[ ص: 214 ] 40 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله من قوله عند قسمته بين أزواجه بالعدل عليهن : اللهم إن هذه قسمتي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك
232 - حدثنا محمد بن خزيمة ، حدثنا ، حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد الخطمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { عائشة كان يقسم بين نسائه ، ويقول : اللهم إن هذه قسمتي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك } .
233 - حدثنا عبيد الله بن عبيد بن عمران الطبراني بطبرية [ ص: 215 ] أبو أيوب ، وهو المعروف كان بابن خلف ، حدثنا ، حدثنا عفان بن مسلم ، عن حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد الخطمي ، عن رسول الله عليه السلام مثله . عائشة
قال : فتأملنا ما في هذا الحديث وما المعنى الذي قصد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : { اللهم هذه قسمتي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك } ، وهو غير ملوم في ذلك ، إذ كان ذلك مما لا فعل له فيه ، فكان معنى ذلك عندنا ، والله أعلم على الإشفاق والرحمة منه عليه السلام من الله أن يكون قد علم منه في قسمته بينهن ، وإن كان لم يخرج فيها عن العدل ميلا من قلبه إلى بعضهن بما لم يمل بمثله إلى بقيتهن ، وذلك مما هو منهي عنه ، ومما العباد فيه سواء ، كما قد روي عن [ ص: 216 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم في التحذير من مثل ذلك . أبو جعفر
234 - كما قد حدثنا أحمد بن الحسن بن القاسم الكوفي أبو الحسن ، حدثنا ، عن وكيع بن الجراح ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة النضر بن أنس ، عن ، عن بشير بن نهيك قال : قال رسول الله عليه السلام : { أبي هريرة من كانت له زوجتان فكان يميل مع إحداهما عن الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل ، أو قال : ساقط } .
وقد روي في تأويل قول الله تعالى : ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم أن ذلك أريد به ما يقع في قلوبكم لبعضهن دون بعض ، وذلك معفو لهم عنه ، إذ لا يستطيعون دفعه عن قلوبهم ، غير أنه قد يجوز أن يكون يزيد على ذلك ما يجتلبوه إلى قلوبهم .
[ ص: 217 ] فكان الذي كان من رسول الله عليه السلام مما أراده من ربه على الإشفاق ، وعلى الرهبة مما يسبق إلى قلبه ، مما قد يستطيع رده عنه مع قربه من غلبته عليه ، وهذا عندنا والله أعلم مثل الذي في حديث حصين الخزاعي ، مما قد علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه أن يدعو به ربه تعالى أن يغفر له ما أخطأ وما تعمد ، وما أخطأه فهو غير مأخوذ به ، لما خاف عليه أن يكون تقربه مما تعمده ، وقد روينا هذا الحديث فيما تقدم منا في كتابنا هذا ، والله نسأله التوفيق .