الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر قتل أبي العباس بن واصل

في هذه السنة قتل أبو العباس بن واصل صاحب البصرة ، وقد تقدم ذكر ابتداء حاله ، وارتفاعه ، واستيلائه على البطيحة ، وما أخذه من الأموال ، وما هزم من جيوش السلطان ، وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه .

فلما عظم أمره سار بهاء الدولة من فارس إلى الأهواز ليحفظ خوزستان منه ، وكان في البطائح مقابل عميد الجيوش ، فلما فرغ منه سار إلى الأهواز ، وبها بهاء الدولة ، فملكها على ما ذكرناه ، ( وعاد عنها على صلح مع بهاء الدولة إلى البصرة ، وقد ذكرناه ) أيضا .

[ ص: 548 ] ثم تجدد ما أوجب عوده إلى الأهواز ، فعاد إليها في جيشه ، وبهاء الدولة مقيم بها ، فلما قاربها رحل بهاء الدولة عنها لقلة عسكره ، وتفرقهم : بعضهم بفارس ، وبعضهم بالعراق ، وقطع قنطرة أربق ، وبقي النهر يحجز بين الفريقين ، فاستولى أبو العباس على الأهواز ، وأتاه مدد من بدر بن حسنويه ثلاثة آلاف فارس ، فقوي بهم .

وعزم بهاء الدولة على العود إلى فارس ، فمنعه أصحابه فأصلح أبو العباس القنطرة ، وجرى بين العسكرين قتال شديد دام إلى السحر ، ثم عبر أبو العباس على القنطرة بعد أن أصلحها ، والتقى العسكران واشتد القتال ، فانهزم أبو العباس ، وقتل من أصحابه كثير ، وعاد إلى البصرة مهزوما منتصف رمضان سنة ست وتسعين وثلاثمائة .

فلما عاد منهزما جهز بهاء الدولة إليه العساكر مع وزيره أبي غالب ، فسار إليه ، ونزل عليه محاصرا له ، وجرى بين العسكرين القتال ، وضاق الأمر على الوزير ، وقل المال عنده ، واستمد بهاء الدولة فلم يمده

ثم إن أبا العباس جمع سفنه وعساكره ، وأصعد إلى عسكر الوزير ، وهجم عليه ، فانهزم الوزير ، وكاد يتم على الهزيمة ، فاستوقفه بعض الديلم وثبته ، وحملوا على أبي العباس فانهزم هو وأصحابه ، وأخذ الوزير سفنه ، فاستأمن إليه كثير من أصحابه .

ومضى أبو العباس منهزما ، وركب مع حسان بن ثمال الخفاجي هاربا إلى الكوفة ، ودخل الوزير البصرة ، وكتب إلى بهاء الدولة بالفتح .

ثم إن ( أبا العباس ) سار من الكوفة ، وقطع دجلة ، ومضى عازما على اللحاق ببدر بن حسنويه ، فبلغ خانقين ، وبها جعفر بن العوام في طاعة بدر ، فأنزله وأكرمه ، وأشار عليه بالمسير في وقته ، وحذره الطلب ، فاعتل بالتعب ، وطلب الاستراحة ، ونام ، وبلغ خبره إلى أبي الفتح بن عناز ، وهو في طاعة بهاء الدولة ، وكان قريبا منهم ، فسار إليهم بخانقين ، وهو بها ، فحصره وأخذه وسار به إلى بغداذ ، فسيره عميد الجيوش إلى بهاء الدولة ، فلقيهم في الطريق قاصد من بهاء الدولة يأمر بقتله ، فقتل وحمل رأسه إلى بهاء الدولة ، وطيف به بخوزستان وفارس ، وكان بواسط عاشر صفر .

التالي السابق


الخدمات العلمية