الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) ( 35 ) .

قوله تعالى : ( وما كان صلاتهم ) : الجمهور على رفع الصلاة ونصب المكاء ، وهو ظاهر .

وقرأ الأعمش بالعكس ، وهي ضعيفة ، ووجهها أن المكاء والصلاة مصدران ، والمصدر جنس ، ومعرفة الجنس قريبة من نكرته ، ونكرته قريبة من معرفته ، ألا ترى أنه لا فرق بين خرجت فإذا الأسد ، أو فإذا أسد ، ويقوي ذلك أن الكلام قد دخله النفي والإثبات ، وقد يحسن في ذلك ما لا يحسن في الإثبات المحض ، ألا ترى أنه لا يحسن : كان رجل خيرا منك ، ويحسن : ما كان رجل إلا خيرا منك .

وهمزة المكاء مبدلة من واو ، لقولهم مكا يمكو .

والأصل في التصدية تصددة ؛ لأنه من الصد ، فأبدلت الدال الأخيرة ياء لثقل التضعيف . وقيل : هي أصل ، وهو من الصدى الذي هو الصوت .

قال تعالى : ( ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون ) ( 37 ) .

قوله تعالى : ( ليميز ) : يقرأ بالتشديد والتخفيف ، وقد ذكر في آل عمران .

و ( بعضه ) : بدل من الخبيث بدل البعض ؛ أي : بعض الخبيث على بعض .

[ ص: 462 ] و ( يجعل ) : هنا متعدية إلى مفعول بنفسها ، وإلى الثاني بحرف الجر .

وقيل : الجار والمجرور حال ؛ تقديره : ويجعل بعض الخبيث عاليا على بعض .

قال تعالى : ( وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير ) ( 40 ) .

قوله تعالى : ( نعم المولى ) : المخصوص بالمدح محذوف ؛ أي : نعم المولى الله سبحانه .

قال تعالى : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير ) ( 46 ) .

قوله تعالى : ( أنما غنمتم ) : " ما " بمعنى الذي ، والعائد محذوف .

و ( من شيء ) : حال من العائد المحذوف ، تقديره : ما غنمتموه قليلا وكثيرا .

( فأن لله ) : يقرأ بفتح الهمزة ، وفي الفاء وجهان : أحدهما : أنها دخلت في خبر الذي لما في الذي من معنى المجازاة . و " أن " وما عملت فيه في موضع رفع خبر مبتدأ محذوف ؛ تقديره : فالحكم أن لله خمسه . والثاني : أن الفاء زائدة ، و ( أن ) : بدل من الأولى . وقيل : " ما " مصدرية ، والمصدر بمعنى المفعول ؛ أي : واعلموا أن غنيمتكم ؛ أي : مغنومكم .

ويقرأ بكسر الهمزة في " إن " الثانية على أن تكون " إن " وما عملت فيه مبتدأ وخبرا في موضع خبر الأولى ، والخمس بضم الميم وسكونها لغتان ، قد قرئ بهما .

( يوم الفرقان ) : ظرف لأنزلنا أو لآمنتم .

( يوم التقى ) : بدل من " يوم " الأول ، ويجوز أن يكون ظرفا للفرقان ؛ لأنه مصدر بمعنى التفريق .

التالي السابق


الخدمات العلمية