[ ص: 123 ] ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=31898_31897_31899قصة يوسف عليه السلام
ذكروا أن
إسحاق توفي وعمره ستون ومائة سنة ، وقبره عند أبيه
إبراهيم ، قبره ابناه
يعقوب وعيص في
مزرعة حبرون ، وكان عمر
يعقوب مائة وسبعا وأربعين سنة ، وكان ابنه
يوسف قد قسم له ولأمه شطر الحسن ، وكان
يعقوب قد دفعه إلى أخته ابنة
إسحاق تحضنه ، فأحبته حبا شديدا وأحبه
يعقوب أيضا حبا شديدا ، فقال لأخته : يا أخية ، سلمي إلي
يوسف فوالله ما أقدر أن يغيب عني ساعة . فقالت : والله ما أنا بتاركته ساعة . فأصر
يعقوب على أخذه منها ، فقالت : اتركه عندي أياما لعل ذلك يسليني ، ثم عمدت إلى منطقة
إسحاق ، وكانت عندها ، لأنها كانت أكبر ولده ، فحزمتها على وسط
يوسف ثم قالت : قد فقدت المنطقة فانظروا من أخذها . فالتمست ، فقالت : اكشفوا أهل هذا البيت . فكشفوهم فوجدوها مع
يوسف ، وكان من مذهبهم أن صاحب السرقة يأخذ السارق له لا يعارضه فيه أحد ، فأخذت
يوسف فأمسكته عندها حتى ماتت وأخذه
يعقوب بعد موتها . فهذا الذي تأول إخوة
يوسف :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل وقيل في سرقته غير هذا ، وقد تقدم .
فلما رأى إخوة
يوسف محبة أبيهم له وإقباله عليه حسدوه وعظم عندهم .
[ ص: 124 ] ثم إن
يوسف رأى في منامه كأن أحد عشر كوكبا والشمس والقمر تسجد له ، فقصها على أبيه ، وكان عمره حينئذ اثنتي عشرة سنة . فقال له أبوه :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين . ثم عبر له رؤياه . فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث .
وسمعت امرأة
يعقوب ما قال
يوسف لأبيه فقال لها
يعقوب : اكتمي ما قال
يوسف ولا تخبري أولادك . قالت : نعم . فلما أقبل أولاد
يعقوب من الرعي أخبرتهم بالرؤيا ، فازدادوا حسدا وكراهة له ، وقالوا : ما عنى بالشمس غير أبينا ، ولا بالقمر غيرك ، ولا بالكواكب غيرنا ، إن ابن
راحيل يريد أن يتملك علينا ويقول أنا سيدكم . وتآمروا بينهم أن يفرقوا بينه وبين أبيه ، وقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=8ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين في خطإ بين في إيثارهما علينا
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=9اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين أي تائبين .
فقال قائل منهم ، وهو
يهودا ، وكان أفضلهم وأعقلهم : لا تقتلوا
يوسف فإن القتل عظيم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=10وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة ) ، وأخذ عليهم العهود أنهم لا يقتلونه ، فأجمعوا عند ذلك أن يدخلوا على
يعقوب ويكلموه في إرسال
يوسف معهم إلى البرية ، وأقبلوا إليه ووقفوا بين يديه ، وكذلك كانوا يفعلون إذا أرادوا منه حاجة ، فلما رآهم قال : ما حاجتكم ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=11قالوا ياأبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون نحفظه حتى نرده
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12أرسله معنا إلى الصحراء
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون . فقال لهم
يعقوب :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون لا تشعرون ، وإنما قال لهم ذلك لأنه كان رأى في منامه كأن
يوسف على رأس جبل وكأن عشرة من الذئاب قد شدوا عليه ليقتلوه ، وإذا ذئب منها يحمي عنه ، وكأن الأرض انشقت فذهب فيها فلم يخرج منها إلا بعد ثلاثة أيام ، فلذلك خاف عليه الذئب .
[ ص: 125 ] فقال له بنوه :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=14لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون . فاطمأن إليهم ، فقال
يوسف : يا أبت أرسلني معهم ، قال : أو تحب ذلك ؟ قال : نعم . فأذن له ، فلبس ثيابه وخرج معهم وهم يكرمونه ، فلما برزوا إلى البرية أظهروا له العداوة وجعل بعض إخوته يضربه فيستغيث بالآخر فيضربه ، فجعل لا يرى منهم رحيما ، فضربوه حتى كادوا يقتلونه ، وجعل يصيح : يا أبتاه يا
يعقوب ، لو تعلم ما يصنع بابنك بنو الإماء .
فلما كادوا يقتلونه قال لهم
يهودا : أليس قد أعطيتموني موثقا ألا تقتلوه ؟ فانطلقوا به إلى الجب ، فأوثقوه كتافا ونزعوا قميصه ، وألقوه فيه ، فقال : يا إخوتاه ، ردوا علي قميصي أتوارى به في الجب ! فقالوا : ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا تؤنسك . قال : إني لم أر شيئا ، فدلوه في الجب ، فلما بلغ نصفه ألقوه ، أرادوا أن يموت ، وكان في البئر ماء ، فسقط فيه ثم أوى إلى صخرة فأقام عليها ، ثم نادوه فظن أنهم قد رحموه فأجابهم ، فأرادوا أن يرضخوه بالحجارة فمنعهم
يهودا .
ثم أوحى الله إليه :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=15لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون بالوحي ، وقيل لا يشعرون أنه
يوسف .
والجب بأرض
بيت المقدس معروف .
ثم عادوا إلى أبيهم عشاء يبكون فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=17ياأبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب . فقال لهم أبوهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل . ثم قال لهم : أروني قميصه . فأروه . فقال : تالله ما رأيت ذئبا أحلم من هذا ! أكل ابني ولم يشق قميصه ! ثم صاح وخر مغشيا عليه ساعة ، فلما أفاق بكى بكاء طويلا فأخذ القميص يقبله ويشمه .
وأقام
يوسف في الجب ثلاثة أيام ، وأرسل الله ملكا فحل كتافه ، ثم
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19جاءت سيارة فأرسلوا واردهم ، وهو الذي يتقدم إلى الماء ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19فأدلى دلوه إلى البئر ، فتعلق به
[ ص: 126 ] يوسف فأخرجه من الجب ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19قال يابشرى هذا غلام وأسروه بضاعة يعني الوارد وأصحابه خافوا أن يقولوا اشتريناه فيقول الرفقة أشركونا فيه فقالوا : إن أهل الماء استبضعونا هذا الغلام .
وجاء
يهودا بطعام
ليوسف فلم يره في الجب فنظر فرآه عند
مالك في المنزل فأخبر إخوته بذلك ، فأتوا
مالكا وقالوا : هذا عبد آبق منا . وخافهم
يوسف فلم يذكر حاله ، واشتروه من إخوته بثمن بخس ، قيل عشرون درهما ، وقيل أربعون درهما وذهبوا به إلى
مصر ، فكساه
مالك ، وعرضه للبيع ، فاشتراه
قطفير وقيل
أطفير ، وهو
العزيز ، وكان على خزائن
مصر ، والملك يومئذ
الريان بن الوليد رجل من
العمالقة ، قيل : إن هذا الملك لم يمت حتى آمن
بيوسف ومات
ويوسف حي ، وملك بعده
قابوس بن مصعب ، فدعاه
يوسف فلم يؤمن .
فلما اشترى
يوسف وأتى به إلى منزله قال لامرأته ، واسمها
راعيل nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا [ فيكفينا ] إذا [ هو بلغ و ] فهم الأمور بعض ما نحن بسبيله
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21أو نتخذه ولدا ، وكان لا يأتي النساء ، وكانت امرأته حسناء ناعمة في ملك ودنيا .
فلما خلا من عمر
يوسف ثلاث وثلاثون سنة آتاه الله العلم والحكمة قبل النبوة ، وراودته
راعيل عن نفسه وأغلقت الأبواب عليه وعليها ودعته إلى نفسها ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=23معاذ الله إنه ربي يعني أن زوجك سيدي
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=23أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون ، يعني أن خيانته ظلم ، وجعلت تذكر محاسنه وتشوقه إلى نفسها ، فقالت له : يا
يوسف ما أحسن شعرك ! قال : هو أول ما ينتثر من جسدي . قالت : يا
يوسف ما أحسن عينيك ! قال : هما أول ما يسيل من جسدي . قالت : ما أحسن وجهك ! قال : هو للتراب . فلم تزل به حتى همت وهم بها وذهب ليحل سراويله ، فإذا هو بصورة
يعقوب قد عض على إصبعه
[ ص: 127 ] يقول : يا
يوسف لا تواقعها إنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو السماء لا يطاق ، ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات وسقط إلى الأرض .
وقيل : جلس بين رجليها فرأى في الحائط :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا . فقام حين رأى برهان ربه هاربا يريد الباب ، فأدركته قبل خروجه من الباب فجذبت قميصه من قبل ظهره فقدته ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25وألفيا سيدها لدى الباب - وابن عمها معه ، فقالت له -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن . قال
يوسف : بل
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26هي راودتني عن نفسي فهربت منها فأدركتني فقدت قميصي . قال لها ابن عمها : تبيان هذا في القميص فإن كان قد من قبل فصدقت ، وإن كان قد من دبر فكذبت ، فأتي بالقميص فوجده قد من دبر فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم .
وقيل : كان الشاهد صبيا في المهد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=treesubj&link=32010تكلم أربعة في المهد وهم صغار ، ابن ماشطة امرأة
فرعون ، وشاهد
يوسف ، وصاحب
جريج ،
وعيسى ابن مريم .
وقال زوجها
ليوسف :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=76أعرض عن هذا أي ذكر ما كان منها فلا تذكره لأحد ، ثم قال لزوجته .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29استغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين
وتحدثت النساء بأمر
يوسف وامرأة العزيز ، وبلغ ذلك امرأة العزيز ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ ) يتكئن عليه [ من ] وسائد ، وحضرن ، وقدمت لهن أترنجا وأعطت كل واحدة منهن سكينا لقطع الأترنج ، وقد أجلست
يوسف في غير المجلس الذي هن فيه وقالت له :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31اخرج عليهن - فخرج -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31فلما رأينه أكبرنه - وأعظمنه -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31وقطعن أيديهن [ ص: 128 ] بالسكاكين ولا يشعرن ، وقلن : معاذ الله
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم
فلما حل بهن ما حل من قطعهن أيديهن وذهاب عقولهن ، وعرفن خطأهن فيما قلن أقرت على نفسها ، وقالت :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=32فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين . فاختار
يوسف السجن على معصية الله فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=33رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=34فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن . ثم بدا
للعزيز من بعد ما رأى الآيات من القميص ، وخمش الوجه ، وشهادة الطفل ، وتقطيع النسوة أيديهن في ترك
يوسف مطلقا .
وقيل : إنها شكت إلى زوجها ، وقالت : إن هذا العبد قد فضحني في الناس يخبرهم أنني راودته عن نفسه ، فسجنه سبع سنين . فلما حبس
يوسف أدخل معه السجن فتيان من أصحاب
فرعون مصر ، أحدهما صاحب طعامه ، والآخر صاحب شرابه ، لأنهما نقل عنهما أنهما يريدا أن يسما الملك ، فلما دخل
يوسف السجن قال : إني أعبر الأحلام . فقال أحد الفتيين للآخر : هلم فلنجربه . قال الخباز :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=36إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه وقال الآخر
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=36إني أراني أعصر خمرا . فقال لهما
يوسف :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=37لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما . كره أن يعبر لهما ما سألاه عنه ، وأخذ في غير ذلك وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=39ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار وكان اسم الخباز
مخلت ، واسم الآخر
نبو ، فلم يدعاه حتى أخبرهما بتأويل ما سألاه عنه ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=41أما أحدكما ، وهو الذي رأى أنه يعصر الخمر ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=41فيسقي ربه خمرا ، يعني سيده الملك ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=41وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه [ ص: 129 ] فلما عبر لهما قالا : ما رأينا شيئا ! قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=41قضي الأمر الذي فيه تستفتيان . ثم قال
لنبو ، وهو الذي ظن أنه ناج منهما :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=42اذكرني عند ربك الملك ، وأخبره أني محبوس ظلما .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=42فأنساه الشيطان ذكر ربه غفلة عرضت
ليوسف من قبل الشيطان فأوحى الله إليه : يا
يوسف ، اتخذت من دوني وكيلا ! لأطيلن حبسك . فلبث في السجن سبع سنين .
[ ص: 123 ] ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=31898_31897_31899قِصَّةِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
ذَكَرُوا أَنَّ
إِسْحَاقَ تُوُفِّيَ وَعُمُرُهُ سِتُّونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ ، وَقَبْرُهُ عِنْدَ أَبِيهِ
إِبْرَاهِيمَ ، قَبَرَهُ ابْنَاهُ
يَعْقُوبُ وَعِيصٌ فِي
مَزْرَعَةِ حَبْرُونَ ، وَكَانَ عُمُرُ
يَعْقُوبَ مِائَةً وَسَبْعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَكَانَ ابْنُهُ
يُوسُفُ قَدْ قُسِمَ لَهُ وَلِأُمِّهِ شَطْرُ الْحُسْنِ ، وَكَانَ
يَعْقُوبُ قَدْ دَفَعَهُ إِلَى أُخْتِهِ ابْنَةِ
إِسْحَاقَ تَحْضُنُهُ ، فَأَحَبَّتْهُ حُبًّا شَدِيدًا وَأَحَبَّهُ
يَعْقُوبُ أَيْضًا حُبًّا شَدِيدًا ، فَقَالَ لِأُخْتِهِ : يَا أُخَيَّةُ ، سَلِّمِي إِلَيَّ
يُوسُفَ فَوَاللَّهِ مَا أَقْدِرُ أَنْ يَغِيبَ عَنِّي سَاعَةً . فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَنَا بِتَارِكَتِهِ سَاعَةً . فَأَصَرَّ
يَعْقُوبُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهَا ، فَقَالَتْ : اتْرُكْهُ عِنْدِي أَيَّامًا لَعَلَّ ذَلِكَ يُسَلِّينِي ، ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى مِنْطَقَةِ
إِسْحَاقَ ، وَكَانَتْ عِنْدَهَا ، لِأَنَّهَا كَانَتْ أَكْبَرَ وَلَدِهِ ، فَحَزَمَتْهَا عَلَى وَسَطِ
يُوسُفَ ثُمَّ قَالَتْ : قَدْ فَقَدْتُ الْمِنْطَقَةَ فَانْظُرُوا مَنْ أَخَذَهَا . فَالْتُمِسَتْ ، فَقَالَتْ : اكْشِفُوا أَهْلَ هَذَا الْبَيْتِ . فَكَشَفُوهُمْ فَوَجَدُوهَا مَعَ
يُوسُفَ ، وَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ صَاحِبَ السَّرِقَةِ يَأْخُذُ السَّارِقَ لَهُ لَا يُعَارِضُهُ فِيهِ أَحَدٌ ، فَأَخَذَتْ
يُوسُفَ فَأَمْسَكَتْهُ عِنْدَهَا حَتَّى مَاتَتْ وَأَخَذَهُ
يَعْقُوبُ بَعْدَ مَوْتِهَا . فَهَذَا الَّذِي تَأَوَّلَ إِخْوَةُ
يُوسُفَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ وَقِيلَ فِي سَرِقَتِهِ غَيْرُ هَذَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ .
فَلَمَّا رَأَى إِخْوَةُ
يُوسُفَ مَحَبَّةَ أَبِيهِمْ لَهُ وَإِقْبَالَهُ عَلَيْهِ حَسَدُوهُ وَعَظُمَ عِنْدَهُمْ .
[ ص: 124 ] ثُمَّ إِنَّ
يُوسُفَ رَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ تَسْجُدُ لَهُ ، فَقَصَّهَا عَلَى أَبِيهِ ، وَكَانَ عُمُرُهُ حِينَئِذٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً . فَقَالَ لَهُ أَبُوهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ . ثُمَّ عَبَرَ لَهُ رُؤْيَاهُ . فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ .
وَسَمِعَتِ امْرَأَةُ
يَعْقُوبَ مَا قَالَ
يُوسُفُ لِأَبِيهِ فَقَالَ لَهَا
يَعْقُوبُ : اكْتُمِي مَا قَالَ
يُوسُفُ وَلَا تُخْبِرِي أَوْلَادَكِ . قَالَتْ : نَعَمْ . فَلَمَّا أَقْبَلَ أَوْلَادُ
يَعْقُوبَ مِنَ الرَّعْيِ أَخْبَرَتْهُمْ بِالرُّؤْيَا ، فَازْدَادُوا حَسَدًا وَكَرَاهَةً لَهُ ، وَقَالُوا : مَا عَنَى بِالشَّمْسِ غَيْرَ أَبِينَا ، وَلَا بِالْقَمَرِ غَيْرَكِ ، وَلَا بِالْكَوَاكِبِ غَيْرَنَا ، إِنَّ ابْنَ
رَاحِيلَ يُرِيدُ أَنْ يَتَمَلَّكَ عَلَيْنَا وَيَقُولَ أَنَا سَيِّدُكُمْ . وَتَآمَرُوا بَيْنَهُمْ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ ، وَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=8لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ فِي خَطَإٍ بَيِّنٍ فِي إِيثَارِهِمَا عَلَيْنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=9اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ أَيْ تَائِبِينَ .
فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ ، وَهُوَ
يَهُودَا ، وَكَانَ أَفْضَلَهُمْ وَأَعْقَلَهُمْ : لَا تَقْتُلُوا
يُوسُفَ فَإِنَّ الْقَتْلَ عَظِيمٌ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=10وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ) ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعُهُودَ أَنَّهُمْ لَا يَقْتُلُونَهُ ، فَأَجْمَعُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدْخُلُوا عَلَى
يَعْقُوبَ وَيُكَلِّمُوهُ فِي إِرْسَالِ
يُوسُفَ مَعَهُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ ، وَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ وَوَقَفُوا بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يَفْعَلُونَ إِذَا أَرَادُوا مِنْهُ حَاجَةً ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ : مَا حَاجَتُكُمْ ؟
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=11قَالُوا يَاأَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ نَحْفَظُهُ حَتَّى نَرُدَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12أَرْسِلْهُ مَعَنَا إِلَى الصَّحْرَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ . فَقَالَ لَهُمْ
يَعْقُوبُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ لَا تَشْعُرُونَ ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ رَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ
يُوسُفَ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَكَأَنَّ عَشَرَةً مِنَ الذِّئَابِ قَدْ شَدُّوا عَلَيْهِ لِيَقْتُلُوهُ ، وَإِذَا ذِئْبٌ مِنْهَا يَحْمِي عَنْهُ ، وَكَأَنَّ الْأَرْضَ انْشَقَّتْ فَذَهَبَ فِيهَا فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا إِلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، فَلِذَلِكَ خَافَ عَلَيْهِ الذِّئْبَ .
[ ص: 125 ] فَقَالَ لَهُ بَنُوهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=14لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ . فَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ
يُوسُفُ : يَا أَبَتِ أَرْسِلْنِي مَعَهُمْ ، قَالَ : أَوَ تُحِبُّ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَأَذِنَ لَهُ ، فَلَبِسَ ثِيَابَهُ وَخَرَجَ مَعَهُمْ وَهُمْ يُكْرِمُونَهُ ، فَلَمَّا بَرَزُوا إِلَى الْبَرِّيَّةِ أَظْهَرُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ وَجَعَلَ بَعْضُ إِخْوَتِهِ يَضْرِبُهُ فَيَسْتَغِيثُ بِالْآخَرِ فَيَضْرِبُهُ ، فَجَعَلَ لَا يَرَى مِنْهُمْ رَحِيمًا ، فَضَرَبُوهُ حَتَّى كَادُوا يَقْتُلُونَهُ ، وَجَعَلَ يَصِيحُ : يَا أَبَتَاهُ يَا
يَعْقُوبُ ، لَوْ تَعْلَمُ مَا يَصْنَعُ بِابْنِكَ بَنُو الْإِمَاءِ .
فَلَمَّا كَادُوا يَقْتُلُونَهُ قَالَ لَهُمْ
يَهُودَا : أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتُمُونِي مَوْثِقًا أَلَّا تَقْتُلُوهُ ؟ فَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَى الْجُبِّ ، فَأَوْثَقُوهُ كِتَافًا وَنَزَعُوا قَمِيصَهُ ، وَأَلْقَوْهُ فِيهِ ، فَقَالَ : يَا إِخْوَتَاهْ ، رُدُّوا عَلَيَّ قَمِيصِي أَتَوَارَى بِهِ فِي الْجُبِّ ! فَقَالُوا : ادْعُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا تُؤْنِسُكَ . قَالَ : إِنِّي لَمْ أَرَ شَيْئًا ، فَدَلَّوْهُ فِي الْجُبِّ ، فَلَمَّا بَلَغَ نِصْفَهُ أَلْقَوْهُ ، أَرَادُوا أَنْ يَمُوتَ ، وَكَانَ فِي الْبِئْرِ مَاءٌ ، فَسَقَطَ فِيهِ ثُمَّ أَوَى إِلَى صَخْرَةٍ فَأَقَامَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ نَادَوْهُ فَظَنَّ أَنَّهُمْ قَدْ رَحِمُوهُ فَأَجَابَهُمْ ، فَأَرَادُوا أَنْ يَرْضَخُوهُ بِالْحِجَارَةِ فَمَنَعَهُمْ
يَهُودَا .
ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=15لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ بِالْوَحْيِ ، وَقِيلَ لَا يَشْعُرُونَ أَنَّهُ
يُوسُفُ .
وَالْجُبُّ بِأَرْضِ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَعْرُوفٌ .
ثُمَّ عَادُوا إِلَى أَبِيهِمْ عِشَاءً يَبْكُونَ فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=17يَاأَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ . فَقَالَ لَهُمْ أَبُوهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ . ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : أَرُونِي قَمِيصَهُ . فَأَرَوْهُ . فَقَالَ : تَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ ذِئْبًا أَحْلَمَ مِنْ هَذَا ! أَكَلَ ابْنِي وَلَمْ يَشُقَّ قَمِيصَهُ ! ثُمَّ صَاحَ وَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ سَاعَةً ، فَلَمَّا أَفَاقَ بَكَى بُكَاءً طَوِيلًا فَأَخَذَ الْقَمِيصَ يُقَبِّلُهُ وَيَشُمُّهُ .
وَأَقَامَ
يُوسُفُ فِي الْجُبِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ مَلَكًا فَحَلَّ كِتَافَهُ ، ثُمَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19جَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ ، وَهُوَ الَّذِي يَتَقَدَّمُ إِلَى الْمَاءِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19فَأَدْلَى دَلْوَهُ إِلَى الْبِئْرِ ، فَتَعَلَّقَ بِهِ
[ ص: 126 ] يُوسُفُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْجُبِّ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً يَعْنِي الْوَارِدَ وَأَصْحَابَهُ خَافُوا أَنْ يَقُولُوا اشْتَرَيْنَاهُ فَيَقُولَ الرُّفْقَةُ أَشْرِكُونَا فِيهِ فَقَالُوا : إِنَّ أَهْلَ الْمَاءِ اسْتَبْضَعُونَا هَذَا الْغُلَامَ .
وَجَاءَ
يَهُودَا بِطَعَامٍ
لِيُوسُفَ فَلَمْ يَرَهُ فِي الْجُبِّ فَنَظَرَ فَرَآهُ عِنْدَ
مَالِكٍ فِي الْمَنْزِلِ فَأَخْبَرَ إِخْوَتَهُ بِذَلِكَ ، فَأَتَوْا
مَالِكًا وَقَالُوا : هَذَا عَبْدٌ آبِقٌ مِنَّا . وَخَافَهُمْ
يُوسُفُ فَلَمْ يَذْكُرْ حَالَهُ ، وَاشْتَرَوْهُ مِنْ إِخْوَتِهِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ، قِيلَ عِشْرُونَ دِرْهَمًا ، وَقِيلَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى
مِصْرَ ، فَكَسَاهُ
مَالِكٌ ، وَعَرَضَهُ لِلْبَيْعِ ، فَاشْتَرَاهُ
قُطْفِيرُ وَقِيلَ
أُطْفِيرُ ، وَهُوَ
الْعَزِيزُ ، وَكَانَ عَلَى خَزَائِنِ
مِصْرَ ، وَالْمَلِكُ يَوْمَئِذٍ
الرَّيَّانُ بْنُ الْوَلِيدِ رَجُلٌ مِنَ
الْعَمَالِقَةِ ، قِيلَ : إِنَّ هَذَا الْمَلِكَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى آمَنَ
بِيُوسُفَ وَمَاتَ
وَيُوسُفُ حَيٌّ ، وَمَلَكَ بَعْدَهُ
قَابُوسُ بْنُ مُصْعَبٍ ، فَدَعَاهُ
يُوسُفُ فَلَمْ يُؤْمِنْ .
فَلَمَّا اشْتَرَى
يُوسُفَ وَأَتَى بِهِ إِلَى مَنْزِلِهِ قَالَ لِامْرَأَتِهِ ، وَاسْمُهَا
رَاعِيلُ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا [ فَيَكْفِيَنَا ] إِذَا [ هُوَ بَلَغَ وَ ] فَهِمَ الْأُمُورَ بَعْضَ مَا نَحْنُ بِسَبِيلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=21أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ، وَكَانَ لَا يَأْتِي النِّسَاءَ ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ حَسْنَاءَ نَاعِمَةً فِي مُلْكٍ وَدُنْيَا .
