ذكر إفريقية إلى الأندلس وما فعلوه انتقال بعض صنهاجة من
في هذه السنة انتقل أولاد زيري بن مناد ، وهم زاوي وجلالة وماكسن إخوة بلكين ، إلى الأندلس .
وسبب ذلك أنهم وقع بينهم وبين أخيهم حماد حروب وقتال على بلاد بينهم ، فغلبهم حماد ، فتوجهوا إلى طنجة ومنها إلى قرطبة ، فأنزلهم محمد بن أبي عامر وسر بهم ، وأجرى عليهم الوظائف وأكرمهم ، وسألهم عن سبب انتقالهم ، فأخبروه ، وقالوا له : إنما اخترناك على غيرك ، وأحببنا أن نكون معك نجاهد في سبيل الله . فاستحسن ذلك منهم ، ووعدهم ووصلهم ، فأقاموا أياما .
ثم دخلوا عليه وسألوه إتمام ما وعدهم به من الغزو ، فقال : انظروا ما أردتم من الجند نعطكم فقالوا : ما يدخل معنا بلاد العدو غيرنا إلا الذين معنا من بني عمنا ، وصنهاجة وموالينا فأعطاهم الخيل والسلاح والأموال ، وبعث معهم دليلا ، وكان الطريق ضيقا ، فأتوا أرض جليقية ، فدخلوها ليلا ، وكمنوا في بستان بالقرب من [ ص: 400 ] المدينة ، وقتلوا كل من به وقطعوا أشجاره . فلما أصبحوا خرج جماعة من البلد فضربوا عليهم وأخذوهم وقتلوهم جميعهم ورجعوا .
وتسامع العدو ، فركبوا في أثرهم ، فلما أحسوا بذلك كمنوا وراء ربوة ، فلما جاوزهم العدو خرجوا عليهم من ورائهم ، وضربوا في ساقتهم وكبروا ، فلما سمع العدو تكبيرهم ظنوا أن العدد كثير ، فانهزموا ، وتبعهم صنهاجة ، فقتلوا خلقا كثيرا ، وغنموا دوابهم وسلاحهم وعادوا إلى قرطبة ، فعظم ذلك عند ، ورأى من شجاعتهم ما لم يره من جند ابن أبي عامر الأندلس ، فأحسن إليهم وجعلهم بطانته .