[ ص: 166 ] 151
ثم دخلت سنة إحدى وخمسين ومائة
فيها أغارت
الكرك على
جدة .
ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33758عزل nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص عن السند وولاية nindex.php?page=showalam&ids=17247هشام بن عمرو وفيها عزل
المنصور عمر بن حفص بن عثمان بن قبيصة بن أبي صفرة المعروف بهزارمرد ، يعني ألف رجل ، عن
السند ، واستعمل عليها
هشام بن عمرو التغلبي ، واستعمل
nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص على
إفريقية .
وكان سبب عزله عن
السند أنه كان عليها لما ظهر
محمد وإبراهيم ابنا
عبد الله بن الحسن ، فوجه
محمد ابنه
عبد الله المعروف بالأشتر إلى
البصرة ، فاشترى منها خيلا عتاقا ليكون سبب وصولهم إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص ، لأنه كان فيمن بايعه من قواد
المنصور ، وكان يتشيع .
وساروا في البحر إلى
السند ، فأمرهم
عمر أن يحضروا خيلهم ، فقال له بعضهم : إنا جئناك بما هو خير من الخيل وبما لك فيه خير الدنيا والآخرة فأعطنا الأمان إما قبلت منا وإما سترت وأمسكت عن إيذائنا حتى نخرج عن بلادك راجعين . فآمنه .
فذكر له حالهم وحال
عبد الله بن محمد بن عبد الله أرسله أبوه إليه ، فرحب بهم وبايعهم وأنزل
الأشتر عنده مختفيا ، ودعا كبراء أهل البلد وقواده وأهل بيته إلى البيعة ، فأجابوه ، فقطع ألويتهم البيض ، وهيأ لبسه من البياض ليخطب فيه وتهيأ لذلك يوم الخميس .
فوصله مركب لطيف فيه رسول من امرأة
nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص تخبره بقتل
محمد بن عبد الله ، فدخل على
الأشتر فأخبره وعزاه ، فقال له
الأشتر : إن أمري قد ظهر ودمي في عنقك . قال
عمر : قد رأيت رأيا ، هاهنا ملك من ملوك
السند عظيم الشأن كثير المملكة ، وهو على شوكة ، أشد الناس تعظيما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو وفي ، أرسل إليه فاعقد بينك وبينه عقدا ، فأوجهك إليه فلست ترام معه .
ففعل ذلك ، وسار إليه
الأشتر ،
[ ص: 167 ] فأكرمه وأظهر بره ، وتسللت إليه
الزيدية حتى اجتمع معه أربعمائة إنسان من أهل البصائر ، فكان يركب فيهم ويتصيد في هيئة الملوك وآلاتهم .
فلما انتهى [ ذلك ] إلى
المنصور بلغ منه ، وكتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص يخبره ما بلغه ، فقرأ الكتاب على أهله وقال لهم : إن أقررت بالقصة عزلني ، وإن صرت إليه قتلني ، وإن امتنعت حاربني . فقال له رجل منهم : ألق الذنب علي وخذني وقيدني ، فإنه سيكتب في حملي إليه ، فاحملني فإنه لا يقدم علي لمكانك في
السند وحال أهل بيتك
بالبصرة . فقال
عمر : أخاف عليك خلاف ما تظن . قال : إن قتلت فنفسي فدا لنفسك .
فقيده وحبسه وكتب إلى
المنصور بأمره ، فكتب إليه
المنصور يأمره بحمله ، فلما صار إليه ضرب عنقه .
ثم استعمل على
السند هشام بن عمرو التغلبي ، وكان سبب استعماله أن
المنصور كان تفكر فيمن يوليه
السند ، فبينا هو راكب
والمنصور ينظر إليه إذ غاب يسيرا ثم عاد فاستأذن على
المنصور ، فأدخله ، فقال : إني لما انصرفت من الموكب لقيتني أختي فلانة ، فرأيت من جمالها وعقلها ودينها ما رضيتها لأمير المؤمنين .
