الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن قطع أقطع الكف من المرفق ، فللمجني عليه القصاص ، أو الدية . [ ص: 54 ] كمقطوع الحشفة

التالي السابق


( وإن قطع ) شخص ( أقطع ) أي مقطوع ( الكف ) اليمنى من الكوع يمنى آخر سليمة الكف فقطعها أقطع الكف ( من المرفق فللمجني عليه القصاص ) بقطع مقطوعة الكف من مرفقها ولا شيء له غيره لأن خياره ينفي ضرره ( أو الدية ) ليده التامة لأن يد الجاني ناقصة الكف ، ولا يجوز الانتقال عنها إلى غيرها ، ولا يتعين القصاص لأنه [ ص: 54 ] أقل من حقه ، ولا الدية لأن الجناية عمد . أبو عمران الفرق بين هذه واليد الشلاء أن الشلاء كالميتة بخلاف هذه ، ففي ساعدها منفعة . وشبه في التخيير فقال ( كمقطوع الحشفة ) الذي قطع ذكرا بحشفة عمدا عدوانا فيخير المجني عليه بين القصاص وأخذ الدية كاملة من مال الجاني . ابن عرفة إن قطع أقطع اليمنى يمنى رجل صحيحة من المرفق فللمجني عليه العقل أو قطع الذراع الناقصة من المرفق ، ومثله في الموازية . وقال أشهب في الموازية والمجموعة ليس له إلا العقل ، ونقل ابن الحاجب قولها في أقطع الكف أثر قوله . وقيل يخير في قطع الشلاء ، ففهم عنه بعضهم بذلك مناقضته قولها في الشلاء بقولها في أقطع الكف ، وفي تعليقة أبي عمران الفرق بينهما بأن اليد الشلاء كميت ، والميت لا يقتص منه ، والذي قطعت كفه أو أصابعه بقي ساعده ، وهو بعض حقه ابن الحاجب الذكر المقطوع الحشفة كأقطع الكف وعين الأعمى ولسان الأبكم كاليد الشلاء على المشهور .

قلت لما قدم قولها في أقطع الكف واليد الشلاء شبه أقطع الحشفة بأقطع الكف ، وشبه عين الأعمى ولسان الأبكم باليد الشلاء ، وهو تشبيه واضح جار على تفريق أبي عمران المتقدم ، وظاهر قول مالك في المجموعة أن الجميع سواء ، ثم قال ابن عرفة ابن شاس الذكر المقطوع الحشفة والحدقة العمياء ولسان الأبكم كاليد الشلاء مثل ما تقدم عن المجموعة . ابن مرزوق قوله كمقطوع الحشفة لم أقف على هذا الغير . ابن الحاجب أولا يتخلص من جهة النقل كما اعترضه شيخنا ابن عرفة وأما كلام ابن شاس فسالم من الإشكال عند التأمل ا هـ .




الخدمات العلمية