الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ) ( 142 ) .

قوله تعالى : ( ثلاثين ليلة ) : هو مفعول ثان لواعدنا ، وفيه حذف مضاف تقديره : إتيان ثلاثين ، أو تمام ثلاثين . و ( أربعين ليلة ) : حال تقديرها : فتم ميقات [ ربه كاملا ] . وقيل : هو مفعول تم ؛ لأن معناه بلغ ، فهو كقولهم : بلغت أرضك جريبين . و ( هارون ) : بدل ، أو عطف بيان ، ولو قرئ بالرفع لكان نداء ، أو خبر مبتدأ محذوف .

قال تعالى : ( ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) ( 143 ) .

قوله تعالى : ( جعله دكا ) : أي : صيره ، فهو متعد إلى اثنين ، فمن قرأ " دكا " جعله مصدرا بمعنى المدكوك . وقيل تقديره : ذا دك ، ومن قرأ بالمد جعله مثل أرض دكاء ، أو ناقة دكاء ، وهي التي لا سنام لها . و ( صعقا ) : حال مقارنة .

قال تعالى : ( وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأريكم دار الفاسقين ) ( 145 ) .

قوله تعالى : ( سأريكم ) : قرئ في الشاذ بواو بعد الهمزة ، وهي ناشئة عن الإشباع وفيها بعد .

[ ص: 443 ] قال تعالى : ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ) ( 146 ) .

قوله تعالى : ( سبيل الرشد ) : يقرأ بضم الراء ، وسكون الشين ، وبفتحهما ، و " سبيل الرشاد " بالألف والمعنى واحد .

قال تعالى : ( والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ) ( 147 ) .

قوله تعالى : ( والذين كذبوا ) : مبتدأ ، وخبره " حبطت " ويجوز أن يكون الخبر " هل يجزون " وحبطت حال من ضمير الفاعل في كذبوا ، وقد مرادة .

قال تعالى : ( واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا اتخذوه وكانوا ظالمين ) ( 148 ) .

قوله تعالى : ( من حليهم ) : يقرأ بفتح الحاء ، وسكون اللام وتخفيف الياء ، وهو واحد ، ويقرأ بضم الحاء ، وكسر اللام ، وتشديد الياء ، وهو جمع أصله حلوى ، فقلبت الواو ياء ، أدغمت في الياء الأخرى ، ثم كسرت اللام إتباعا لها .

ويقرأ بكسر الحاء واللام والتشديد على أن يكون أتبع الكسر الكسر . ( عجلا ) : مفعول اتخذه . و ( جسدا ) : نعت أو بدل أو بيان من حليهم .

ويجوز أن يكون صفة لعجل ، قدم فصار حالا ، وأن يكون متعلقا باتخذ ، والمفعول الثاني محذوف ؛ أي : إلها .

التالي السابق


الخدمات العلمية