فأطرق ثم قال : اخرج يأتك أمري . فلما خرج قال
المنصور لحاجبه
الربيع : لولا قول
جرير :
لا تطلبن خئولة في تغلب فالزنج أكرم منهم أخوالا
لتزوجت إليه ، قل له : لو كان لنا حاجة في النكاح لقبلت ، فجزاك الله خيرا ، وقد وليتك
السند .
فتجهز إليها ، وأمره أن يكاتب ذلك الملك بتسليم
عبد الله ، فإن سلمه وإلا حاربه ، وكتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص بولايته
إفريقية . فسار
هشام إلى
السند فملكها ، وسار
عمر إلى
إفريقية فوليها .
فلما صار
هشام بالسند كره أخذ
عبد الله الأشتر ، وأقبل يري الناس أنه يكاتب ذلك الملك ، واتصلت الأخبار
بالمنصور بذلك ، فجعل يكتب إليه يستحثه ، فبينا هو كذلك إذ خرجت خارجة ببلاد
السند ، فوجه
هشام أخاه
سفنجا ، فخرج في جيشه وطريقه بجنبات ذلك الملك .
فبينا هو يسير إذا غبرة قد ارتفعت ، فظن أنهم مقدمة العدو الذي يقصده ، فوجه طلائعه ، فزحفت إليه ، فقالوا : هذا
عبد الله بن محمد العلوي يتنزه على شاطئ
مهران .
فمضى يريده ، فقال نصحاؤه : هذا ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تركه أخوك
[ ص: 168 ] متعمدا مخافة أن يبوء بدمه ، فلم يقصده ، فقال : ما كنت لأدع أخذه ، ولا أدع أحدا يحظى بأخذه أو قتله عند
المنصور . وكان
عبد الله في عشرة ، فقصده فقاتله
عبد الله ، وقاتل أصحابه حتى قتل وقتلوا جميعا ، فلم يفلت منهم مخبر ، وسقط
عبد الله بين القتلى فلم يشعر به .
وقيل : إن أصحابه قذفوه في
مهران حتى لا يحمل رأسه ، فكتب
هشام بذلك إلى
المنصور ، فكتب إليه
المنصور يشكره ويأمره بمحاربة ذلك الملك ، فحاربه حتى ظفر به وقتله وغلب على مملكته .
وكان
عبد الله قد اتخذ سراري فأولد واحدة منهن ولدا ، وهو
محمد بن عبد الله الذي يقال له
nindex.php?page=showalam&ids=12361ابن الأشتر ، فأخذ
هشام السراري والولد معهن فسيرهن إلى
المنصور ، فسير
المنصور الولد إلى عامله
بالمدينة ، وكتب معه بصحة نسبه وتسليمه إلى أهله .
[ ص: 166 ] 151
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ
فِيهَا أَغَارَتِ
الْكُرْكُ عَلَى
جُدَّةَ .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33758عَزْلِ nindex.php?page=showalam&ids=16665عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ عَنِ السِّنْدِ وَوِلَايَةِ nindex.php?page=showalam&ids=17247هِشَامِ بْنِ عَمْرٍو وَفِيهَا عَزَلَ
الْمَنْصُورُ عُمَرَ بْنَ حَفْصِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ قَبِيصَةَ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ الْمَعْرُوفَ بِهَزَارْمَرْدَ ، يَعْنِي أَلْفَ رَجُلٍ ، عَنِ
السِّنْدِ ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا
هِشَامَ بْنَ عَمْرٍو التَّغْلِبِيَّ ، وَاسْتَعْمَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16665عُمَرَ بْنَ حَفْصٍ عَلَى
إِفْرِيقِيَّةَ .
