الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (58) قوله : وآخر : قرأ أبو عمرو بضم الهمزة على أنه [ ص: 390 ] جمع . وارتفاعه من أوجه ، أحدها : أنه مبتدأ ، و " من شكله " خبره ، و " أزواج " فاعل به . الثاني : أن يكون مبتدأ أيضا ، و " من شكله " خبر مقدم ، و " أزواج " مبتدأ والجملة خبره ، وعلى هذين فيقال : كيف يصح من غير ضمير يعود على أخر ، فإن الضمير في " شكله " يعود على ما تقدم أي : من شكل المذوق ؟ والجواب : أن الضمير عائد على المبتدأ ، وإنما أفرد وذكر لأن المعنى : من شكل ما ذكرنا . ذكر هذا التأويل أبو البقاء . وقد منع مكي ذلك لأجل الخلو من الضمير ، وجوابه ما ذكرته لك . الثالث : أن يكون " من شكله " نعتا لـ أخر ، وأزواج خبر المبتدأ أي : وأخر من شكل المذوق أزواج . الرابع : أن يكون " من شكله نعتا أيضا ، وأزواج فاعل به ، والضمير عائد على أخر بالتأويل المتقدم ، وعلى هذا فيرتفع " أخر " على الابتداء ، والخبر مقدر أي : ولهم أنواع أخر ، استقر من شكلها أزواج . الخامس : أن يكون الخبر مقدرا كما تقدم أي : ولهم أخر ، ومن شكله وأزواج صفتان لـ أخر .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة " من شكله " بفتح الشين ، وقرأ مجاهد بكسرها ، وهما لغتان بمعنى المثل والضرب . تقول : هذا على شكله أي : مثله وضربه . وأما الشكل بمعنى الغنج فبالكسر لا غير ، قاله الزمخشري .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الباقون " وآخر " بفتح الهمزة وبعدها ألف بصيغة أفعل التفضيل ، والإعراب فيه كما تقدم . والضمير في أحد الأوجه يعود عليه من غير تأويل لأنه مفرد . إلا أن في أحد الأوجه يلزم الإخبار عن المفرد بالجمع أو وصف المفرد [ ص: 391 ] بالجمع ; لأن من جملة الأوجه المتقدمة أن يكون " أزواج " خبرا عن " آخر " أو نعتا له كما تقدم . وعنه جوابان ، أحدهما : أن التقدير : وعذاب آخر أو مذوق ، وهو ضروب ودرجات فكان في قوة الجمع . أو يجعل كل جزء من ذلك الآخر مثل الكل ، وسماه باسمه وهو شائع كثير نحو : غليظ الحواجب ، وشابت مفارقه . على أن لقائل أن يقول : إن أزواجا صفة لثلاثة الأشياء المتقدمة ، أعني الحميم والغساق وآخر من شكله فيلغى السؤال .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية