[ ص: 249 ] 572 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله لأبي بن كعب : أمرت أن أقرأ عليك القرآن ، أو : أمرت أن أقرئك القرآن
3620 - حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عفان بن مسلم ، قال : أخبرني عبد الله بن المبارك الأجلح ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي بن كعب قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون . بالتاء جميعا أمرت أن أقرأ عليك القرآن ، قال : قلت : سماني لك ربك عز وجل ؟ قال : نعم . فقرأ علي : .
[ ص: 250 ] [ ص: 251 ]
3621 - حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا الهيثم بن جميل ، ثم ذكر بإسناده مثله . ابن المبارك
قال : فكان في هذا الحديث إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيا رضي الله عنه أنه أمر أن يقرأ عليه القرآن ، وقد روي أن الذي كان قاله له خلاف ما في هذا الحديث .
3622 - حدثنا ابن أبي مريم ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا الفريابي ، عن سفيان أسلم المنقري ، عن ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، [ ص: 252 ] عن أبيه رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي بن كعب بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا أنزلت علي سورة ، وأمرت أن أقرئكها ، قال : قلت له : ففرحت ؟ قال : وما يمنعني وهو يقول : .
قال : فكان في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمر أن يقرئه سورة من القرآن أنزلت عليه ، وكان إسناد هذا الحديث أحسن إسنادا من الحديث الذي قبله ، لجلالة أسلم المنقري وعلو قدره في الرواية على قدر الأجلح [ ص: 253 ] فيها ، ولعلو سعيد بن عبد الرحمن في ذلك على عبد الله بن عبد الرحمن وشهرته ، وكثرة رواياته .
3623 - وحدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا عفان ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة : أنس بن مالك أبيا فقال : إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن . قال : الله عز وجل سماني لك ؟ فقال : الله عز وجل سماك لي . فجعل يبكي . قال قتادة : ونبئت أنه قرأ عليه : لم يكن الذين كفروا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا .
[ ص: 254 ] قال : فكان في هذا الحديث من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبو جعفر أبي ، فوافق الحديث الأول ، وكان فيه أن الذي قرأ عليه سورة من القرآن وهي : لم يكن ، فكان بذلك قارئا عليه القرآن .
3624 - وحدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن مرزوق أيضا ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد عمار بن أبي عمار ، قال : سمعت أبا حبة البدري يقول : لم يكن الذين كفروا . إلى آخرها ، فقال جبريل صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ، إن ربك عز وجل يأمرك أن تقرئها أبيا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي : إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه [ ص: 255 ] السورة ، قال أبي : وذكرت ثم يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فبكى أبي لما نزلت : .
قال : فكان في هذا الحديث أن الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرئه أبو جعفر أبيا من القرآن إنما هو سورة منه من القرآن ، وهذا جائز في اللغة أن يطلق عليه اسم القرآن موجود في كتاب الله ، فمنه قوله عز وجل : وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا . وقوله : فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم . وقوله : وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن . وإنما كان ذلك على ما سمعوه منه لا على كله ، وقد روينا عن فيما تقدم منا في كتابنا هذا أن الذي كانوا سمعوه منه هو ما كان يقرؤه في صلاة الصبح ، فإن لم يكن ذكرناه ، فسنذكره فيما بعد من كتابنا هذا إن شاء الله . ابن عباس
وإنما حملناه على ذكر ما جئنا به في هذا الباب أن كان ذكر لنا عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه قال له : أدل الأشياء على أن لا سجود في المفصل من القرآن حديث الشافعي أبي في جوابه ، لما سأله عن السجود في المفصل ، فأعلمه أن لا سجود فيه . عطاء بن يسار
[ ص: 256 ]
وما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا أبو نعيم داود بن قيس الفراء ، عن ، عن زيد بن أسلم ، عطاء بن يسار : أفي شيء من المفصل سجدة ؟ قال : لا أبي بن كعب . أنه سأل
قال : فأبي قد قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ، فمر بمواضع السجود فوقف على ما سجد فيه منه ، وعلى ما لم يسجد فيه منه ، فكان نفيه أن يكون في المفصل سجود ما قد دل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن سجد فيه في قراءته إياه عليه ، فنقلنا ذلك إلى ابن أبي عمران ، فقال : هذا كلام فاسد ; لأنه لو كان ما حكاه عن أبي ينفي أن يكون في المفصل سجود ; لكان ما روي عن من السجود في المفصل أدل على أن فيه سجودا من ذلك ; لأن عبد الله بن مسعود أبيا وإن كان قد قرأ عليه القرآن أو أقرأه القرآن على ما قد قيل فيما قرأه عليه ، أو فيما أقرأه إياه منه مما يوجب أن بعض القرآن لا كله ، إذ كان قد حضر عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن على ابن مسعود جبريل صلى الله عليه وسلم ، وهي آخر عرضة عرضها عليه .
[ ص: 257 ]
3625 - وذكر ما قد حدثنا فهد بن سليمان ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، قال : حدثنا ، شريك بن عبد الله النخعي ، وأبو معاوية ، عن ووكيع ، عن الأعمش ، قال : أبي ظبيان : أي القراءتين تقرأ ؟ قلت : القراءة الأولى قراءة عبد الله بن عباس . فقال لي : بل هي الآخرة ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على ابن أم عبد جبريل صلى الله عليه وسلم في كل عام مرة ، فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين ، فحضر ذلك ، فعلم ما نسخ وما بدل عبد الله بن مسعود قال لي .
فكان معنا في في حضوره تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن كله على ابن مسعود جبريل صلى الله عليه وسلم ، والذي مع أبي عبد الله - يعني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم - فيما قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أو فيما أقرأه [ ص: 258 ] إياه من القرآن ، ما قد روي أنه بعضه لا كله ، وقد يحتمل لو كان قرأ عليه القرآن فلم يسجد أن يكون لم يسجد وله أن يسجد ، فكيف وإنما ذكر أنه قرأ عليه منه ما لا سجود فيه ، وقد وجدنا عن السجود في المفصل ، أو فيما روي عنه من السجود فيه . ابن مسعود
فذكر ما قد حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا يحيى بن حماد ، عن أبو عوانة ، عن سليمان ، عن إبراهيم ، قال : الأسود عمر بن الخطاب يسجدان في : وعبد الله بن مسعود إذا السماء انشقت . رأيت
فكان في هذا سجود عبد الله في المفصل ، ولا يجوز أن يسجد في غير موضع سجوده ، وقد يجوز أن يترك السجود في موضع السجود ، فإن كان في حديث أبي في نفي السجود في المفصل لأبي عبد الله دلالة على أن لا سجود فيه ، فما معنا عن مما فيه إثبات السجود فيه أدل على أنه موضع السجود ; لما قد ذكرناه . ابن مسعود
قال : وما وجدنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سجود التلاوة مما قد صح عندنا عنه إلا فيما في المفصل منها لا فيما سواه من [ ص: 259 ] القرآن ، وغنينا أن نأتي بما عن أبو جعفر ابن مسعود وابن عمر من سجود رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ; لأن قد قال فيه ما قد ذكرناه عنه في هذا الباب ، والله عز وجل نسأله التوفيق . ابن عباس