يا بني ، فأقبلت ، فسألتني عن أبي وأصحابه ، فأخبرتها ، ثم سألتها عما أرسلوني به إليها عائشة . كنت أدخل على
فكان في هذا الحديث تثبيت سماع عبد الرحمن من . عائشة
ثم تأملنا ما في حديثه هذا ، فوجدناه بعيدا من القلوب ، إذ كان قد روى عن من موضعه في صحبتها وفي الأخذ عنها وفي الفقه والجلالة وقبول الرواية فوق ما له من ذلك ، وهما عائشة مسروق بن الأجدع وعروة بن الزبير .
4260 - كما حدثنا ، حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا أبو عمر الحوضي مرجى بن رجاء ، حدثنا ، عن داود وهو ابن أبي هند ، عن الشعبي ، عن مسروق رضي الله عنها قالت : عائشة المدينة صلى إلى كل صلاة مثلها غير المغرب ; فإنها وتر النهار ، وصلاة الصبح لطول قراءتها ، وكان إذا سافر عاد إلى صلاته الأولى أول ما فرضت الصلاة ركعتين [ ص: 28 ] ركعتين ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
4261 - وكما حدثنا ، أنبأنا يونس أن ابن وهب أخبره ، عن مالكا ، عن صالح بن كيسان ، عن عروة قالت : عائشة فرضت الصلاة أول ما فرضت ركعتين ، فأقرت [ ص: 29 ] صلاة السفر ، وزيد في صلاة الحضر .
4262 - وكما حدثنا صالح بن عبد الرحمن الأنصاري ، حدثنا ، حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي . ثم ذكر بإسناده مثله . مالك
4263 - وكما حدثنا عبد الغني بن أبي عقيل ، حدثنا ، عن سفيان بن عيينة ، عن ابن شهاب ، [ ص: 30 ] عن عروة عائشة : فقلت ابن شهاب لعروة فما بال كانت تتم في السفر ؟ قال : إنها تأولت ما تأوله عائشة عثمان رضي الله عنهما أن الصلاة أول ما فرضت ركعتان ، فأقرت صلاة السفر ، وأتمت صلاة الحضر ، قال .
فكان فيما روينا عن مسروق وعن عروة ، عن ما قد حقق أن فرض الصلاة في السفر ركعتان ، كما فرضها في الحضر أربع ركعات ، وكان من صلى الظهر في الحضر ثمانيا غير محسن عند أحد من أهل العلم ; لأنه خلط فرضه في صلاته بغيره مما ليس منها ، فكان مثل ذلك من صلى الظهر في سفره أربعا كذلك ; لأنه خلط فرضه في صلاته بما ليس منه . عائشة
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاوية الذي قد رويناه عنه فيما تقدم منا من كتابنا هذا فيمن صلى صلاة مكتوبة ، ثم أراد أن يصلي بعدها أن لا يفعل حتى يقوم أو يتكلم ، فإذا كان هذا النهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم للمصلي وقد سلم من صلاته ، كان نهيه لمن فعل ذلك ولم يسلم من صلاته أوكد ، وكان فاعل ذلك في خلافه إياه فيما أمر به [ ص: 31 ] مما ذكرناه أكثر .
ولعائشة كانت لعلمها ولمعرفتها ولموضعها من الإسلام بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في فعله على ما يجب أن يكون عليه مثلها ، وكيف وقد وافقها فيما روت عنه صلى الله عليه وسلم في فرض الصلاة في السفر عبد الله بن عباس . ؟
4264 - كما حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، حدثنا أسد ، حدثنا حاتم بن إسماعيل قال : سألت أسامة بن زيد طاوسا عن التطوع في السفر ، فقال : وما يمنعك ؟ فقال الحسن بن مسلم : أنا أحدثك ، أنا سألت عن هذا ، فقال : قال طاوسا : ابن عباس فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين . فكما يتطوع هاهنا قبلها ومن بعدها ، فكذلك يصلي في السفر قبلها وبعدها .
[ ص: 32 ] ففي حديث رضي الله عنهما هذا أن فرض الصلاة في السفر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان ، وكان معقولا أن من زاد على فرضه في صلاته في السفر كمن زاد على فرضه في صلاته في الحضر ، وإذا كان ذلك غير محمود من فاعله في الحضر كان غير محمود أيضا من فاعله في السفر ، فانتفى بذلك حديث ابن عباس عبد الرحمن الذي ذكرنا ، وثبت عن رضي الله عنها حديثا عائشة مسروق وعروة اللذان ذكرنا . والله نسأله التوفيق .