[ ص: 92 ] ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=31884_31869ولادة إسماعيل - عليه السلام - وحمله إلى مكة
قيل : كانت
هاجر جارية ذات هيئة فوهبتها
سارة لإبراهيم ، وقالت : خذها لعل الله يرزقك منها ولدا ، وكانت
سارة قد منعت الولد حتى أسنت ، فوقع
إبراهيم على
هاجر فولدت
إسماعيل ، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025794إذا استفتحتم مصر فاستوصوا بأهلها خيرا ، فإن لهم ذمة ورحما ، يعني ولادة
هاجر .
فكان
إبراهيم قد خرج بها إلى
الشام من
مصر خوفا من فرعون ، فنزل
السبع من أرض
فلسطين ، ونزل
لوط بالمؤتفكة ، وهي من السبع مسيرة يوم وليلة ، فبعثه الله نبيا ، وكان
إبراهيم قد اتخذ بالسبع بئرا ومسجدا وكان ماء البئر معينا طاهرا ، فآذاه أهل السبع ، فانتقل عنهم ، فنضب الماء فاتبعوه يسألونه العود إليهم ، فلم يفعل وأعطاهم سبعة أعنز ، وقال : إذا أوردتموها الماء ظهر حتى يكون معينا طاهرا فاشربوا منه ، ولا تغترف منه امرأة حائض . فخرجوا بالأعنز ، فلما وقفت على الماء ظهر إليها ، وكانوا يشربون منه ، إلى أن غرفت منه امرأة طامث فعاد الماء إلى الذي هو عليه اليوم . وأقام
إبراهيم بين
الرملة ،
وإيليا ببلد يقال له قط أو قط .
قال :
nindex.php?page=treesubj&link=33975فلما ولد إسماعيل حزنت سارة حزنا شديدا ، فوهبها الله إسحاق ، وعمرها سبعون سنة ، فعمر
إبراهيم مائة وعشرون سنة ، فلما كبر
إسماعيل ،
وإسحاق اختصما ، فغضبت
سارة على
هاجر فأخرجتها ، ثم أعادتها ، فغارت منها فأخرجتها ، وحلفت لتقطعن منها بضعة ، فتركت أنفها وأذنها لئلا تشينها ، ثم خفضتها ، فمن ثم خفض النساء .
[ ص: 93 ] وقيل : كان
إسماعيل صغيرا ، وإنما أخرجتها
سارة غيرة منها ، وهو الصحيح . وقالت
سارة : لا تساكنني في بلد . فأوحى الله إلى
إبراهيم أن تأتي
بمكة ، وليس بها يومئذ نبت ، فجاء
إبراهيم بإسماعيل وأمه
هاجر فوضعهما
بمكة بموضع
زمزم ، فلما مضى نادته
هاجر : يا
إبراهيم ، من أمرك أن تتركنا بأرض ليس فيها زرع ، ولا ضرع ، ولا ماء ، ولا زاد ، ولا أنيس ؟ قال : ربي أمرني . قالت : فإنه لن يضيعنا . فلما ولى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم الآية .
فلما
nindex.php?page=treesubj&link=31884_31869ظمئ إسماعيل جعل يدحض الأرض برجله ، فانطلقت
هاجر حتى صعدت
الصفا لتنظر هل ترى شيئا فلم تر شيئا ، فانحدرت إلى الوادي فسعت حتى أتت
المروة ، فاستشرفت هل ترى شيئا فلم تر شيئا ، ففعلت ذلك سبع مرات ، فذلك أصل السعي ، ثم جاءت إلى
إسماعيل وهو يدحض الأرض بقدميه وقد نبعت العين ، وهي
زمزم ، فجعلت تفحص الأرض بيدها عن الماء ، وكلما اجتمع أخذته وجعلته في سقائها . قال : فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025795يرحمها الله ! لو تركتها لكانت عينا سائحة .
وكانت
جرهم بواد قريب من
مكة ولزمت الطير الوادي حين رأت الماء ، فلما رأت
جرهم الطير لزمت الوادي ، قالوا : ما لزمته إلا وفيه ماء ، فجاءوا إلى
هاجر ، فقالوا : لو شئت لكنا معك فآنسناك والماء ماؤك . قالت : نعم . فكانوا معها حتى شب
إسماعيل وماتت
هاجر ، فتزوج
إسماعيل امرأة من
جرهم فتعلم العربية منهم هو وأولاده ، فهم العرب المتعربة .
