[ ص: 402 ] 591 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أسباب المحبة وأسباب البغضة في قلوب الناس
3788 - حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية ، قال : حدثنا معاوية بن عمرو الأزدي ، عن زهير بن معاوية ، أن العلاء بن المسيب حدثه ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أبي هريرة لجبريل صلى الله عليه وسلم : إني أحب فلانا ، فأحبه ، فيحبه جبريل ، ويقول لأهل السماء : إن الله عز وجل يحب فلانا ، فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ويوضع له القبول إن الله عز وجل إذا أحب عبدا قال . قال العلاء : فقلت : ما القبول ؟ قال : المودة من الناس .
[ ص: 403 ]
3789 - حدثنا ، قال : أخبرنا يونس ، أن ابن وهب حدثه ، عن مالكا ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبي هريرة لجبريل صلى الله عليه وسلم : قد أحببت فلانا ، فأحبه ، فيحبه جبريل صلى الله عليه وسلم ، ثم ينادي في السماء : إن الله قد أحب فلانا ، فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول في الأرض . قال مالك : ولا أحسبه إلا قال في البغض مثل ذلك إذا أحب الله عز وجل العبد ، قال .
3790 - وحدثنا ، علي بن معبد وعلي بن شيبة ، قالا : حدثنا ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ، قال : سهيل بن أبي صالح بعرفة ، فمر عمر بن عبد العزيز ، وهو على الموسم ، فقام الناس ينظرون إليه ، فقلت : يا أبه ، إني لأرى أن الله عز وجل يحب لأبي عمر بن عبد العزيز ، قال : وما ذاك ؟ قلت : لما له من الحب في قلوب الناس . فقال : بأبيك أنت يا بني ، سمعت يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل إذا أحب عبدا ، قال : يا أبا هريرة جبريل إني أحب فلانا ، فأحبوه ، فينادي جبريل صلى الله عليه وسلم في السماوات : إن الله عز وجل يحب فلانا ، فأحبوه ، فيلقى حبه على أهل الأرض ، فيحبونه ، وإذا أبغض عبدا ، قال : يا جبريل ، إني أبغض فلانا ، فأبغضوه ، فيوضع له [ ص: 404 ] البغض في الأرض كنا .
3791 - حدثنا ، قال : حدثنا بكار ، قال : حدثنا أبو داود ، عن وهيب بن خالد ، يعني عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة جبريل صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا جبريل ، إني أحب فلانا ، فأحبه ، فيحبه جبريل صلى الله عليه وسلم ، وينادي في السماء : إن الله عز وجل يحب فلانا ، فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ويوضع له القبول في الأرض ، وإذا أبغض عبدا كان مثل ذلك إن الله عز وجل إذا أحب عبدا دعا .
3792 - وحدثنا أحمد بن داود بن موسى ، قال : حدثنا ، قال : حدثنا سهل بن بكار ، عن أبو عوانة ، عن سهيل ، عن أبيه رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . أبي هريرة
قال : وكل هذه الآثار فمروية عن أبو جعفر سهيل ، عن أبيه ، وقد خالف رواتها روح فيها ، فأدخل بين سهيل وبين أبيه فيها [ ص: 405 ] القعقاع بن حكيم .
3793 - كما حدثنا ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، قال : حدثنا أمية بن بسطام ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، عن روح بن القاسم ، عن سهيل بن أبي صالح القعقاع ، عن ، عن أبي صالح ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله . أبي هريرة
قال لنا : هكذا يقول ابن أبي داود روح ، عن سهيل ، عن القعقاع ، عن أبي صالح ، وليس يقول هذا غيره .
فقال قائل : هذه الآثار تدل على أن المحبة والبغضة اللتين تقعان في قلوب الناس لا اكتساب لهم فيها ، وأنهما يكونان في قلوبهم بغير [ ص: 406 ] اختيار منهم لذلك ، وبما لا يستطيعون دفعه عنها ، فهو كما تحدثهم به أنفسهم مما لا يستطيعون إخراجه منها ، وذلك مما لا حمد لهم على محموده ، ولا ذم عليهم في مذمومه ، وأنتم قد رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخالف ذلك .
3794 - فذكر ما قد حدثنا الربيعان : ، الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي ، قالا : حدثنا والربيع بن سليمان بن داود الأزدي ، قال : حدثنا أسد بن موسى حماد بن موسى ، قال : حدثنا ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أبي رافع رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة إن رجلا زار أخا له في قرية أخرى ، فأرصد الله عز وجل على مدرجته ملكا ، فلما أتى عليه قال له : أين تريد ؟ قال : أزور أخا لي في هذه القرية . قال : هل له عليك من نعمة تربها ؟ قال : لا ، أحببته في الله عز وجل . قال : فإني رسول الله إليك ، إن الله قد أحبك كما أحببته .
[ ص: 407 ]
3795 - وكما حدثنا خاصة ، قال : حدثنا الربيع المرادي ، قال : حدثنا أسد ، عن حماد بن سلمة ، عن عاصم الأحول أبي حسان ، عن رضي الله عنه مثله . أبي هريرة
3796 - وما قد حدثنا ، قال : حدثنا حسين بن نصر عبد الرحمن بن زياد ، قال : حدثنا ، عن شعبة يحيى بن أبي سليم ، قال : سمعت ، عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : أبي هريرة
من سره أن يجد طعم الإيمان ، فليحب المرء لا يحبه إلا لله عز وجل . قال : فهذا قد يحمد عليه ، وذلك لا يكون إلا باكتسابه إياه ، والذي في الفصل الأول من هذا الباب ينفي أن يكون له في ذلك اكتساب ، فهذان معنيان متضادان .
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن الأمر في ذلك ليس كما ظنه ، وأنه لا تضاد في شيء مما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ; [ ص: 408 ] لأن ما قاله فإنما هو وحي يوحى قد تولاه الله عز وجل فيه ، ولكن معنى الأحاديث الأول - والله أعلم - أن المحبة المذكورة فيها من الله عز وجل لمن يحبه من عباده يكون بعدما قد كان منهم ما أحبهم عليه ، كما قال عز وجل في كتابه : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم . فكانت محبته عز وجل إياهم باتباعهم رسوله صلى الله عليه وسلم ، وذلك مما قد يكون في حياته وبعد وفاته ، فإذا اتبعوه صاروا لربهم عز وجل أولياء ، فألقى في قلوب عباده محبتهم ، فيحبونهم باختيارهم ، فيثيبهم على ذلك كمثل ما يلقي في قلوبهم الإيمان ، كما قال عز وجل : ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة . فأخبر عز وجل بما تفضل به في ذلك عليهم مما ألقاه في قلوبهم حتى يكون منهم ما يحمدهم عليه ، فيأجرهم ، ويثيبهم عليه ، فمثل ذلك المحبة لأولياء الله عز وجل بتحبيبه إياهم إلى من يحببهم إليه من عباده ، فيحبونهم باختيارهم ، وباكتساب محبتهم ، فيأجرهم على ذلك ، ويثيبهم عليه ، وكذلك أيضا من أبغضه من عباده بخروجه عن رسوله ، ولعنوده عن أمره يبغضه عز وجل لذلك ; لأنه صار له عدوا ، فيوقع في قلوب من يشاء من عباده بغضه ، فيبغضونه باكتسابهم لذلك ، فيؤجرون على بغضهم إياه ، ويثابون على ذلك ، فقد بان بحمد الله ونعمته جميع ما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ، أنه لا تضاد فيه ، ولا مخالفة لبعضه بعضا ، والله عز وجل نسأله التوفيق .