الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
4496 - (الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر، فإذا عبرت وقعت، ولا تقصها إلا على واد أو ذي رأي) (د هـ) عن أبي رزين - (صح) .

التالي السابق


(الرؤيا على رجل طائر) ؛ أي: هي كشيء معلق برجله، لا استقرار لها (ما لم تعبر) بالبناء للمجهول وتخفيف الباء في أكثر الروايات؛ أي: ما لم تفسر (فإذا عبرت وقعت) تلك الرؤيا؛ بمعنى: أنه يلحق الرائي أو المرئي له حكمها، قال في النهاية: يريد أنها سريعة السقوط إذا عبرت كما أن الطير لا يستقر غالبا، فكيف يكون ما على رجله؟! وقال في جامع الأصول: كل حركة من كلمة أو شيء يجري لك فهو طائر، يقال اقتسموا دارا، وطار سهم فلان في ناحية كذا؛ أي: خرج وجرى، والمراد أن الرؤيا على رجل قدر جار وقضاء ماض من خير أو شر، وهي لأول عابر يحسن تعبيرها (ولا تقصها إلا على واد) بتشديد الدال؛ أي: محب؛ لأنه لا يستقبلك في تفسيرها بما تكرهه (أو ذي رأي) ؛ أي: ذي علم بالتعبير، فإنه يخبرك بحقيقة حالها أو بأقرب ما يعلم منه؛ لأن تعبيرها يزيدها عما جعلها الله عليه، وقال القاضي : معناه: لا يقصها إلا على حبيب لا يقع في قلبه لك إلا خير، أو عاقل لبيب لا يقول إلا بفكر بليغ ونظر صحيح، ولا يواجهك إلا بخير [تنبيه] [ ص: 47 ] قال الراغب: الرؤيا فعل للنفس الناطقة ولو لم يكن لها حقيقة لم يكن لإيجاد هذه القوة في الإنسان فائدة، وهي ضربان: ضرب - وهو الأكثر - أضغاث أحلام وأحاديث نفس من الخواطر الرديئة يكون النفس في تلك الحال كالماء المتموج الذي لا يقبل صورة، وضرب - وهو الأقل - صحيح، وهو قسمان: قسم لا يحتاج إلى تأويل، وقسم يحتاج إليه، ولهذا يحتاج المعبر إلى مهارة للفرق بين الأضغاث وغيرها وليميز بين الكلمات الروحانية والجسمانية ويفرق بين طبقات الناس؛ إذ كان فيهم من لا تصح له رؤيا، ثم من تصح له، منهم من يرشح لأن يلقى إليه في المنام الأشياء العظيمة الخطيرة، ومنهم من لا يرشح لذلك، وكذلك قال اليونانيون: يجب للمعبر أن يشتغل بعبارة رؤيا الحكماء والملوك دون العوام، فإن له حظا من النبوة وهذا العلم لا يحتاج إلى مناسبة بينه وبين متحريه فرب حكيم لا يرزق حذقا فيه، ورب نزر الحظ من الحكمة وسائر العلوم يوجد له فيه قوة عجيبة، انتهى [تنبيه] قال ابن عربي : إذا رأى أحد رؤيا فصاحبها له فيما رآه حظ من خير أو شر بحسب قضية رؤياه، ويكون في ناموس الوقت أما في الصورة المرئية فيصور الله ذلك الحظ طائرا وهو ملك في صورة طائر؛ لأنه يقال طار له سهمه بكذا، والطائر الحظ، ويجعل الرؤيا معلقة برجل هذا الطائر وهي عين الطائر، ولما كان الطائر إذا اقتض صيدا من الأرض إنما يأخذه برجله؛ لأنه لا يد له وجناحه لا يمكنه الأخذ به فلذلك علق الرؤيا برجله فهي متعلقة وهي عين الطائر، فإذا عبرت سقطت لما عبرت له، وعند سقوطها ينعدم الطائر لكونه عينها وتتصور في عالم الحس بحسب الحال التي تخرج عليه تلك الرؤيا فترجع صورة الرؤيا عين الحال فتلك الحال إما عرض أو جوهر أو نسبة من ولاية أو غيرها هي عين صورة تلك الرؤيا وذلك الطائر ومنه خلقت هذه الحالة سواء كان جسما أو عرضا أو نسبة أعني تلك الصورة كما خلق آدم من تراب ونحن من ماء مهين حتى إذا دلت الرؤيا على وجود ولد فالولد خلق في تلك الرؤيا في صلب أبيه، فإن لم يتقدم للولد رؤيا فهو على نشأته كسائر الأولاد فاعلمه، فإنه سر عجيب وكشف صحيح، وولد الرؤيا يتميز عن غيره بكونه أقرب للروحانية، وانظر في رؤيا آمنة أم نبينا - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - يبدو لك صحته،وإن أردت تأنيسا له فانظر في علم الطبيعة إذا توجهت المرأة الحاملة على شيء جاء الولد يشبهه، وإذا نظرت حال جماعها أو تخيل لرجل عند الوقاع صورة وأنزل الماء يكون الولد على صورتها، ولذلك أمرت الحكماء بتصوير فضلاء الحكماء وأكابرهم في الأماكن بحيث تنظر تلك المرأة عند الجماع والرجل، فتطبع في الخيال فتؤثر الطبيعة فتخرج تلك القوة

(د هـ عن أبي رزين ) العقيلي، واسمه لقيط كما مر، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا هذان، وليس كذلك فقد عزاه هو في الدرر كالزركشي إلى الترمذي أيضا، وقال: صحيح، وقال في الاقتراح: إسناده على شرط مسلم



الخدمات العلمية