فَلَمَّا خَلَا مِنْ عُمُرِ
يُوسُفَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً آتَاهُ اللَّهُ الْعِلْمَ وَالْحِكْمَةَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ، وَرَاوَدَتْهُ
رَاعِيلُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَغْلَقَتِ الْأَبْوَابَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا وَدَعَتْهُ إِلَى نَفْسِهَا ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=23مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي يَعْنِي أَنَّ زَوْجَكِ سَيِّدِي
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=23أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ، يَعْنِي أَنَّ خِيَانَتَهُ ظُلْمٌ ، وَجَعَلَتْ تَذْكُرُ مَحَاسِنَهُ وَتُشَوِّقُهُ إِلَى نَفْسِهَا ، فَقَالَتْ لَهُ : يَا
يُوسُفُ مَا أَحْسَنَ شَعْرَكَ ! قَالَ : هُوَ أَوَّلُ مَا يَنْتَثِرُ مِنْ جَسَدِي . قَالَتْ : يَا
يُوسُفُ مَا أَحْسَنَ عَيْنَيْكَ ! قَالَ : هُمَا أَوَّلُ مَا يَسِيلُ مِنْ جَسَدِي . قَالَتْ : مَا أَحْسَنَ وَجْهَكَ ! قَالَ : هُوَ لِلتُّرَابِ . فَلَمْ تَزَلْ بِهِ حَتَّى هَمَّتْ وَهَمَّ بِهَا وَذَهَبَ لِيَحُلَّ سَرَاوِيلَهُ ، فَإِذَا هُوَ بِصُورَةِ
يَعْقُوبَ قَدْ عَضَّ عَلَى إِصْبُعِهِ
[ ص: 127 ] يَقُولُ : يَا
يُوسُفُ لَا تُوَاقِعْهَا إِنَّمَا مَثَلُكَ مَا لَمْ تُوَاقِعْهَا مَثَلُ الطَّيْرِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ لَا يُطَاقُ ، وَمَثَلُكَ إِذَا وَاقَعْتَهَا مَثَلُهُ إِذَا مَاتَ وَسَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ .
وَقِيلَ : جَلَسَ بَيْنَ رِجْلَيْهَا فَرَأَى فِي الْحَائِطِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا . فَقَامَ حِينَ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ هَارِبًا يُرِيدُ الْبَابَ ، فَأَدْرَكَتْهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنَ الْبَابِ فَجَذَبَتْ قَمِيصَهُ مِنْ قِبَلِ ظَهْرِهِ فَقَدَّتْهُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ - وَابْنَ عَمِّهَا مَعَهُ ، فَقَالَتْ لَهُ -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ . قَالَ
يُوسُفُ : بَلْ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي فَهَرَبْتُ مِنْهَا فَأَدْرَكَتْنِي فَقَدَّتْ قَمِيصِي . قَالَ لَهَا ابْنُ عَمِّهَا : تِبْيَانُ هَذَا فِي الْقَمِيصِ فَإِنْ كَانَ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ ، وَإِنْ كَانَ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ ، فَأُتِيَ بِالْقَمِيصِ فَوَجَدَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ .
وَقِيلَ : كَانَ الشَّاهِدُ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=32010تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ فِي الْمَهْدِ وَهُمْ صِغَارٌ ، ابْنُ مَاشِطَةِ امْرَأَةِ
فِرْعَوْنَ ، وَشَاهِدُ
يُوسُفَ ، وَصَاحِبُ
جُرَيْجٍ ،
وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ .
