في هذه السنة سار شرف الدولة أبو الفوارس بن عضد الدولة من فارس يطلب الأهواز ، وأرسل إلى أخيه أبي الحسين وهو بها يطيب نفسه ، ويعده الإحسان ، وأن يقره على ما بيده من الأعمال ، وأعلمه أن مقصده العراق ، وتخليص أخيه الأمير أبي نصر من محبسه ، فلم يصغ أبو الحسين إلى قوله ، وعزم على منعه ، وتجهز لذلك ، فأتاه الخبر بوصول شرف الدولة إلى أرجان ، ثم إلى رامهرمز ، فتسلل أجناده إلى شرف الدولة ونادوا بشعاره ، فهرب أبو الحسين نحو الري إلى عمه فخر الدولة ، فبلغ أصبهان وأقام بها ، واستنصر عمه فأطلق له مالا ووعده بنصره .
[ ص: 411 ] فلما طال عليه الأمر قصد التغلب على أصبهان ونادى بشعار أخيه شرف الدولة ، فثار به جندها وأخذوه أسيرا وسيروه إلى الري ، فحبسه عمه ، وبقي محبوسا إلى أن مرض عمه فخر الدولة مرض الموت ، فلما اشتد مرضه أرسل إليه من قتله ، وكان يقول شعرا ، فمن قوله :
هب الدهر أرضاني وأعتب صرفه وأعقب بالحسنى ، وفك من الأسر فمن لي بأيام الشباب التي مضت
ومن لي بما قد فات في الحبس من عمري
وكان قواد شرف الدولة يحبون الصلح لأجل العود إلى أوطانهم ، وخطب لشرف الدولة بالعراق ، وسيرت إليه الخلع والألقاب من الطائع لله ، فإلى أن عادت الرسل إلى شرف الدولة ليحلفوه ألقت إليه البلاد مقاليدها كواسط وغيرها ، وكاتبه القواد بالطاعة ، فعاد عن الصلح ، وعزم على قصد بغداذ والاستيلاء على الملك ، ولم يحلف لأخيه .
وكان معه الشريف أبو الحسن محمد بن عمر يشير عليه بقصد العراق ، ويحثه عليه ، ويطمعه فيه ، فوافقه على ذلك . وسنذكر باقي خبره سنة ست وسبعين [ وثلاثمائة ] ، إن شاء الله تعالى .