واستأذن
إبراهيم سارة أن يأتي
هاجر ، فأذنت له وشرطت عليه ألا ينزل ، فقدم وقد ماتت
هاجر ، فذهب إلى بيت
إسماعيل فقال لامرأته : أين صاحبك ؟ قالت : ليس ههنا ، ذهب يتصيد . وكان
إسماعيل يخرج من
الحرم يتصيد ، ثم يرجع . قال
إبراهيم : هل عندك ضيافة ؟ قالت : ليس عندي ضيافة وما عندي أحد . فقال
إبراهيم : إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام ، وقولي له فليغير عتبة بابه .
وعاد
إبراهيم ، وجاء
إسماعيل فوجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل عندك أحد ؟
[ ص: 94 ] قالت : جاءني شيخ كذا وكذا ، كالمستخفة بشأنه ، قال : فما قال لك ؟ قالت : أقرئي زوجك السلام وقولي له فليغير عتبة بابه . فطلقها وتزوج أخرى .
فلبث
إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ، ثم استأذن
سارة أن يزور
إسماعيل ، فأذنت له وشرطت عليه أن لا ينزل . فجاء
إبراهيم حتى انتهى إلى باب
إسماعيل ، فقال لامرأته أين صاحبك ؟ قالت : ذهب ليتصيد وهو يجيء الآن إن شاء الله تعالى ، فانزل يرحمك الله . فقال لها : فعندك ضيافة ؟ قالت : نعم . قال : فهل عندك خبز ، أو بر ، أو شعير ، أو تمر ؟ قال : فجاءت باللبن واللحم ، فدعا لهما بالبركة ، ولو جاءت يومئذ بخبز ، أو تمر ، أو بر ، أو شعير لكانت أكثر أرض الله من ذلك ، فقالت : انزل حتى أغسل رأسك . فلم ينزل . فجاءته بالمقام بالإناء فوضعته عند شقه الأيمن ، فوضع قدمه عليه فبقي أثر قدمه فيه ، فغسلت شق رأسه الأيمن ، ثم حولت المقام إلى شقه الأيسر ففعلت به كذلك . فقال لها : إذا جاء زوجك فأقرئيه عني السلام وقولي له : قد استقامت عتبة بابك .
فلما جاء
إسماعيل وجد ريح أبيه ، فقال لامرأته : هل جاءك أحد ؟ قالت : نعم ، شيخ أحسن الناس وجها وأطيبهم ريحا ، فقال لي كذا وكذا . وقلت له كذا وكذا ، وغسلت رأسه ، وهذا موضع قدمه ، وهو يقرئك السلام ويقول : قد استقامت عتبة بابك . قال : ذلك
إبراهيم .
وقيل : إن الذي أنبع الماء
جبرائيل ، فإنه نزل إلى
هاجر وهي تسعى في الوادي فسمعت حسه فقالت : قد أسمعتني فأغثني فقد هلكت أنا ومن معي . فجاء بها إلى موضع
زمزم ، فضرب بقدمه ، ففارت عينا ، فتعجلت ، فجعلت تفرغ في شنها . فقال لها : لا تخافي الظمأ .
[ ص: 92 ] ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=31884_31869وِلَادَةِ إِسْمَاعِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَحَمْلِهِ إِلَى مَكَّةَ
قِيلَ : كَانَتْ
هَاجَرُ جَارِيَةً ذَاتَ هَيْئَةٍ فَوَهَبَتْهَا
سَارَةُ لِإِبْرَاهِيمَ ، وَقَالَتْ : خُذْهَا لَعَلَّ اللَّهَ يَرْزُقُكَ مِنْهَا وَلَدًا ، وَكَانَتْ
سَارَةُ قَدْ مُنِعَتِ الْوَلَدَ حَتَّى أَسَنَّتْ ، فَوَقَعَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَى
هَاجَرَ فَوَلَدَتْ
إِسْمَاعِيلَ ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025794إِذَا اسْتَفْتَحْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِأَهْلِهَا خَيْرًا ، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا ، يَعْنِي وِلَادَةَ
هَاجَرَ .