وَقَالَ زَوْجُهَا
لِيُوسُفَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=76أَعْرِضْ عَنْ هَذَا أَيْ ذِكْرِ مَا كَانَ مِنْهَا فَلَا تَذْكُرْهُ لِأَحَدٍ ، ثُمَّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ
وَتَحَدَّثَتِ النِّسَاءُ بِأَمْرِ
يُوسُفَ وَامْرَأَةِ الْعَزِيزِ ، وَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةَ الْعَزِيزِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً ) يَتَّكِئْنَ عَلَيْهِ [ مِنْ ] وَسَائِدَ ، وَحَضَرْنَ ، وَقَدَّمَتْ لَهُنَّ أُتْرُنْجًا وَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا لِقَطْعِ الْأُتْرُنْجِ ، وَقَدْ أَجْلَسَتْ
يُوسُفَ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ الَّذِي هُنَّ فِيهِ وَقَالَتْ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ - فَخَرَجَ -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ - وَأَعْظَمْنَهُ -
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ [ ص: 128 ] بِالسَّكَاكِينِ وَلَا يَشْعُرْنَ ، وَقُلْنَ : مَعَاذَ اللَّهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=31مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ
فَلَمَّا حَلَّ بِهِنَّ مَا حَلَّ مِنْ قَطْعِهِنَّ أَيْدِيَهُنَّ وَذَهَابِ عُقُولِهِنَّ ، وَعَرَفْنَ خَطَأَهُنَّ فِيمَا قُلْنَ أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا ، وَقَالَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=32فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَنْ مِنَ الصَّاغِرِينَ . فَاخْتَارَ
يُوسُفُ السَّجْنَ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=33رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=34فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ . ثُمَّ بَدَا
لِلْعَزِيزِ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَى الْآيَاتِ مِنَ الْقَمِيصِ ، وَخَمْشِ الْوَجْهِ ، وَشَهَادَةِ الطِّفْلِ ، وَتَقْطِيعِ النِّسْوَةِ أَيْدِيَهُنَّ فِي تَرْكِ
يُوسُفَ مُطْلَقًا .
وَقِيلَ : إِنَّهَا شَكَتْ إِلَى زَوْجِهَا ، وَقَالَتْ : إِنَّ هَذَا الْعَبْدَ قَدْ فَضَحَنِي فِي النَّاسِ يُخْبِرُهُمْ أَنَّنِي رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ ، فَسَجَنَهُ سَبْعَ سِنِينَ . فَلَمَّا حُبِسَ
يُوسُفُ أُدْخِلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ مِنْ أَصْحَابِ
فِرْعَوْنِ مِصْرَ ، أَحَدُهُمَا صَاحِبُ طَعَامِهِ ، وَالْآخَرُ صَاحِبُ شَرَابِهِ ، لِأَنَّهُمَا نُقِلَ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا يُرِيدَا أَنْ يَسُمَّا الْمَلِكَ ، فَلَمَّا دَخَلَ
يُوسُفُ السِّجْنَ قَالَ : إِنِّي أَعْبُرُ الْأَحْلَامَ . فَقَالَ أَحَدُ الْفَتَيَيْنِ لِلْآخَرِ : هَلُمَّ فَلْنُجَرِّبْهُ . قَالَ الْخَبَّازُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=36إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ وَقَالَ الْآخَرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=36إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا . فَقَالَ لَهُمَا
يُوسُفُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=37لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا . كَرِهَ أَنْ يَعْبُرَ لَهُمَا مَا سَأَلَاهُ عَنْهُ ، وَأَخَذَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=39يَاصَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ وَكَانَ اسْمُ الْخَبَّازِ
مَخْلَتَ ، وَاسْمُ الْآخَرِ
نَبْوَ ، فَلَمْ يَدَعَاهُ حَتَّى أَخْبَرَهُمَا بِتَأْوِيلِ مَا سَأَلَاهُ عَنْهُ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=41أَمَّا أَحَدُكُمَا ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى أَنَّهُ يَعْصِرُ الْخَمْرَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=41فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا ، يَعْنِي سَيِّدَهُ الْمَلِكَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=41وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ [ ص: 129 ] فَلَمَّا عَبَرَ لَهُمَا قَالَا : مَا رَأَيْنَا شَيْئًا ! قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=41قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ . ثُمَّ قَالَ
لِنَبْوَ ، وَهُوَ الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=42اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ الْمَلِكِ ، وَأَخْبِرْهُ أَنِّي مَحْبُوسٌ ظُلْمًا .
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=42فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ غَفْلَةٌ عَرَضَتْ
لِيُوسُفَ مِنْ قِبَلِ الشَّيْطَانِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ : يَا
يُوسُفُ ، اتَّخَذْتَ مِنْ دُونِي وَكِيلًا ! لَأُطِيلَنَّ حَبْسَكَ . فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ سَبْعَ سِنِينَ .