[ ص: 27 ] 796 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رده حكم العائد في صدقته إلى العائد في قيئه ، من هو ؟
قد روينا في الباب الذي قبل هذا الباب منع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العود في الصدقة بما منع من العود فيها به ، فاحتمل أن يكون ذلك على أنه لا يحل للمتصدق بها ملكها ، واحتمل أن يكون ملكها يحل له مع الكراهة التي فيه ، فاحتجنا إلى الوقوف على الحقيقة في ذلك ، ما هي ؟
5030 - فوجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا المزني ، قال : حدثنا الشافعي ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، قال : سمعت أبيه يقول : عمر بن الخطاب حملت على فرس في سبيل الله ، فأضاعه الذي كان عنده ، فأردت أن أبتاعه منه ، وظننت أنه بائعه برخص ، فقال : لا تبتعه ، وإن أعطاكه بدرهم واحد ، ولا تعد في صدقتك ، فإن العائد في صدقته ، كالكلب يعود في قيئه .
[ ص: 28 ]
5031 - ووجدنا قد حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن سنان ، قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم قال : حدثني محمد بن جعفر - يعني ابن أبي كثير الأنصاري - ، قال : حدثني زيد بن أسلم ، عن أبي ، ثم ذكر مثله . عمر بن الخطاب
فكان في هذا الباب رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حكم العائد في صدقته إلى الكلب يعود في قيئه ، والكلب فغير متعبد بتحريم ولا تحليل كبني آدم المتعبدين بالتحريم والتحليل ، ومما تعبدوا به تحريم قيئهم عليهم ، وكان الكلب ليس كهم في ذلك ; لأن عوده في قيئه ، إنما هو كعوده في قذر لا عود في محرم عليه ، وفي ذلك ما قد دل أن عود المتصدق في صدقته إنما هو عود في قذر ، لا عود في حرام ، ولا أنه لا يقع ملكه على ما تصدق به من ذلك بعوده فيه ، كما لا يقع ملكه على الأشياء المحرمات عليه بأعيانها .
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير هذا الوجه أيضا
5032 - كما حدثنا ، قال : حدثنا بكار بن قتيبة ، قال : حدثنا روح بن عبادة ، عن عوف ، عن خلاس بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أبي هريرة مثل الذي يعود في عطائه ، كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ، ثم عاد في قيئه ، فأكله .
[ ص: 29 ] فبان بحمد الله بما وصفنا مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما نهى عنه عمر ، ومن ذكرناه معه في الباب الذي قبل هذا الباب ، عن ما نهاهم عنه ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق .