الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين ) ( 109 ) .

قوله تعالى : ( على تقوى ) : يجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير في " أسس " ؛ أي : على قصد التقوى ؛ والتقدير : قاصدا ببنيانه التقوى .

ويجوز أن يكون مفعولا لأسس .

( جرف ) : بالضم والإسكان ، وهما لغتان .

وفي ( هار ) : وجهان : أحدهما : أصله " هور " أو " هير " على فعل ، فلما تحرك حرف العلة ، وانفتح ما قبله قلب ألفا ؛ وهذا يعرف بالنصب والرفع والجر مثل قولهم : [ ص: 492 ] كبش صاف ؛ أي : صوف ، ويوم راح ؛ أي : ذو روح . والثاني : أن يكون أصله هاورا ، أو هايرا ، ثم أخرت عين الكلمة فصارت بعد الراء ، وقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها ، ثم حذفت لسكونها وسكون التنوين ، فوزنه بعد [ القلب ] فالع ، وبعد الحذف فال ، وعين الكلمة واو ، أو ياء ؛ يقال : تهور البناء وتهير .

( فانهار به ) : به هنا حال ؛ أي : فانهار وهو معه .

قال تعالى : ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) ( 111 ) .

قوله تعالى : ( بأن لهم الجنة ) : الباء هنا للمقابلة ، والتقدير : باستحقاقهم الجنة .

( يقاتلون ) : مستأنف .

( فيقتلون ويقتلون ) : هو مثل الذي في آخر آل عمران في وجوه القراءة .

( وعدا ) : مصدر ؛ أي : وعدهم بذلك وعدا ، و ( حقا ) : صفته .

قال تعالى : ( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ) ( 112 ) .

قوله تعالى : ( التائبون ) : يقرأ بالرفع ؛ أي : هم التائبون ، ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر : الآمرون بالمعروف ، وما بعده ، وهو ضعيف .

ويقرأ بالياء على إضمار أعني ، أو أمدح ، ويجوز أن يكون مجرورا صفة للمؤمنين . ( والناهون عن المنكر ) : إنما دخلت الواو في الصفة الثامنة إيذانا بأن السبعة عندهم عدد تام ، ولذلك قالوا : سبع في ثمانية ؛ أي : سبع أذرع في ثمانية أشبار ، وإنما دلت الواو على ذلك ؛ لأن الواو تؤذن بأن ما بعدها غير ما قبلها ، ولذلك دخلت في باب عطف النسق .

التالي السابق


الخدمات العلمية