الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ( 107 ) ) .

[ ص: 88 ] قوله تعالى : ( له ملك السماوات ) : مبتدأ وخبر في موضع خبر أن .

ويجوز أن يرتفع ملك بالظرف عند الأخفش والملك بمعنى الشيء المملوك ، يقال : لفلان ملك عظيم ; أي مملوكه كثير والملك أيضا بالكسر : المملوك ، إلا أنه لا يستعمل بضم الميم في كل موضع بل في مواضع الكثرة وسعة السلطان . ( من ولي ) : من زائدة وولي في موضع رفع مبتدأ ولكم خبره .

و ( نصير ) : معطوف على لفظ ولي ، ويجوز في الكلام رفعه على موضع ولي .

و ( من دون ) : في موضع نصب على الحال من ولي ، أو من نصير ، والتقدير : من ولي دون الله فلما تقدم وصف النكرة عليها انتصب على الحال .

قال تعالى : ( أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ( 108 ) ) .

قوله تعالى : ( أم تريدون ) : أم هنا منقطعة إذ ليس في الكلام همزة تقع موقعها وموقع أم أيهما والهمزة في قوله : " ألم تعلم " ليست من أم في شيء .

والتقدير : بل أتريدون : " أن تسألوا " فخرج بأم من كلام إلى كلام آخر .

والأصل في تريدون ترودون لأنه من راد يرود .

( كما ) : الكاف في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ، أي سؤالا كما ، وما مصدرية ، والجمهور على همز : " سئل " وقد قرئ سيل بالياء ، وهو على لغة من قال : سلت تسال بغير همزة مثل خفت تخاف ، والياء منقلبة عن واو ; لقولهم : سوال وساولته ، ويقرأ " سيل " بجعل الهمزة بين بين ; أي بين الهمزة وبين الياء ; لأن منها حركتها .

( بالإيمان ) : الباء في موضع نصب على الحال من الكفر ، تقديره : مقابلا بالإيمان ، ويجوز أن يكون مفعولا بـ ( يتبدل ) ، وتكون الباء للسبب ; كقولك : اشتريت الثوب بدرهم ، ( ( سواء السبيل ) ) سواء ظرف بمعنى وسط السبيل ، وأعدله والسبيل يذكر ويؤنث .

قال تعالى : ( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير ( 109 ) ) .

[ ص: 89 ] قوله تعالى : ( لو يردونكم ) : لو بمعنى أن المصدرية ، وقد تقدم ذكرها .

و ( كفارا ) : حال من الكاف والميم . ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا ; لأن يرد بمعنى يصير .

( حسدا ) : مصدر ، وهو مفعول له ; والعامل فيه ( ود ) ، أو ( يردونكم ) .

( من عند أنفسهم ) : من متعلقة بحسدا ; أي ابتداء الحسد من عندهم ، ويجوز أن يتعلق بـ ( ود ) أو بـ ( يردونكم ) .

( حتى يأتي الله بأمره ) : أي اعفوا إلى هذه الغاية .

قال تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله . . . . . . . . . . . . ( 110 ) ) .

قوله تعالى : ( وما تقدموا ) : ما شرطية في موضع نصب بـ ( تقدموا ) .

و ( من خير ) : مثل قوله : من آية في : ما ننسخ .

( تجدوه ) : ثوابه فحذف المضاف و ( عند الله ) : ظرف لتجدوا ، أو حال من المفعول به .

التالي السابق


الخدمات العلمية