976 - حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا بشر بن عمر الزهراني ، عن شعبة عبد الرحمن بن الأصبهاني ، عن مجاهد بن وردان ، عن ، عن عروة بن الزبير عائشة أن مولى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي فقال : هاهنا أحد من أهل قريته ؟ فأعطاه إياه .
977 - حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا ، أخبرنا يزيد بن هارون ، عن سفيان عبد الرحمن بن الأصبهاني عن مجاهد ، عن ، عن عروة عائشة أن مولى للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقع من نخلة ، فمات فقال النبي [ ص: 6 ] - صلى الله عليه وسلم - : انظروا هل له وارث ؟ قالوا : لا . قال : أعطوه بعض القرابة .
978 - حدثنا ، حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن ، حدثنا أسد بن موسى ، عن قيس بن الربيع عبد الرحمن بن الأصبهاني ، عن مجاهد بن وردان ، عن ، عن عروة بن الزبير قالت : عائشة وقع مولى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عذق نخلة ، فمات وترك شيئا ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : هل ترك من ولد أو حميم ؟ قالوا : لا . قال : انظروا أهل قريته فادفعوه إليهم .
979 - حدثنا ، حدثنا أحمد بن شعيب عبد الله بن محمد بن تميم ، حدثنا : حدثني حجاج بن محمد ، عن شعبة عبد الرحمن بن الأصبهاني ، عن مجاهد بن وردان رجل من أهل المدينة وأثنى عليه خيرا ، عن ، عن عروة - مثله . عائشة
[ ص: 7 ] وقد روى عن مجاهد هذا سوى ابن الأصبهاني ربيعة بن سيف المعافري .
980 - كما حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب ربيعة بن سيف ، عن مجاهد ، عن ، عروة - أنها كانت عند عائشة حين حضرته الوفاة فتمثلت بهذه الأبيات : أبي بكر الصديق
من لا يزال دمعه مقنعا يوشك أن يكون مرة مدفقا
هكذا أخبرناه إبراهيم "مدفقا" ، وأهل العلم بالشعر يقولون : إنه "مدفعا ". فقال : لا تقولي هذا يا بنية ، ولكن قولي : وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد .ثم قال : يا بنية ، في كم كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت : في ثلاثة أثواب . قال : كفنوني في ثوبي هذين ، واشتروا إليهما ثوبا ؛ فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت ، إنما هما للمهلة يعني الصديد عن .
[ ص: 8 ] هكذا يقول أصحاب الحديث ، وغيرهم من أهل اللغة يقولون : للمهلة - بكسر الميم .
وذكر البخاري أن مجاهدا هذا من أهل المدينة ، وأن مما روى عنه جعفر بن ربيعة .
وقد ذكر عبد الرحمن بن القاسم عن أن مالك بن أنس خارجة بن زيد ومجاهدا كانا يقسمان للناس بالمدينة بغير أجر ، فلم يدر من مجاهد الذي أراده مالك الذي وقفنا على ما ذكرنا ، فعلمنا أنه مجاهد .
وأردنا بما ذكرنا أن يعلم أنه خلاف مجاهد بن جبر ؛ إذ كان مجاهد بن جبر إنما كان يكون مرة بمكة ومرة بالكوفة ، ولا ذكر له في أهل المدينة .
[ ص: 9 ] فقال قائل : ما كان معنى ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ميراث هذا المتوفى ، وهو مولاه الذي من سببه وجوب ميراث مولى النعمة ، ودفعه إلى أهل المدينة الذين ليسوا من ميراثه في شيء ؟
فكان جوابنا له في ذلك ، بتوفيق الله وعونه - أن الله شرفه - صلى الله عليه وسلم - ، ورفع منزلته وجعله في أعلى مراتب الدنيا والآخرة ، وأخرجه من أخلاق من سواه من أهل الرغبة في الدنيا ، وكان فيما أنزل عليه كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين ويأكلون التراث أكلا لما ويحبون المال حبا جما فوصفهم بذلك بأخلاق لا يحمدها ، وجعلهم بذلك في منزلة سفلى .
وأخرجه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك إلى أرفع المنازل ، وجعل حكمه مما أخرجه إليه أعلى الأحكام ، فلم يجعله ممن يرث من سواه من ذي نسب ولا ذي ولاء ولا من ذوات تزويج .
