الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (4) قوله : أرأيتم : تقدم حكمها . ووقع بعدها " أروني " فاحتملت وجهين ، أحدهما : أن تكون توكيدا لها لأنهما بمعنى أخبروني ، وعلى هذا يكون المفعول الثاني لـ " أرأيتم " قوله : " ماذا خلقوا " لأنه استفهام ، والمفعول الأول هو قوله : " ما تدعون " . والوجه الثاني : أن لا تكون مؤكدة لها ، وعلى هذا تكون المسألة من باب التنازع لأن " أرأيتم " يطلب ثانيا ، و " أروني " كذلك ، وقوله : " ماذا خلقوا " هو المتنازع فيه ، وتكون المسألة من إعمال الثاني والحذف من الأول . وجوز ابن عطية في " أرأيتم " أن لا يتعدى . وجعل " ما تدعون " استفهاما معناه التوبيخ . قال : " وتدعون " معناه " تعبدون " قلت : وهذا رأي الأخفش وقد قال بذلك في قوله : قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة وقد مضى ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 660 ] قوله : " من الأرض " هذا بيان الإبهام الذي في قوله : " ماذا خلقوا " .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " أم لهم " هذه " أم " المنقطعة . والشرك : المشاركة .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : من قبل هذا صفة لـ " كتاب " أي : بكتاب منزل من قبل هذا . كذا قدره أبو البقاء . والأحسن أن يقدر كون مطلق أي : كائن من قبل هذا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : " أو أثارة " العامة على " أثارة " وهي مصدر على فعالة كالسماحة والغواية والضلالة ، ومعناها البقية من قولهم : سمنت الناقة على أثارة من لحم ، إذا كانت سمينة ثم هزلت ، وبقيت بقية من شحمها ثم سمنت . والأثارة غلب استعمالها في بقية الشرف . يقال : لفلان أثارة أي : بقية أشراف ، ويستعمل في غير ذلك . قال الراعي :


                                                                                                                                                                                                                                      وذات أثارة أكلت عليها نباتا في أكمته قفارا



                                                                                                                                                                                                                                      وقيل : اشتقاقها من أثر كذا أي : أسنده . ومنه قول عمر : " ما حلفت [ ص: 661 ] ذاكرا ولا آثرا " أي : مسندا له عن غيري . وقال الأعشى :


                                                                                                                                                                                                                                      4039 - أإن الذي فيه تماريتما     بين للسامع والآثر



                                                                                                                                                                                                                                      وقيل فيها غير ذلك . وقرأ علي وابن عباس وزيد بن علي وعكرمة في آخرين " أثرة " دون ألف ، وهي الواحدة . ويجمع على أثر كقترة وقتر . وقرأ الكسائي " أثرة " و " إثرة " بضم الهمزة وكسرها مع سكون الثاء . وقتادة والسلمي بالفتح والسكون . والمعنى : بما يؤثر ويروى . أي : إيتوني بخبر واحد يشهد بصحة قولكم . وهذا على سبيل التنزل للعلم بكذب المدعي . و " من علم " صفة لأثارة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية