[ ص: 127 ] 302 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله يمينك على ما صدقك عليه صاحبك.
1872 - حدثنا ، حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ، قال : حدثنا هشيم عبد الله بن أبي صالح ، عن ، عن أبيه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة يمينك على ما صدقك عليه صاحبك .
[ ص: 128 ] قال : ولا نعلم هذا الحديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه أحسن من هذا الوجه . أبو جعفر
فأما ما روي عنه من وجه دون هذا الوجه .
1873 - ما قد حدثنا ، قال : حدثنا أبو أمية إسحاق بن هشام التمار ، قال : حدثنا ، عن عمر بن علي بن مقدم عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد ، قال: سمعت جدي أبا سعيد المقبري يحدث . [ ص: 129 ] عن رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي هريرة يمينك على ما صدقك فيها صاحبك .
قال : فتأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به ما هو إن شاء الله ، فكان أحسن ما حضر فيه أن اليمين المرادة فيه - والله أعلم - يحتمل أن تكون هي اليمين الواجبة في الدعوى التي يدعيها من يسعه جحوده إياها ودفعها عن نفسه وحلفه عليها . أبو جعفر
فمن ذلك الرجل الذي يكون له الشيء فينقلب عليه رجل في نومه فيتلفه من غير علم من النائم بذلك ، وبمعاينة من صاحب ذلك الشيء لذلك منه في شيئه فيكون صاحب الشيء في سعة من دعواه الواجب في ذلك على ذلك النائم ، ويكون النائم في سعة من دفعه ذلك عن نفسه ؛ لأنه لا يعلم وجوب ذلك عليه ، وفي سعة من حلفه على ما يدعى عليه من ذلك ؛ إذ كان لم يعلمه من نفسه ، وكان من حق من ادعى ذلك عليه استحلافه عليه ؛ إذ كان واجبا له في الحقيقة وكان المدعى عليه في سعة من حلفه على ذلك ؛ إذ كان لا يعلم وجوبه عليه غير أن الفرض عليه في ذلك أن تكون يمينه في الظاهر كهي في الباطن ، لا توريك منه فيها ، وكان ذلك بخلاف ما يدعى عليه مما يعلم في [ ص: 130 ] الحقيقة أنه مظلوم فيما يدعى عليه منه من ذلك ، ويكون في سعة من توريك يمينه على ذلك إلى ما لا يكون عليه في حلفه على ذلك إثم . كمثل ما قد روي عن سويد بن حنظلة مما كان منه في وائل بن حجر الحضرمي في حلفه إنه أخوه لما طلبه عدوه ليقتله ومن تناهي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصديقه سويدا على حلفه كان على ذلك .
1874 - كما قد حدثنا عمران بن موسى الطائي أبو الحسن قال : حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن كثير العبدي ، قال : حدثنا إسرائيل بن يونس إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن جدته ، عن أبيها سويد بن حنظلة ، قال : وائل بن حجر ، فأخذه عدو له فتحرج الناس أن يحلفوا ، وحلفت إنه أخي فخلى عنه ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، وقلت : إنهم تحرجوا أن يحلفوا ، فحلفت : إنه أخي فخلى عنه ، فقال : صدقت المسلم أخو المسلم خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا .
[ ص: 131 ] قال : أفلا ترى أن أبو جعفر سويدا كان يمينه لعدو وائل بن حجر أنه أخوه ليخلي عنه ، وكان ذلك من عدو وائل ظلما منه لوائل ، فوسع سويدا الحلف على ما يدفع به عن وائل ما أراد منه عدوه حتى كان ذلك سبب خلاصه من يده وحتى حمد رسول الله صلى الله عليه وسلم سويدا عليه .
فكان تصحيح حديث وحديث أبي هريرة سويد ما قد حملنا كل واحد منهما عليه ، وتأولنا فيه حتى خرج كل واحد منهما عن صاحبه بلا تضاد والله نسأله التوفيق .