وخالف بينه وبين سائر أمته في ذلك زيادة في فضله وفي تشريفه إياه وفي رفعة منزلته فيه ، فأمر - صلى الله عليه وسلم - بذلك في ميراث مولاه الذي ذكر في هذا الحديث لما لم يكن له ولد ولا حميم يستحق ميراثه - أن يدفع ميراثه إلى أهل قريته كما يكون للأئمة في الأموال التي لا مالك لها أن تدفع إلى من يرون دفعها إليه من الناس .
فإن قال قائل : فقد كان من أنبياء الله صلوات الله عليهم يرثون ويورثون ، من ذلك ما حكى جل وعز في كتابه عن نبيه - صلى الله عليه وسلم - زكريا من [ ص: 10 ] سؤاله إياه أن يهب له من لدنه وليا يرثه ويرث من آل يعقوب - صلى الله عليه وسلم - ، وأن يجعله نبيا ومن أهل إجابته عز وجل إياه إلى ذلك وهبته له يحيى - صلى الله عليه وسلم - وإصلاحه له زوجه .
فكان جوابنا له بتوفيق الله وعونه أن ما كان من زكريا - صلى الله عليه وسلم - في ذلك مما سأله ربه عز وجل أن يهب له من يرثه ، لم يكن ذلك لمال يرثه عنه وأي مال كان له - صلى الله عليه وسلم - وإنما كان زاهدا نجارا يعمل بيده . !
981 - كما حدثنا ، حدثنا محمد بن علي بن داود البغدادي ، حدثنا عفان بن مسلم ، عن حماد بن سلمة ، قال ثابت البناني : عن أبو جعفر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبي هريرة زكريا عليه السلام نجارا كان .
قال : ولما كان نجارا - صلى الله عليه وسلم - ليس من ذوي الأموال عقلنا بذلك أن الذي سأل ربه عز وجل أن يرثه عنه من يهب له غير الأموال وهي النبوة ، كمثل الذي سأله أن يرثه من أبو جعفر آل يعقوب - صلى الله عليه وسلم - .
وكذلك سائر أنبياء الله عز وجل صلوات الله عليهم فلم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم .
982 - حدثنا ، حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، عن عبد الله بن داود الخريبي عاصم بن رجاء بن حيوة ، عن داود بن جميل ، عن كثير بن قيس قال : في أبي الدرداء مسجد دمشق ، فأتاه رجل ، فقال : يا ، جئتك من أبا الدرداء المدينة مدينة [ ص: 11 ] الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحديث بلغني أنك تحدثه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ولا جئت لحاجة ؟ قال : لا . قال : ولا جئت لتجارة ؟ قال : لا . قال : ولا جئت إلا لهذا الحديث ؟ قال : نعم . قال : فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من سلك طريقا يطلب علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة ، وإن الملائكة تضع أجنحتها رضا لطالب العلم ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض وكل شيء حتى الحيتان في جوف الماء .
إن العلماء ورثة الأنبياء ، إن الأنبياء صلوات الله عليهم لم يورثوا دينارا ولا درهما ، وورثوا العلم ؛ فمن أخذه أخذ بحظ وافر كنت جالسا مع .
[ ص: 12 ] قال : أبو جعفر وزكريا - صلى الله عليه وسلم - منهم ، فلم يورث شيئا من المال .
فإن قال قائل : فقد قال الله عز وجل : وورث سليمان داود فإن ذلك عندنا - والله أعلم - هو ما كانت الأنبياء تورثه مما هو سوى الأموال .
فإن قال : فقد كان سليمان في حياة داود صلى الله عليهما نبيا ؛ فما الذي ورثه عنه ؟ قيل له : ورث عنه حكمته ، وما يورث عن مثله . وكان ذلك مضافا إلى نبوته التي كانت معه قبل ذلك .
فإن قال : فقد ورث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبويه ، فورث عن أبيه منزله ومملوكته أم أيمن وشقران اللذين أعتقهما موليين له ؟ قيل له : إنما كان ذلك قبل أن يؤتيه الله النبوة ، فلما آتاه إياها أعاد أحكامه إلى الأحكام التي توفاه عليها من منعه الميراث عن غيره ، ومن منع غيره الميراث عنه .
وإنما يرث الناس من حيث يرثون ، فإذا كان - صلى الله عليه وسلم - غير موروث كان غير وارث ، وفيما ذكرنا بيان لما وصفنا ، والله نسأله التوفيق .