الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو بشاهد بذلك مطلقا ، إن ثبت الموت

التالي السابق


وذكر مثالا آخر للوث شاملا لصور فقال ( أو ) شهادة ( شاهد ب ) معاينة ( ذلك ) أي الجرح أو الضرب لمسلم حر ( مطلقا ) سواء كان عمدا أو خطأ وعاش بعده ولو أكل وشرب وتكلم هذا مذهب المدونة .

ابن عرفة وإن لم ينفذ مقتله وشهد واحد فقال ابن القاسم في كتاب الديات لوارثه القسامة ، وقال في العتبية لا قسامة فيه . سحنون هذا أصل تنازعه الرواة ، وقال بعضهم لا يقسم به وأن يقسم به أحق . قلت ما في العتبية هو سماع يحيى ابن القاسم .

ابن رشد هذا خلاف نص قوله في المدونة ( إن ثبت الموت ) شرط في القسامة في هذه والتي قبلها ، ومفهومه أنه لا قسامة قبل ثبوته فيهما لاحتمال حياته ولا قسامة في حي ، ونسخة البساطي اللوث بدل الموت ، فهو عام في جميع مسائل القسامة أفاده تت .

طفي لا خصوصية للتي قبلها ، بل يرجع لجميع صور اللوث كما صرح به في شرح الرسالة ، ثم إن هذا الشرط غير ضروري الذكر ، إذ معلوم أن القسامة لا تكون إلا بعد [ ص: 169 ] الموت ، فلذا جعلناه عاما في جميع صور اللوث ، وخصه ابن الحاجب بهذه وبقوله بعد وكالعدل فقط في معاينة القتل ، فلو جمعهما المصنف وذكر الشروط كقول ابن الحاجب وفي العدل بالجرح أو الضرب أو بمعاينة القتل دون ثبوت الموت للقتيل قولان ، ويذكره فيما بعد فقط فيقول وكالعدل فقط في معاينة القتل إن ثبت الموت ، وهذا هو الصواب ، لأنه هو المختلف فيه ، ففي الجواهر حيث شهد شاهد عدل على رؤية القتل وقلنا يقسم معه فقال محمد إنما يقسم مع شهادته إذا ثبت معاينة لقتيل فشهد بموته وجهل قاتله كقصة عبد الله بن سهل ، قال ابن الماجشون لأن الموت يفوت والجسد لا يفوت .

وقال أصبغ ينبغي أن لا يعجل السلطان القسامة فيه حتى يكشف ، فلعل أثبت من هذا ، فإذا بلغ أقصى الاستيناء قضى بالقسامة مع الشاهد وبموته ، وهكذا ذكر اللخمي الخلاف قائلا قال ابن المواز إنما يقسم مع شهادة الواحد على معاينة القتل بعد أن تثبت معاينة جسد القتيل فيشهدوا له على موته ، وإن لم يعرف موته فلا قسامة فيه إلا أنه يحبس المشهود عليه ، ولا يعجل بتحليفه ، فعسى أن يأتي بشاهد آخر فيثبت موت الميت . ا هـ . فها هنا تظهر فائدة الشرط ، ويفترق الحكم مع الشاهدين والشاهد لأن الشاهدين على معاينة القتل يثبت بهما الموت فلا يحتاج لشرط ثبوته بخلاف الشاهد .

وأما في الجرح فلا فرق بين الشاهد والشاهدين ، ولذا اعترض ابن عبد السلام على ابن الحاجب قائلا كلامه يشعر أنه لو شهد عدلان بالضرب أو الجرح ، ولم تقم بينة على صحة موت المجروح أو المضروب لاتفق على صحة القسامة ، ولا فرق بين الشاهد والشاهدين في ذلك في ظاهر كلام الشيوخ لأنه إذا لم يثبت وفاة المجروح فتمكين الأولياء حينئذ من القسامة مستلزم لقتل الجاني وتزويج امرأة المقتول وقسم ماله بشاهد أو بشاهدين بجرحه ، وذلك باطل ، إذ يحتمل بقاء المجروح حيا .

وأما المصنف في توضيحه فأقر كلام ابن الحاجب ، ونقل الخلاف الذي ذكرناه بين ابن المواز وأصبغ على الإجمال ، ولم يعرج على اعتراض ابن عبد السلام ولم يتنبه إلى أن [ ص: 170 ] الخلاف المذكور في كلام الأئمة إنما هو في القتل وإنه فيه يظهر الفرق بين الشاهد والشاهدين ، وجرى على ذلك في مختصره تقليدا لابن الحاجب ، ولأجل ما قال ابن عبد السلام جعل تت الشرط راجعا لهذه والتي قبلها ولم يدر ما وراء ذلك والله الموفق .

وأما نسخة البساطي إن ثبت اللوث فهي في غاية الحسن ، إذ بها يسلم كلام المصنف من التعقب وهي إشارة لقوله في توضيحه لا بد في المشهور أن يحلفوا يمينا واحدة ليثبت الضرب ويقسمون خمسين يمينا لكن هل تفرد اليمين أو لا أو تجمع مع كل يمين من الخمسين تجري على الحقوق المالية في الاستحقاق بشاهد واحد ، هل يجمع بين تصحيح شهادة الشهاد وفصل الاستحقاق أو يحلف لكل واحدة يمينا مستقلة . ا هـ . وتبع في ذلك ابن عبد السلام وقال ابن عرفة بأثره ظاهر كلام ابن رشد أو نصه أنه يحلف على الجرح والموت منه في كل يمين من الخمسين . ا هـ . ولما خفي هذا المعنى الذي فسرنا به اللوث على تت قال هو عام في جميع مسائل القسامة وهو غير ظاهر لأن مسائل القسامة هي اللوث فيلزم شرط الشيء في نفسه




الخدمات العلمية