وَكَانَ سَبَبُ عَزْلِهِ عَنِ
السِّنْدِ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهَا لَمَّا ظَهَرَ
مُحَمَّدُ وَإِبْرَاهِيمُ ابْنَا
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ ، فَوَجَّهَ
مُحَمَّدُ ابْنَهُ
عَبْدَ اللَّهِ الْمَعْرُوفَ بِالْأَشْتَرِ إِلَى
الْبَصْرَةِ ، فَاشْتَرَى مِنْهَا خَيْلًا عِتَاقًا لِيَكُونَ سَبَبَ وُصُولِهِمْ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16665عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ ، لِأَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَهُ مِنْ قُوَّادِ
الْمَنْصُورِ ، وَكَانَ يَتَشَيَّعُ .
وَسَارُوا فِي الْبَحْرِ إِلَى
السِّنْدِ ، فَأَمَرَهُمْ
عُمَرُ أَنْ يُحْضِرُوا خَيْلَهُمْ ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ : إِنَّا جِئْنَاكَ بِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنَ الْخَيْلِ وَبِمَا لَكَ فِيهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَأَعْطِنَا الْأَمَانَ إِمَّا قَبِلْتَ مِنَّا وَإِمَّا سَتَرْتَ وَأَمْسَكْتَ عَنْ إِيذَائِنَا حَتَّى نَخْرُجَ عَنْ بِلَادِكَ رَاجِعِينَ . فَآمَنُهُ .
فَذَكَرَ لَهُ حَالَهُمْ وَحَالَ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَرْسَلَهُ أَبُوهُ إِلَيْهِ ، فَرَحَّبَ بِهِمْ وَبَايَعَهُمْ وَأَنْزَلَ
الْأَشْتَرَ عِنْدَهُ مُخْتَفِيًا ، وَدَعَا كُبَرَاءَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَقُوَّادَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ إِلَى الْبَيْعَةِ ، فَأَجَابُوهُ ، فَقَطَعَ أَلْوِيَتَهُمُ الْبِيضَ ، وَهَيَّأَ لُبْسَهُ مِنَ الْبَيَاضِ لِيَخْطُبَ فِيهِ وَتَهَيَّأَ لِذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ .
فَوَصَلَهُ مَرْكَبٌ لَطِيفٌ فِيهِ رَسُولٌ مِنِ امْرَأَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16665عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ تُخْبِرُهُ بِقَتْلِ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، فَدَخَلَ عَلَى
الْأَشْتَرِ فَأَخْبَرَهُ وَعَزَّاهُ ، فَقَالَ لَهُ
الْأَشْتَرُ : إِنَّ أَمْرِي قَدْ ظَهَرَ وَدَمِي فِي عُنُقِكَ . قَالَ
عُمَرُ : قَدْ رَأَيْتُ رَأْيًا ، هَاهُنَا مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ
السِّنْدِ عَظِيمُ الشَّأْنِ كَثِيرُ الْمَمْلَكَةِ ، وَهُوَ عَلَى شَوْكَةٍ ، أَشَدُّ النَّاسِ تَعْظِيمًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ وَفِيٌّ ، أَرْسِلْ إِلَيْهِ فَاعْقِدْ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَقْدًا ، فَأُوَجِّهُكَ إِلَيْهِ فَلَسْتَ تُرَامُ مَعَهُ .
فَفَعَلَ ذَلِكَ ، وَسَارَ إِلَيْهِ
الْأَشْتَرُ ،
[ ص: 167 ] فَأَكْرَمَهُ وَأَظْهَرَ بِرَّهُ ، وَتَسَلَّلَتْ إِلَيْهِ
الزَّيْدِيَّةُ حَتَّى اجْتَمَعَ مَعَهُ أَرْبَعُمِائَةِ إِنْسَانٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصَائِرِ ، فَكَانَ يَرْكَبُ فِيهِمْ وَيَتَصَيَّدُ فِي هَيْئَةِ الْمُلُوكِ وَآلَاتِهِمْ .