فَكَانَ
إِبْرَاهِيمُ قَدْ خَرَجَ بِهَا إِلَى
الشَّامِ مِنْ
مِصْرَ خَوْفًا مِنْ فِرْعَوْنَ ، فَنَزَلَ
السَّبْعَ مِنْ أَرْضِ
فِلَسْطِينَ ، وَنَزَلَ
لُوطٌ بِالْمُؤْتَفِكَةِ ، وَهِيَ مِنَ السَّبْعِ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَبَعَثَهُ اللَّهُ نَبِيًّا ، وَكَانَ
إِبْرَاهِيمُ قَدِ اتَّخَذَ بِالسَّبْعِ بِئْرًا وَمَسْجِدًا وَكَانَ مَاءُ الْبِئْرِ مَعِينًا طَاهِرًا ، فَآذَاهُ أَهْلُ السَّبْعِ ، فَانْتَقَلَ عَنْهُمْ ، فَنَضَبَ الْمَاءُ فَاتَّبَعُوهُ يَسْأَلُونَهُ الْعَوْدَ إِلَيْهِمْ ، فَلَمْ يَفْعَلْ وَأَعْطَاهُمْ سَبْعَةَ أَعْنُزٍ ، وَقَالَ : إِذَا أَوْرَدْتُمُوهَا الْمَاءَ ظَهَرَ حَتَّى يَكُونَ مَعِينًا طَاهِرًا فَاشْرَبُوا مِنْهُ ، وَلَا تَغْتَرِفْ مِنْهُ امْرَأَةٌ حَائِضٌ . فَخَرَجُوا بِالْأَعْنُزِ ، فَلَمَّا وَقَفَتْ عَلَى الْمَاءِ ظَهَرَ إِلَيْهَا ، وَكَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْهُ ، إِلَى أَنْ غَرَفَتْ مِنْهُ امْرَأَةٌ طَامِثٌ فَعَادَ الْمَاءُ إِلَى الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ الْيَوْمَ . وَأَقَامَ
إِبْرَاهِيمُ بَيْنَ
الرَّمْلَةِ ،
وَإِيلِيَا بِبَلَدٍ يُقَالُ لَهُ قَطُّ أَوْ قِطُّ .
قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=33975فَلَمَّا وُلِدَ إِسْمَاعِيلُ حَزِنَتْ سَارَةُ حُزْنًا شَدِيدًا ، فَوَهَبَهَا اللَّهُ إِسْحَاقَ ، وَعُمُرُهَا سَبْعُونَ سَنَةً ، فَعُمُرُ
إِبْرَاهِيمَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً ، فَلَمَّا كَبِرَ
إِسْمَاعِيلُ ،
وَإِسْحَاقُ اخْتَصَمَا ، فَغَضِبَتْ
سَارَةُ عَلَى
هَاجَرَ فَأَخْرَجَتْهَا ، ثُمَّ أَعَادَتْهَا ، فَغَارَتْ مِنْهَا فَأَخْرَجَتْهَا ، وَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا بَضْعَةً ، فَتَرَكَتْ أَنْفَهَا وَأُذُنَهَا لِئَلَّا تَشِينَهَا ، ثُمَّ خَفَضَتْهَا ، فَمِنْ ثَمَّ خَفْضُ النِّسَاءِ .
[ ص: 93 ] وَقِيلَ : كَانَ
إِسْمَاعِيلُ صَغِيرًا ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَتْهَا
سَارَةُ غَيْرَةً مِنْهَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ . وَقَالَتْ
سَارَةُ : لَا تُسَاكِنُنِي فِي بَلَدٍ . فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى
إِبْرَاهِيمَ أَنْ تَأْتِيَ
بِمَكَّةَ ، وَلَيْسَ بِهَا يَوْمَئِذٍ نَبْتٌ ، فَجَاءَ
إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ
هَاجَرَ فَوَضَعَهُمَا
بِمَكَّةَ بِمَوْضِعِ
زَمْزَمَ ، فَلَمَّا مَضَى نَادَتْهُ
هَاجَرُ : يَا
إِبْرَاهِيمُ ، مَنْ أَمَرَكَ أَنْ تَتْرُكَنَا بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا زَرْعٌ ، وَلَا ضَرْعٌ ، وَلَا مَاءٌ ، وَلَا زَادٌ ، وَلَا أَنِيسٌ ؟ قَالَ : رَبِّي أَمَرَنِي . قَالَتْ : فَإِنَّهُ لَنْ يُضَيِّعَنَا . فَلَمَّا وَلَّى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=37رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ الْآيَةَ .
فَلَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=31884_31869ظَمِئَ إِسْمَاعِيلُ جَعَلَ يَدْحَضُ الْأَرْضَ بِرِجْلِهِ ، فَانْطَلَقَتْ
هَاجَرُ حَتَّى صَعِدَتِ
الصَّفَا لِتَنْظُرَ هَلْ تَرَى شَيْئًا فَلَمْ تَرَ شَيْئًا ، فَانْحَدَرَتْ إِلَى الْوَادِي فَسَعَتْ حَتَّى أَتَتِ
الْمَرْوَةَ ، فَاسْتَشْرَفَتْ هَلْ تَرَى شَيْئًا فَلَمْ تَرَ شَيْئًا ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ ، فَذَلِكَ أَصْلُ السَّعْيِ ، ثُمَّ جَاءَتْ إِلَى
إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ يَدْحَضُ الْأَرْضَ بِقَدَمَيْهِ وَقَدْ نَبَعَتِ الْعَيْنُ ، وَهِيَ
زَمْزَمُ ، فَجَعَلَتْ تَفْحَصُ الْأَرْضَ بِيَدِهَا عَنِ الْمَاءِ ، وَكُلَمَّا اجْتَمَعَ أَخَذَتْهُ وَجَعَلَتْهُ فِي سِقَائِهَا . قَالَ : فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025795يَرْحَمُهَا اللَّهُ ! لَوْ تَرَكَتْهَا لَكَانَتْ عَيْنًا سَائِحَةً .
وَكَانَتْ
جُرْهُمُ بِوَادٍ قَرِيبٍ مِنْ
مَكَّةَ وَلَزِمَتِ الطَّيْرُ الْوَادِيَ حِينَ رَأَتِ الْمَاءَ ، فَلَمَّا رَأَتْ
جُرْهُمُ الطَّيْرَ لَزِمَتِ الْوَادِيَ ، قَالُوا : مَا لَزِمَتْهُ إِلَّا وَفِيهِ مَاءٌ ، فَجَاءُوا إِلَى
هَاجَرَ ، فَقَالُوا : لَوْ شِئْتِ لَكُنَّا مَعَكِ فَآنَسْنَاكِ وَالْمَاءُ مَاؤُكِ . قَالَتْ : نَعَمْ . فَكَانُوا مَعَهَا حَتَّى شَبَّ
إِسْمَاعِيلُ وَمَاتَتْ
هَاجَرُ ، فَتَزَوَّجَ
إِسْمَاعِيلُ امْرَأَةً مِنْ
جُرْهُمَ فَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ هُوَ وَأَوْلَادُهُ ، فَهُمُ الْعَرَبُ الْمُتَعَرِّبَةُ .
وَاسْتَأْذَنَ
إِبْرَاهِيمُ سَارَةَ أَنْ يَأْتِيَ
هَاجَرَ ، فَأَذِنَتْ لَهُ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أَلَا يَنْزِلَ ، فَقَدِمَ وَقَدْ مَاتَتْ
هَاجَرُ ، فَذَهَبَ إِلَى بَيْتِ
إِسْمَاعِيلَ فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَيْنَ صَاحِبُكِ ؟ قَالَتْ : لَيْسَ هَهُنَا ، ذَهَبَ يَتَصَيَّدُ . وَكَانَ
إِسْمَاعِيلُ يَخْرُجُ مِنَ
الْحَرَمِ يَتَصَيَّدُ ، ثُمَّ يَرْجِعُ . قَالَ
إِبْرَاهِيمُ : هَلْ عِنْدَكِ ضِيَافَةٌ ؟ قَالَتْ : لَيْسَ عِنْدِي ضِيَافَةٌ وَمَا عِنْدِي أَحَدٌ . فَقَالَ
إِبْرَاهِيمُ : إِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَأَقْرِئِيهِ السَّلَامَ ، وَقُولِي لَهُ فَلْيُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ .
وَعَادَ
إِبْرَاهِيمُ ، وَجَاءَ
إِسْمَاعِيلُ فَوَجَدَ رِيحَ أَبِيهِ ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : هَلْ عِنْدَكِ أَحَدٌ ؟
[ ص: 94 ] قَالَتْ : جَاءَنِي شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا ، كَالْمُسْتَخِفَّةِ بِشَأْنِهِ ، قَالَ : فَمَا قَالَ لَكِ ؟ قَالَتْ : أَقْرِئِي زَوْجَكِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ فَلْيُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ . فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ أُخْرَى .
فَلَبِثَ
إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ
سَارَةَ أَنْ يَزُورَ
إِسْمَاعِيلَ ، فَأَذِنَتْ لَهُ وَشَرَطَتْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْزِلَ . فَجَاءَ
إِبْرَاهِيمُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ
إِسْمَاعِيلَ ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ أَيْنَ صَاحِبُكِ ؟ قَالَتْ : ذَهَبَ لِيَتَصَيَّدَ وَهُوَ يَجِيءُ الْآنَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَانْزِلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَقَالَ لَهَا : فَعِنْدَكِ ضِيَافَةٌ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ : فَهَلْ عِنْدَكِ خُبْزٌ ، أَوْ بُرٌّ ، أَوْ شَعِيرٌ ، أَوْ تَمْرٌ ؟ قَالَ : فَجَاءَتْ بِاللَّبَنِ وَاللَّحْمِ ، فَدَعَا لَهُمَا بِالْبَرَكَةِ ، وَلَوْ جَاءَتْ يَوْمَئَذٍ بِخُبْزٍ ، أَوْ تَمْرٍ ، أَوْ بُرٍّ ، أَوْ شَعِيرٍ لَكَانَتْ أَكْثَرَ أَرْضِ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَتِ : انْزِلْ حَتَّى أَغْسِلَ رَأْسَكَ . فَلَمْ يَنْزِلْ . فَجَاءَتْهُ بِالْمَقَامِ بِالْإِنَاءِ فَوَضَعَتْهُ عِنْدَ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ، فَوَضَعَ قَدَمَهُ عَلَيْهِ فَبَقِيَ أَثَرُ قَدَمِهِ فِيهِ ، فَغَسَلَتْ شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ ، ثُمَّ حَوَّلَتِ الْمَقَامَ إِلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَفَعَلَتْ بِهِ كَذَلِكَ . فَقَالَ لَهَا : إِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَأَقْرِئِيهِ عَنِّي السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ : قَدِ اسْتَقَامَتْ عَتَبَةُ بَابِكَ .
فَلَمَّا جَاءَ
إِسْمَاعِيلُ وَجَدَ رِيحَ أَبِيهِ ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ : هَلْ جَاءَكِ أَحَدٌ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، شَيْخٌ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهًا وَأَطْيَبُهُمْ رِيحًا ، فَقَالَ لِي كَذَا وَكَذَا . وَقُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا ، وَغَسَلْتُ رَأْسَهُ ، وَهَذَا مَوْضِعُ قَدَمِهِ ، وَهُوَ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ : قَدِ اسْتَقَامَتْ عَتَبَةُ بَابِكَ . قَالَ : ذَلِكَ
إِبْرَاهِيمُ .
وَقِيلَ : إِنَّ الَّذِي أَنْبَعَ الْمَاءَ
جَبْرَائِيلُ ، فَإِنَّهُ نَزَلَ إِلَى
هَاجَرَ وَهِيَ تَسْعَى فِي الْوَادِي فَسَمِعَتْ حِسَّهُ فَقَالَتْ : قَدْ أَسْمَعْتَنِي فَأَغِثْنِي فَقَدْ هَلَكْتُ أَنَا وَمَنْ مَعِي . فَجَاءَ بِهَا إِلَى مَوْضِعِ
زَمْزَمَ ، فَضَرَبَ بِقَدَمِهِ ، فَفَارَتْ عَيْنًا ، فَتَعَجَّلَتْ ، فَجَعَلَتْ تَفْرَغُ فِي شَنِّهَا . فَقَالَ لَهَا : لَا تَخَافِي الظَّمَأَ .