الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( هل ) الهاء واللام أصل صحيح يدل على رفع صوت ، ثم يتوسع فيه فيسمى الشيء الذي يصوت عنده ببعض ألفاظ الهاء واللام . ثم يشبه بهذا المسمى غيره فيسمى به .

                                                          والأصل قولهم أهل بالحج : رفع صوته بالتلبية واستهل الصبي صارخا : صوت عند ولاده . قال ابن أحمر في الإهلال :


                                                          يهل بالفرقد ركبانها كما يهل الراكب المعتمر

                                                          ويقال : انهل المطر في شدة صوبه وصوته انهلالا .

                                                          وأما الذي يحمل على هذا للقرب والجوار فالهلال الذي في السماء ، سمي به لإهلال الناس عند نظرهم إليه مكبرين وداعين . ويسمى هلالا أول ليلة والثانية والثالثة ، ثم هو قمر بعد ذلك . يقال أهل الهلال واستهل . ثم قيل على معنى التشبيه تهلل السحاب ببرقه : تلألأ ، كأن البرق شبه بالهلال .

                                                          ومما حمل على التشبيه أيضا الهلال : سنان له شعبتان . والهلال : الماء القليل في أسفل الركي . والهلال أيضا : ضرب من الحيات . قال ذو الرمة :

                                                          [ ص: 12 ]

                                                          إليك ابتذلنا كل وهم كأنه     هلال بدا في رمضة يتقلب

                                                          ويقولون : الهلال : سلخ الحية . والهلال : طرف الرحى إذا انكسر منها . ويقولون : ثوب هلهل : سخيف النسج ، كأنه في رقته ضوء الهلال . وشعر هلهل : رقيق . وسمي امرؤ القيس بن ربيعة مهلهلا لأنه أول من رقق الشعر ، وقال قوم : بل سمي مهلهلا بقوله :


                                                          لما توعر في الكراع هجينهم     هلهلت أثأر جابرا أو صنبلا

                                                          وذلك أنه إذا أراد إدراكه صوت متداركا . ويقال الهلاهل : الماء الكثير ، وهذا لأن له في جريانه صوتا ; وهو [ في ] الأصل هراهر . والهلال : ما يضم بين حنوي الرحل ، والجمع أهلة .

                                                          ومما شذ عن هذا الأصل قولهم : حمل فلان على قرنه ثم هلل ، إذا أحجم . فأما قول القائل :


                                                          وليس لها ريح ولكن وديقة     يظل بها الساري يهل وينقع

                                                          [ ص: 13 ] ويقال للخيل : هلا : قري ، صوت يصوت به لها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية