قال تعالى : ( وطهرك واصطفاك على نساء العالمين وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك ( 42 ) ) .
قوله تعالى : ( وإذ قالت ) : تقديره : واذكر إذ قالت وإن شئت كان معطوفا على : ( إذ قالت امرأة عمران ) [ آل عمران 35 ] والأصل في اصطفى اصتفى ، ثم أبدلت التاء طاء ; لتوافق الصاد في الإطباق .
وكرر اصطفى إما توكيدا وإما ليبين من اصطفاها عليهم .
قال تعالى : ( أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم ( 44 ) ) .
قوله تعالى : ( ذلك من أنباء الغيب ) يجوز أن يكون التقدير : الأمر ذلك ; فعلى هذا " من أنباء الغيب " حال من ذا ، ويجوز أن يكون ذلك مبتدأ ، ومن أنباء خبره .
ويجوز أن يكون " نوحيه " خبر ذلك ، و ( من أنباء ) حالا من الهاء في نوحيه .
ويجوز أن يكون متعلقا بنوحيه ; أي الإيحاء مبدوء به من أنباء الغيب .
[ ص: 211 ] ( إذ يلقون ) : ظرف لكان . ويجوز أن يكون ظرفا للاستقرار الذي تعلق به لديهم .
والأقلام جمع قلم ، والقلم بمعنى المقلوم ; أي المقطوع ; كالنقض بمعنى المنقوض ; والقبض بمعنى المقبوض .
( أيهم يكفل مريم ) : مبتدأ وخبر في موضع نصب ; أي يقترعون أيهم ، فالعامل فيه ما دل عليه " يلقون " و ( إذ يختصمون ) مثل : ( إذ يلقون ) .
ويختصمون بمعنى اختصموا ، وكذلك يلقون ; أي ألقوا . ويجوز أن يكون حكى الحال .
قال تعالى : ( إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين إذ قالت الملائكة يا مريم ( 45 ) ) .
قوله تعالى : ( إذ قالت الملائكة ) : إذ بدل من إذا التي قبلها .
ويجوز أن يكون ظرفا ليختصمون ، ويجوز أن يكون التقدير : اذكر . ( منه ) : في موضع جر صفة للكلمة ، ومن هنا لابتداء الغاية .
( اسمه ) : مبتدأ ، و " المسيح " خبره ، و " عيسى " بدل منه ، أو عطف بيان .
ولا يجوز أن يكون خبرا آخر ; لأن تعدد الأخبار يوجب تعدد المبتدأ . والمبتدأ هنا مفرد ، وهو قوله اسمه ، ولو كان عيسى خبرا آخر لكان أسماؤه أو أسماؤها على تأنيث الكلمة ، والجملة صفة لكلمة . و ( ابن مريم ) : خبر مبتدأ محذوف ; أي هو ابن . . . .
ولا يجوز أن يكون بدلا مما قبله ولا صفة ; لأن ابن مريم ليس باسم ، ألا ترى أنك لا تقول اسم هذا الرجل ابن عمرو إلا إذا كان قد علق علما عليه .
وإنما ذكر الضمير في اسمه على معنى الكلمة ; لأن المراد بيبشرك بمكون أو مخلوق . ( وجيها - ومن المقربين - ويكلم ) : أحوال مقدرة ، وصاحبها معنى الكلمة ، وهو مكون أو مخلوق . وجاز أن ينتصب الحال عنه وهو نكرة ; لأنه قد وصف .
ولا يجوز أن يكون أحوالا من المسيح ، ولا من عيسى ، ولا من ابن مريم ; لأنها أخبار ، والعامل فيها الابتداء أو المبتدأ أو هما ، وليس شيء من ذلك يعمل في الحال .
ولا يجوز أن تكون أحوالا من الهاء في اسمه ; للفصل الواقع بينهما ، ولعدم العامل في الحال .
قال تعالى : ( ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ( 46 ) ) .
قوله تعالى : ( في المهد ) يجوز أن يكون حالا من الضمير في يكلم ; أي يكلمهم صغيرا . ويجوز أن يكون ظرفا .
[ ص: 212 ] : ( وكهلا ) : يجوز أن يكون حالا معطوفة على وجيها ، وأن يكون معطوفا على موضع " في المهد " إذا جعلته حالا . ( ومن الصالحين ) : حال معطوفة على وجيها .
قال تعالى : ( قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ( 47 ) ) .
قوله تعالى : ( كذلك الله يخلق ) : قد ذكر في قوله : ( كذلك الله يفعل ما يشاء ) [ آل عمران : 40 ] قصة زكريا .
و ( إذا قضى أمرا ) : مشروح في البقرة .