ذكر سلطان الدولة وملك ولده وقتل أبي كاليجار ابن مكرم وفاة
في هذه السنة ، في شوال ، توفي الملك سلطان الدولة ( أبو شجاع بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة ) بشيراز ، وكان عمره اثنتين وعشرين سنة وخمسة أشهر . [ ص: 680 ] وكان ابنه أبو كاليجار بالأهواز ، فطلبه الأوحد أبو محمد بن مكرم ليملك بعد أبيه ، وكان هواه معه ، وكان الأتراك يريدون عمه أبا الفوارس بن بهاء الدولة ، صاحب كرمان ، فكاتبوه يطلبونه إليهم أيضا ، فتأخر عنها ، فسبقه عمه أبو كاليجار أبو الفوارس إليها فملكها .
وكان أبو المكارم بن أبي محمد بن مكرم قد أشار على أبيه ، لما رأى الاختلاف ، أن يسير إلى مكان يأمن فيه على نفسه فلم يقبل قوله ، فسار وتركه وقصد البصرة فندم أبوه حيث لم يكن معه ، فقال له العادل أبو منصور بن مافنة : المصلحة أن تقصد سيراف ، وتكون مالك أمرك ، وابنك أبو القاسم بعمان ، فتحتاج الملوك إليك . فركب سفينة ليمضي إليها ، فأصابه برد ، فبطل عن الحركة ، وأرسل العادل بن مافنة إلى كرمان لإحضار أبي الفوارس ، فسار إليه العادل ، وأبلغه رسالة ابن مكرم باستدعائه ، فسار مجدا ومعه العادل ، فوصلوا إلى فارس ، وخرج ابن مكرم يلتقي أبا الفوارس ومعه الناس ، فطالبه الأجناد بحق البيعة ، فأحالهم على ابن مكرم ، فتضجر ابن مكرم ، فقال له العادل : الرأي أن تبذل مالك وأموالنا حتى تمشي الأمور ، فانتهره فسكت ، وتلوم ابن مكرم بإيصال المال إلى الأجناد ، فشكوه إلى أبي الفوارس فقبض عليه وعلى العادل بن مافنة ، ثم قتل ابن مكرم واستبقى ابن مافنة .
فلما سمع ابنه أبو القاسم بقتله صار مع الملك وأطاعه ، وتجهز أبي كاليجار ، وقام بأمره أبو كاليجار أبو مزاحم صندل الخادم ، وكان مربيه ، وساروا بالعساكر إلى فارس ، فسير عمه أبو الفوارس عسكرا مع وزيره أبي منصور الحسن بن علي الفسوي لقتاله ، فوصل والوزير متهاون به لكثرة عسكره ، فأتوه وهو نائم ، وقد تفرق عسكره في البلد يبتاعون ما يحتاجون إليه ، وكان جاهلا بالحرب ، فلما شاهدوا أعلام أبو كاليجار شرع الوزير يرتب العسكر ، وقد داخلهم الرعب ، فحمل عليهم أبي كاليجار وهم على اضطراب ، فانهزموا ، وغنم أبو كاليجار وعسكره [ ص: 681 ] أموالهم ، ودوابهم وكل ما لهم ، فلما انتهى خبر الهزيمة إلى عمه أبو كاليجار أبي الفوارس سار إلى كرمان ، وملك بلاد أبو كاليجار فارس ودخل شيراز .