الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ومكاتبة شريكين بمال واحد [ ص: 449 ] لا أحدهما ، أو بمالين ، وبمتحد بعقدين ، فيفسخ ، ورضا أحدهما بتقديم الآخر ، ورجع لعجز بحصته : [ ص: 450 ] كإن قاطعه بإذنه [ ص: 451 ] من عشرين على عشرة ، فإن عجز : خير المقاطع بين رد ما فضل به شريكه ، وبين إسلام حصته رقا ، ولا رجوع له على الآذن وإن قبض الأكثر ، فإن مات : أخذ الآذن ماله ، بلا نقص ، إن تركه [ ص: 452 ] وإلا فلا شيء له

التالي السابق


( و ) جاز ( مكاتبة شريكين ) رقا لهما استوى ملكهما منه أو اختلف ( بمال واحد ) قدرا ، أو أجلا واقتضاء على الشركة ، فلو شرطا أن لكل أن يقتضي دون شريكه فسد الشرط ، وكان ما اقتضاه أحدهما بينهما ، ولا تفسخ الكتابة . ابن الحاجب [ ص: 449 ] وليس لأحدهما قبض نصيبه دون الآخر ولو شرطه . قال في التوضيح ظاهر قوله ولو شرطه أن العقد يصح ويبطل الشرط وهو مذهب ابن القاسم في الموازية . وقال أشهب يفسخ إلا أن يرضى مشترط التبدئة بترك ما شرطه .

وفي الجواهر لو شرط أن يكون لكل واحد أن يقبض دون صاحبه فسد الشرط ( لا ) تجوز مكاتبة ( أحدهما ) أي الشريكين حصته من الرقيق المشترك دون الآخر . ابن الحاجب لو كاتب الشريكان معا على مال واحد جاز بخلاف أحدهما ، وبخلاف مالين . وفيها إن كاتبه أحدهما ولو بإذن شريكه لم يجز ( أو ) كاتباه ب ( مالين ) مختلفين قدرا أو جنسا أو صفة أو أجلا ( أو ) كاتباه بمال ( متحد ) قدرا وجنسا وصفة وأجلا ( بعقدين فيفسخ ) عقد الكتابة عند ابن القاسم في المسائل الثلاثة لتأديته لعتق بعض من الرقبة دون تقويم باقيها ولأنه مخاطرة يأخذ منه أحدهما خراجا والآخر نجوما . فيها إن كاتب أحدهما حظه بغير إذن شريكه ثم كاتبه الآخر بغير إذن شريكه لم يجز إذا لم يكاتباه جميعا كتابة واحدة . ابن الحاجب إن عقدا مفترقين بمال واحد فابن القاسم يفسخها . وفيها لا يجوز أن يكاتب شقصا له في عبد بإذن شريكه أو بغير إذنه للذريعة إلى عتق النصيب بغير تقويم ، ويفسخ ذلك إن فعل ويرد ما أخذ فيكون بينه وبين شريكه مع رقبة العبد ، سواء قبض الكتابة كلها أو بعضها .

( و ) إن كاتباه معا بعقد واحد ومال واحد وأجل واحد واقتضاء واحد جاز ( رضا أحدهما ) أي الشريكين بعد العقد على ذلك ( بتقديم ) شريكه ( الآخر ) على نفسه ( في قبض نجم ) يختص به الآخر ليأخذ المتأخر في القبض النجم الذي بعده يختص به كما اختص شريكه بالأول ، إذ هو كالتسليف ، فإن وفى المكاتب بجميع النجوم خرج حرا ( و ) إن لم يوف ( رجع ) من رضي بتقديم شريكه على شريكه ( لعجز ) من المكاتب عن أداء النجم الثاني فيرجع ( بحصته ) مما قبضه شريكه المقدم من المكاتب ، [ ص: 450 ] ويكون العبد بينهما كما كان فيها ، وإن حل نجم من نجوم المكاتب فقال أحد الشريكين لصاحبه بدأني به وخذ أنت النجم المستقبل ففعل ثم عجز العبد عن النجم الثاني فليرد المقتضي نصف ما قبضه إلى شريكه لأنه سلف منه له ، ويبقى العبد بينهما . تت هذا إذا رضي بتقديمه في نجم فقط ، وأما إن رضي بتقديمه في جميع حقه فتارة يكون بعد محله وتارة قبله ، والمسائل ثلاثة في المدونة ، ولنذكرها قال في التهذيب إن حل نجم من نجومه فقال أحدهما لصاحبه بدئني به وخذ أنت النجم المستقبل ففعل ثم عجز العبد عن النجم الثاني فليرد المقتضي نصف ما قبض لشريكه لأنه سلف ، ويبقى العبد بينهما ، ولا خيار للمقتضي بخلاف القطاعة ، وهو كدين لهما على رجل منجما فبدأ أحدهما صاحبه بنجم على أن يأخذ هو النجم الثاني ففلس الغريم في النجم الثاني فيرجع صاحبه ; لأنه سلف منه .

وإن أخذ أحدهما من المكاتب جميع حقه بعد محله بإذن صاحبه وأخره صاحبه ثم عجز المكاتب فلا رجوع للذي أخره على المقتضي ، ويعود بينهما ، وهذا كغريم لهما قبض أحدهما حقه منه بعد محله وأخره الآخر ثم فلس الغريم فلا يرجع الذي أخره على المقتضي بشيء لأنه لم يسلف المقتضي شيئا فيتبعه به ، ولكنه أخر غريمه . وإن تعجل أحدهما جميع حقه من النجوم قبل محلها بإذن شريكه ثم عجز المكاتب عن نصيب شريكه فهذا يشبه القطاعة ، وقيل : ليس كالقطاعة ، وبعد ذلك إن عجز سلفا من المكاتب فللمتعجل أخذ القطاعة التي أذن فيها الشريك لصاحبه كالبيع ، لأنه باع حظه على ما تعجل منه ، ورأى أن ما قبض أفضل له من حظه في العبد إن عجز ، قال ربيعة فقطاعته لشريكه ، بخلاف عتقه لنصيبه في العبد ، ولكنه كشراء العبد نفسه ا هـ . وشبه في الجواز السابق في قوله ، ورضي أحدهما إلخ فقال ( كأن ) بفتح الهمز وسكون النون حرف مصدر مقرون بكاف التشبيه صلته ( قاطعه ) أي نجز أحد الشريكين عتق حصته من مكاتبهما بمال معجل من المكاتب ( بإذنه ) أي الشريك الآخر فقاطعه [ ص: 451 ] من عشرين ) مؤجلة على المكاتب وهي حصة مقاطعه من الكتابة ( على عشرة ) حالة ( فإن ) أدى المكاتب الشريك ماله أو قاطعه من العشرين التي له منها على عشرة أيضا مثلا خرج حرا وإن ( عجز ) المكاتب قبل قبض شريكه مثل ما قبض المقاطع ( خير ) بضم الخاء المعجمة وكسر التحتية مثقلة الشريك ( المقاطع بين رد ما ) أي القدر الذي ( فضل ) المقاطع ( به شريكه ) ليساويه ويصير العبد بينهما كما كان قبل الكتابة ( و ) بين ( إسلام حصته ) أي المقاطع من العبد ( رقا ) لشريكه .

( و ) إن لم يعجز المكاتب ، وأدى الآذن العشرين التي له ، أو أكثرها وأسقط عنه باقيها أو عجز المكاتب عنه وعاد للرق ف ( لا رجوع له ) أي المقاطع ( على الآذن ) بمد الهمز وكسر الذال ( وإن قبض ) الآذن من المكاتب ( الأكثر ) مما قبضه المقاطع منه واوه للحال وإسقاطها أولى . فيها إذا كان بين رجلين كاتباه معا فلا يجوز لأحدهما أن يقاطعه عن حصته إلا بإذن شريكه ، فإن أذن له فقاطعه من عشرين مؤجلة هي حصته على عشرة معجلة ثم عجز المكاتب قبل أن يقبض منه ، هذا مثل ما أخذ المقاطع خير المقاطع بين أن يرد إلى شريكه نصف ما أخذ من العبد ، ويبقى العبد بينهما أو يسلم حصته من العبد إلى شريكه رقا . محمد لو اقتضى الآذن تسعة عشر ثم عجز المكاتب فلا رجوع للمقاطع عليه وإن كان الآذن قد فضله بتسعة .

( فإن مات ) المكاتب عن مال ( أخذ الآذن ) بمد الهمز وكسر الذال ( ما ) أي العشرين التي ( له ) في المثال المتقدم إن لم يقبض منها شيئا أو الباقي منها إن كان قبض بعضها ( بلا نقص إن ) كان قد ( تركه ) أي المكاتب المال ثم يكون الزائد منه بين [ ص: 452 ] الشريكين على حسب ما كان لهما في العبد ( وإلا ) أي وإن لم يترك المكاتب ( مالا فلا شيء له ) أي الآذن على المقاطع . فيها لو مات المكاتب عن مال فللآخر أن يأخذ منه جميع ما بقي له من الكتابة بغير حطيطة حلت أو لم تحل ، ثم يكون ما بقي من ماله بين الذي قاطعه وبين شريكه على قدر حصتهما في المكاتب .

( تنبيهان )

الأول : طفي والبناني الظاهر أن التشبيه في قوله : كان قاطعه في الجواز دون الرجوع ; لأن الرجوع هنا ليس كالرجوع في المسألة السابقة ، ولذا صرح المصنف به في قوله ، فإن عجز خير إلخ ، وبما ذكرناه قرر الموضح كلام ابن الحاجب الذي هو ككلام المصنف .

الثاني : طفي قوله : وإن قبض الأكثر ، أي قبض جل حقه ، وهي مبالغة ، وما قبلها قبض الكثير فوق ما أخذ المقاطع ودون الجل ، فهو كقول ابن الحاجب ، ولا رجوع له على الآخر ، ولو قبض تسعة عشر وقرره في توضيحه على المبالغة فسقط ما قيل الواو للحال . البناني جعلها للحال هو الصواب وحذفها أصوب . وأما قول طفي إنها للمبالغة وما قبلها قبض الكثير فوق ما أخذ المقاطع ودون الجل فبعيد .




الخدمات العلمية