ذكر ابن بختيار بكرمان واستيلاء بهاء الدولة عليها قتل
في هذه السنة ، في جمادى الآخرة ، قتل الأمير أبو نصر بن بختيار ، الذي كان قد استولى على بلاد فارس .
وسبب قتله أنه لما انهزم من عسكر بهاء الدولة بشيراز سار إلى بلاد الديلم ، وكاتب الديلم بفارس وكرمان من هناك يستميلهم ، وكاتبوه واستدعوه ، فسار إلى بلاد فارس ، واجتمع عليه جمع كثير من الزط ، والديلم ، والأتراك ، وتردد في تلك النواحي .
ثم سار إلى كرمان ، فلم يقبله الديلم الذين بها ، وكان المقدم عليهم أبو [ ص: 516 ] جعفر بن أستاذ هرمز ، فجمع وقصد أبا جعفر ، فالتقيا ، فانهزم أبو جعفر إلى السيرجان ، ومضى ابن بختيار إلى جيرفت فملكه ، وملك أكثر كرمان ، فعظم الأمر على بهاء الدولة ، فسير إليه الموفق علي بن إسماعيل في جيش كثير ، وسار مجدا حتى أطل على جيرفت ، فاستأمن إليه من بها من أصحاب ابن بختيار ودخلها . فأنكر عليه من معه من القواد سرعة سيره ، وخوفوه عاقبة ذلك ، فلم يصغ إليهم ، وسأل عن حالابن بختيار ، فأخبر أنه على ثمانية فراسخ من جيرفت ، فاختار ثلاثمائة رجل من شجعان أصحابه وسار بهم ، وترك الباقين مع السواد بجيرفت .
فلما بلغ ذلك المكان لم يجده ودل عليه فلم يزل يتبعه من منزل إلى منزل ، حتى لحقه بدارزين ، فسار ليلا ، وقدر وصوله إليه عند الصبح فأدركه . فركب ابن بختيار واقتتلوا قتالا شديدا ، وسار الموفق في نفر من غلمانه ، فأتى ابن بختيار من ورائه ، فانهزم ابن بختيار وأصحابه ، ووضع فيهم السيف ، فقتل منهم الخلق الكثير . فغدر بابن بختيار بعض أصحابه ، وضربه بلت فألقاه وعاد إلى الموفق ليخبره بقتله ، فأرسل معه من ينظر إليه ، فرآه وقد قتله غيره ، وحمل رأسه إلى الموفق .
وأكثر الموفق القتل في أصحاب ابن بختيار ، واستولى على بلاد كرمان ، واستعمل عليها أبا موسى سياهجيل ، وعاد إلى بهاء الدولة ، فخرج بنفسه ولقيه ، وأكرمه وعظمه ثم قبض عليه بعد أيام .
ومن أعجب ما يذكر أن الموفق أخبره منجم أنه يقتل ابن بختيار يوم الاثنين ، فلما كان قبل الاثنين بخمسة أيام قال للمنجم : قد بقي خمسة أيام وليس لنا علم به . فقال له المنجم : إن لم تقتله فاقتلني عوضه ، وإلا فأحسن إلي . فلما كان يوم الاثنين أدركه وقتله ، وأحسن إلى المنجم إحسانا كثيرا .