ذكر فلفل مدينة قابس وما كان منه محاصرة
في هذه السنة سار يحيى بن علي الأندلسي وفلفل من طرابلس إلى مدينة قابس في عسكر كثير ، فحصروها ، ثم رجعوا إلى طرابلس . ولما رأى يحيى بن علي ما هو عليه من قلة المال ، واختلال حاله وسوء مجاورة فلفل وأصحابه له ، رجع إلى مصر إلى الحاكم ، بعد أن أخذ فلفل وأصحابه خيولهم ، وما اختاروه من عددهم بين الشراء والغصب ، فأرادا الحاكم قتله ثم عفا عنه .
وأقام فلفل بطرابلس إلى سنة أربعمائة ، فمرض وتوفي ، وولي أخوه ورو ، فأطاعته زناتة ، واستقام أمره ، فرحل باديس إلى طرابلس لحرب زناتة ، فلما بلغهم رحيله فارقوها وملكها باديس ، ففر أهلها وأرسل ورو أخو فلفل إلى باديس يطلب أن يكون هو ومن معه من زناتة في أمانه ، ويدخلون في طاعته ، ويجعلهم عمالا كسائر عماله ، فأمنهم وأحسن إليهم وأعطاهم نفزاوة وقسطيلة على أن يرحلوا من أعمال طرابلس ، ففعلوا ذلك .
ثم إن خزرون بن سعيد أخا ورو جاء إلى باديس ، ودخل في طاعته ، وفارق [ ص: 532 ] أخاه ، فأكرمه باديس ، وأحسن إليه ثم إن أخاه خالف على باديس ، وسار إلى طرابلس فحصرها ، وسار إليه خزرون ليمنعه عن حصارها ، وكان ذلك سنة ثلاث وأربعمائة .