فَلَمَّا انْتَهَى [ ذَلِكَ ] إِلَى
الْمَنْصُورِ بَلَغَ مِنْهُ ، وَكَتَبَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16665عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ يُخْبِرُهُ مَا بَلَغَهُ ، فَقَرَأَ الْكِتَابَ عَلَى أَهْلِهِ وَقَالَ لَهُمْ : إِنْ أَقْرَرْتُ بِالْقِصَّةِ عَزَلَنِي ، وَإِنْ صِرْتُ إِلَيْهِ قَتَلَنِي ، وَإِنِ امْتَنَعْتُ حَارَبَنِي . فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ : أَلْقِ الذَّنْبَ عَلَيَّ وَخُذْنِي وَقَيِّدْنِي ، فَإِنَّهُ سَيَكْتُبُ فِي حَمْلِي إِلَيْهِ ، فَاحْمِلْنِي فَإِنَّهُ لَا يَقْدَمُ عَلَيَّ لِمَكَانِكَ فِي
السِّنْدِ وَحَالِ أَهْلِ بَيْتِكَ
بِالْبَصْرَةِ . فَقَالَ
عُمَرُ : أَخَافُ عَلَيْكَ خِلَافَ مَا تَظُنُّ . قَالَ : إِنْ قُتِلْتُ فَنَفْسِي فِدًا لِنَفْسِكَ .
فَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ وَكَتَبَ إِلَى
الْمَنْصُورِ بِأَمْرِهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ
الْمَنْصُورُ يَأْمُرُهُ بِحَمْلِهِ ، فَلَمَّا صَارَ إِلَيْهِ ضَرَبَ عُنُقَهُ .
ثُمَّ اسْتَعْمَلَ عَلَى
السِّنْدِ هِشَامَ بْنَ عَمْرٍو التَّغْلِبِيَّ ، وَكَانَ سَبَبُ اسْتِعْمَالِهِ أَنَّ
الْمَنْصُورَ كَانَ تَفَكَّرَ فِيمَنْ يُوَلِّيهِ
السِّنْدَ ، فَبَيْنَا هُوَ رَاكِبٌ
وَالْمَنْصُورُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذْ غَابَ يَسِيرًا ثُمَّ عَادَ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى
الْمَنْصُورِ ، فَأَدْخَلَهُ ، فَقَالَ : إِنِّي لَمَّا انْصَرَفْتُ مِنَ الْمَوْكِبِ لَقِيَتْنِي أُخْتِي فُلَانَةُ ، فَرَأَيْتُ مِنْ جِمَالِهَا وَعَقْلِهَا وَدِينِهَا مَا رَضِيتُهَا لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ .
فَأَطْرَقَ ثُمَّ قَالَ : اخْرُجْ يَأْتِكَ أَمْرِي . فَلَمَّا خَرَجَ قَالَ
الْمَنْصُورُ لِحَاجِبِهِ
الرَّبِيعِ : لَوْلَا قَوْلُ
جَرِيرٍ :
لَا تَطْلُبَنَّ خَئُولَةً فِي تَغْلِبٍ فَالزِّنْجُ أَكْرَمُ مِنْهُمْ أَخْوَالَا
لَتَزَوَّجْتُ إِلَيْهِ ، قُلْ لَهُ : لَوْ كَانَ لَنَا حَاجَةٌ فِي النِّكَاحِ لَقَبِلْتُ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، وَقَدْ وَلَّيْتُكَ
السِّنْدَ .
فَتَجَهَّزَ إِلَيْهَا ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَاتِبَ ذَلِكَ الْمَلِكَ بِتَسْلِيمِ
عَبْدِ اللَّهِ ، فَإِنْ سَلَّمَهُ وَإِلَّا حَارِبْهُ ، وَكَتَبَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16665عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ بِوِلَايَتِهِ
إِفْرِيقِيَّةَ . فَسَارَ
هِشَامٌ إِلَى
السِّنْدِ فَمَلَكَهَا ، وَسَارَ
عُمَرُ إِلَى
إِفْرِيقِيَّةَ فَوَلِيَهَا .
فَلَمَّا صَارَ
هِشَامٌ بِالسِّنْدِ كَرِهَ أَخْذَ
عَبْدِ اللَّهِ الْأَشْتَرِ ، وَأَقْبَلَ يُرِي النَّاسَ أَنَّهُ يُكَاتِبُ ذَلِكَ الْمَلِكَ ، وَاتَّصَلَتِ الْأَخْبَارُ
بِالْمَنْصُورِ بِذَلِكَ ، فَجَعَلَ يَكْتُبُ إِلَيْهِ يَسْتَحِثُّهُ ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَتْ خَارِجَةٌ بِبِلَادِ
السِّنْدِ ، فَوَجَّهَ
هِشَامٌ أَخَاهُ
سَفَنَّجًا ، فَخَرَجَ فِي جَيْشِهِ وَطَرِيقُهُ بِجَنَبَاتِ ذَلِكَ الْمَلِكِ .
فَبَيْنَا هُوَ يَسِيرُ إِذَا غُبْرَةٌ قَدِ ارْتَفَعَتْ ، فَظَنَّ أَنَّهُمْ مُقَدِّمَةُ الْعَدُوِّ الَّذِي يَقْصِدُهُ ، فَوَجَّهَ طَلَائِعَهُ ، فَزَحَفَتْ إِلَيْهِ ، فَقَالُوا : هَذَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَلَوِيُّ يَتَنَزَّهُ عَلَى شَاطِئِ
مِهْرَانَ .
فَمَضَى يُرِيدُهُ ، فَقَالَ نُصَحَاؤُهُ : هَذَا ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ تَرَكَهُ أَخُوكَ
[ ص: 168 ] مُتَعَمِّدًا مَخَافَةَ أَنْ يَبُوءَ بِدَمِهِ ، فَلَمْ يَقْصِدْهُ ، فَقَالَ : مَا كُنْتُ لِأَدَعَ أَخْذَهُ ، وَلَا أَدَعُ أَحَدًا يَحْظَى بِأَخْذِهِ أَوْ قَتْلِهِ عِنْدَ
الْمَنْصُورِ . وَكَانَ
عَبْدُ اللَّهِ فِي عَشَرَةٍ ، فَقَصَدَهُ فَقَاتَلَهُ
عَبْدُ اللَّهِ ، وَقَاتَلَ أَصْحَابُهُ حَتَّى قُتِلَ وَقُتِلُوا جَمِيعًا ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ مُخْبِرٌ ، وَسَقَطَ
عَبْدُ اللَّهِ بَيْنَ الْقَتْلَى فَلَمْ يُشْعَرْ بِهِ .
وَقِيلَ : إِنَّ أَصْحَابَهُ قَذَفُوهُ فِي
مِهْرَانَ حَتَّى لَا يُحْمَلَ رَأْسُهُ ، فَكَتَبَ
هِشَامٌ بِذَلِكَ إِلَى
الْمَنْصُورِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ
الْمَنْصُورُ يَشْكُرُهُ وَيَأْمُرُهُ بِمُحَارَبَةِ ذَلِكَ الْمَلِكِ ، فَحَارَبَهُ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ وَقَتَلَهُ وَغَلَبَ عَلَى مَمْلَكَتِهِ .
وَكَانَ
عَبْدُ اللَّهِ قَدِ اتَّخَذَ سَرَارِيَّ فَأَوْلَدَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَلَدًا ، وَهُوَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12361ابْنُ الْأَشْتَرِ ، فَأَخَذَ
هِشَامٌ السَّرَارِيَّ وَالْوَلَدَ مَعَهُنَّ فَسَيَّرَهَنُ إِلَى
الْمَنْصُورِ ، فَسَيَّرَ
الْمَنْصُورُ الْوَلَدَ إِلَى عَامِلِهِ
بِالْمَدِينَةِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ بِصِحَّةِ نَسَبِهِ وَتَسْلِيمِهِ إِلَى أَهْلِهِ .