[ ص: 75 ] 87 - باب بيان مشكل ما روي عنه عليه السلام من قوله : من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى
615 - حدثنا ، حدثنا ابن مرزوق ، عن أبو عاصم النبيل ، عن الحجاج الصواف ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة الحجاج بن عمرو الأنصاري قال : سمعت النبي عليه السلام يقول : من عرج أو كسر فقد حل وعليه حجة أخرى .
[ ص: 76 ]
616 - وحدثنا ابن خزيمة ، حدثنا ، أخبرني محمد بن عبد الله الأنصاري ، أخبرني الصواف ، عن يحيى ، عن عكرمة الحجاج قال : سمعت النبي عليه السلام يقول : .... فذكر مثله وزاد ، قال : فحدثت بذلك أبا هريرة ، فقالا : صدق . وابن عباس
617 - وحدثنا ، حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا يحيى الوحاظي ، عن معاوية بن سلام ، عن يحيى قال : قال عكرمة عبد الله بن رافع مولى أم سلمة : الحجاج بن عمرو ، عن من حبس وهو محرم ؟ فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من عرج أو كسر فقد حل وعليه حجة أخرى قال : فحدثت بذلك ابن عباس فقالا : صدق وأبا هريرة أنا سألت .
[ ص: 77 ] فقال قائل : كيف تقبلون هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن كسر أو عرج لا يخلو من أحد وجهين : أن يكون محصرا بذلك ، أو غير محصر به ، فإن كان محصرا به فحكم المحصر هو كما قال الله تعالى : فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي إلى قوله : أو نسك ، وإن كان بذلك غير محصر بقي على حرمه ولم يحل من شيء من ذلك ، فهذا الحديث أهل العلم جميعا على خلافه .
فكان جوابنا له في ذلك أن هذا الحديث ليس أهل العلم جميعا على خلافه كما ذكر ، إذ كان أهل العلم في الإحصار الذي له حكم الإحصار المذكور في كتاب الله تعالى على مذهبين : وأحدهما : أن ذلك الإحصار هو بكل حابس يحبس على النفوذ إلى البيت ، وممن كان يذهب إلى ذلك منهم : ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير .
كما حدثنا ، حدثنا ابن مرزوق ، حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، عن شعبة ، عن الحكم ، عن إبراهيم قال : عبد الرحمن بن يزيد النخع بعمرة يقال له : عمير بن سعيد ، فلدغ ، فبينا هو صريع في الطريق ، إذ طلع عليهم ركب فيهم فسألوه فقال : ابعثوا بالهدي واجعلوا بينكم وبينه يوم أمارة ، فإذا كان ذلك فليحل ابن مسعود ، قال أهل رجل من : وقال الحكم عمارة بن عمير : وكان حسبك به ، عن أن عبد الرحمن بن يزيد قال : ابن مسعود وعليه العمرة من قابل ، قال : وسمعت شعبة سليمان يعني الأعمش ، حدث به مثل ما حدث به الحكم سواء .
[ ص: 78 ] وكما حدثنا به محمد بن زكريا بن يحيى أبو شريح وعبد الله بن محمد بن أبي مريم قالا : حدثنا ، حدثنا الفريابي ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، علقمة : فحدثت به إبراهيم ، فقال : هكذا قال سعيد بن جبير ابن عباس . فإن أحصرتم ، قال : من حبس أو مرض ، قال
وكما حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي ونصر بن مرزوق قالا : حدثنا الخصيب بن ناصح ، حدثنا ، عن وهيب بن خالد قال : إسحاق بن سويد ، وهو يخطب يقول : يا أيها الناس ألا إنه والله ما التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون ، ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج أن يخرج الرجل حاجا فيحبسه عدو أو مرض أو أمر يعذر به حتى تذهب أيام الحج ، أو قال : تمضي أيام الحج ، إسحاق شك ، فيأتي عبد الله بن الزبير البيت فيطوف به ويسعى بين الصفا والمروة ويتمتع بحله إلى العام المقبل فيحج ويهدي ، فهذا أحد المذهبين . سمعت
[ ص: 79 ] والمذهب الآخر أن ذلك الإحصار لا يكون إلا بالعدو خاصة ، ثم أهل العلم من بعد ، فطائفة منهم على المذهب الأول ، منهم : أبو حنيفة والثوري وسائر فقهاء الكوفة ، وطائفة على المذهب الثاني : منهم مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز .
فكان فيما ذكرنا أن الحديث الذي رويناه في أول هذا الباب ليس كما ذكر هذا القائل من خلاف العلماء جميعا إياه .
فقال هذا القائل : فما معنى الكلام الذي فيه فقد حل ، وهم جميعا لا يقولون يحل إلا لمعنى باللغة بعد ذلك ، مما قد ذكرته في هذا الباب .
فكان جوابنا له في ذلك : أن ذلك الكلام كلام عربي صحيح ، وإنما المعنى فيه عندنا والله أعلم ، أي : فقد حل له أن يحل بما يحل به مما هو فيه من الإحرام كما يقال للمرأة إذا طلقت بعد دخول مطلقها بها فانقضت عدتها : قد حلت للأزواج ليس على معنى [ ص: 80 ] أنها قد حلت لهم كحل نسائهم اللاتي في عقود نكاحهم لهم ، ولكن قد حلت لهم بتزويج بالعقدية عليها حتى تعود بعده حلالا لهم كحل نسائهم اللاتي في عقود نكاحهم لهم حتى تعالى ذلك إلى قول الله تعالى ، وهو قوله جل ثناؤه : فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ليس أنها إذا نكحت زوجا غيره تعود حلالا له ، ولكنها تعود إلى حال يحل له فيها استئناف عقد النكاح عليها حتى تكون حلالا له ، فمثل ذلك قوله عليه السلام : من كسر أو عرج فقد حل ليس ذلك على أنه قد حل حلا خرج به من حرمه ، ولكنه سبب حل له به أن يفعل فعلا يخرج به من حرمه فقد عاد بما قد ذكرنا ما قد رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما وجدنا إلى أن لا استحالة فيه ولا خروج عن أقوال أهل العلم جميعا عنه .