[ ص: 466 ] 925 - باب بيان مشكل ما روي عن عبد الله بن عباس مما يعلم يقينا أنه لم يقله رأيا ، وإنما قال توقيفا : لا وحي إلا القرآن .
حدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا ، حدثنا أبو نعيم ، عن سفيان ، قال : سمعت عبد العزيز بن رفيع يقول : ابن عباس . لا وحي إلا القرآن
فقال قائل : كيف تقبلون مثل هذا عن ، وأنتم تروون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالفه ، وهو في إخبار الناس ما يوحيه الله إليه سوى القرآن ؟ ابن عباس
5762 - وذكر في ذلك ما قد حدثنا ، حدثنا بحر بن نصر ، حدثني عبد الله بن وهب ، عن معاوية بن صالح عيسى بن عاصم ، عن ، عن زر بن حبيش ، قال : أنس بن مالك صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ، فبينما هو في الصلاة مد يده ثم أخرها ، فلما فرغ من الصلاة ، قلنا : يا رسول الله صنعت في صلاتك هذه ما لم تكن تصنعه في [ ص: 467 ] صلاة قبلها ؟ قال : رأيت الجنة عرضت علي ، ورأيت فيها حبلة قطوفها دانية ، حبها كالدباء ، فأردت أن أتناول منها ، فأوحي إليها أن استأخري فاستأخرت ، ثم عرضت علي النار بيني وبينكم ، حتى رأيت ظلي وظلكم ، فأومأت إليكم أن استأخروا ، فأوحي إلي أن أقرهم ، فإنك أسلمت وأسلموا ، وهاجرت وهاجروا ، فلم أر لي عليكم فضلا إلا النبوة .
5763 - وما قد حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا حبان بن هلال ، حدثنا همام بن يحيى عن عطاء - يعني ابن أبي رباح - صفوان بن يعلى بن أمية : بالجعرانة ، قال : كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي ؟ قال : فأنزل على النبي عليه السلام ، قال صفوان : فقلت رضي الله عنه : وددت أني قد رأيت النبي عليه السلام قد أنزل عليه الوحي ، فلما غشيه الوحي ناداني ، وقال : يسرك أن تنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أنزل عليه الوحي ، فرفع طرف الثوب ، فنظرت إليه وله غطيط كغطيط البكر ، فلما سري ، عنه قال : أين السائل عن العمرة ؟ اخلع عنك الجبة ، واغسل عنك أثر الصفرة أو [ ص: 468 ] الخلوق ، واصنع في عمرتك ما صنعت في حجتك لعمر بن الخطاب أن رجلا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه جبة ، وعليه أثر خلوق أو صفرة ، وهو .
قال هذا القائل : ففي هذين الأثرين ذكر وحي قد كان أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس هو بقرآن .
فكان جوابنا له في ذلك : أن الذي رويناه عن معناه عندنا - والله أعلم - لم يكن على دفع ما في هذين الأثرين ، ولكنه جاء به على ما تخاطب العرب بعضها بعضا ، فيفهم المخاطبون لهم بها ، فكان يعني ابن عباس عندنا - والله أعلم - بقوله : لا وحي إلا القرآن ، يعني القرآن نفسه ، وما أمر به القرآن مما لم يقبله إلا بالقرآن ؛ لأن [ ص: 469 ] الله تعالى قال : ابن عباس وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، ويكون ذلك مراد ، كما كان من مراد ابن عباس - رضي الله عنه - مما خاطب به علي بن أبي طالب أبا جحيفة .
5764 - كما حدثنا ، حدثنا المزني . الشافعي
5765 - وكما حدثنا ، حدثنا الربيع المرادي ، قال أسد بن موسى المزني في حديثه عن : حدثنا الشافعي ، قال سفيان بن عيينة الربيع في حديثه عن أسد : حدثنا ، ثم اجتمعا ، فقالا : عن أسباط بن محمد ، عن مطرف بن طريف ، عن الشعبي ، قال : أبي جحيفة رضي الله عنه : هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن ؟ فقال : لا ، والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ما عندنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن ، إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن ، وما في الصحيفة ، قال : قلت : وما في الصحيفة ؟ قال : العقل وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر عليا سألت .
[ ص: 470 ] [ ص: 471 ] وكان علي قد قال هذا القول وحلف عليه بما حلف عليه به ومعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم من السنة ما قد كان معه التي منها الوحي الذي كان يوحى إليه صلى الله عليه وسلم سوى القرآن داخلا في القرآن الذي كان قبولهم إياه منه صلى الله عليه وسلم بأمر القرآن إياهم به ، فيكون مثل ذلك ما كان من من قوله : لا وحي سوى القرآن ، يريد به أن القرآن لما كان في أعلى مراتب الوحي التي منها القرآن ومنها غير القرآن ، قال من أجل ذلك هذا القرآن كما يقول الرجل : لا عالم سوى فلان . ابن عباس
وكما قال من قال : لا زاهد إلا عمر بن عبد العزيز ، لما كان منه من تركه ما كان صار إليه من الدنيا مما كان غيره لا يترك ما هو دونه ، وفي الدنيا زهاد كثير إلا أنهم لم يقدروا على مثل الذي قدر عليه منها عمر بن عبد العزيز ، فتزهدوا فيها كزهد عمر فيها .