الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بل ) الباء واللام في المضاعف له أصول خمسة هي معظم الباب . فالأول الندى ، يقال : بللت الشيء أبله . والبلة البلل ، وقد تضم الباء فيقال : بلة . وربما ذكروا ذلك في بقية الثميلة في الكرش . قال الراجز :


                                                          وفارقتها بلة الأوابل

                                                          ويقال : ذهبت أبلال الإبل ، أي : نطافها التي في بطونها . قال الضبي : ليس من النوق ناقة ترد الماء فيها بلة إلا الصهباء . أي إنها تصبر على العطش . ومن ذلك التي هي العطية . قال الخليل : يقال للإنسان إذا حسنت حاله بعد الهزال : قد ابتل وتبلل . ويقولون : " لا أفعل كذا ما بل بحر صوفة " ويقال : للبخيل : ما تبل إحدى يديه الأخرى . ومنه " بلوا أرحامكم ولو بالسلام " . ويقال : لا تبلك عندي بالة ولا بلال ولا بلال على وزن حذام . قال :


                                                          فلا والله يا ابن أبي عقيل     تبلك بعدها فينا بلال

                                                          [ ص: 188 ] وفي أمثال العرب : " اضربوا أميالا تجدوا بلالا " . قال الخليل : بلة اللسان وقوعه على مواضع الحروف واستمراره على النطق ، يقال : ما أحسن بلة لسانه . وقال أبو زيد : البلة عسل السمر . ويقال : أبل العود : إذا جرى فيه ندى الغيث . قال الكسائي : انصرف القوم ببلتهم ، أي انصرفوا وبهم بقية . ويقال : اطو الثوب على بلته ، أي : على بقية بلل فيه لئلا يتكسر . وأصله في السقاء يتشنن ، فإذا أريد استعماله ندي . ومنه قولهم : طويت فلانا على بلاله ، أي احتملته على إساءته ، ويقال : على بلته وبللته . وأنشدوا :


                                                          ولقد طويتكم على بللاتكم     وعلمت ما فيكم من الأذراب

                                                          قال أبو زيد : يقال : ما أحسن بلل الرجل ، أي : ما أحسن تحمله ، بفتح اللامين جميعا . وأما قولهم للريح الباردة بليل ، فقال الأصمعي : هي ريح باردة [ ص: 189 ] تجيء في الشتاء ويكون معها ندى . قال الهذلي :


                                                          وساقته بليل زعزع

                                                          والأصل الثاني : الإبلال من المرض ، يقال : بل وأبل واستبل : إذا برأ . قال :


                                                          إذا بل من داء به ظن أنه     نجا وبه الداء الذي هو قاتله

                                                          والأصل الثالث : أخذ الشيء والذهاب به . يقال : بل فلان بكذا : إذا وقع في يده . قال ذو الرمة :


                                                          بلت به غير طياش ولا رعش

                                                          ويقولون : " لئن بل به ليبلن بما يوده . ومنه قوله :


                                                          إن عليك فاعلمن سائقا     بلا بأعجاز المطي لاحقا

                                                          أي : ملازما لأعجازها . ويقال : إنه لبل بالقرينة . وأنشد :


                                                          وإني لبل بالقرينة ما ارعوت     وإني إذا صارمتها لصروم

                                                          وقال آخر :


                                                          بلت عرينة في اللقاء بفارس     لا طائش رعش ولا وقاف

                                                          ويقولون : إنه ليبل به الخير ، أي : يوافقه .

                                                          [ ص: 190 ] والأصل الرابع : البلل ، وهو مصدر الأبل من الرجال ، وهو الجريء المقدم الذي لا يستحيي ولا يبالي . قال شاعر :


                                                          ألا تتقون الله يا آل عامر     وهل يتقي الله الأبل المصمم

                                                          ويقال : هو الفاجر الشديد الخصومة ، ويقال : هو الحذر الأريب . ويقال : أبل الرجل يبل إبلالا : إذا غلب وأعيا . قال أبو عبيد : رجل أبل وامرأة بلاء ، وهو الذي لا يدرك ما عنده .

                                                          وما بعد ذلك فهي حكاية أصوات وأشياء ليست أصولا تنقاس . قال أبو عمرو . البليل : صوت كالأنين . قال المرار :


                                                          صوادي كلهن كأم بو     إذا حنت سمعت لها بليلا

                                                          قال اللحياني : بليل الماء : صوته . والحمام المبلل هو الدائم الهدير . قال :


                                                          ينفرن بالحيحاء شاء صعائد     ومن جانب الوادي الحمام المبللا

                                                          وبابل : بلد . والبلبل طائر . والبلبلة وسواس الهموم في الصدر ، وهو البلبال . وبلبلة الألسن اختلاطها في الكلام . ويقال : بلبل القوم ، وتلك ضجتهم . والبلبل من الرجال الخفيف ، وهو المشبه بالطائر الذي يسمى البلبل والأصل فيه الصوت ، والجمع بلابل . قال :

                                                          [ ص: 191 ]

                                                          ستدرك ما يحمي عمارة وابنه     قلائص رسلات وشعث بلابل

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية