الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 234 ] واستتيب في هزم ، أو أعلن بتكذيبه ; أو تنبأ ، [ ص: 235 ] إلا أن يسر على الأظهر ،

التالي السابق


( واستتيب ) بضم الفوقية الأولى المكلف ( في ) قوله ( هزم ) بضم الهاء وكسر الزاي ، فإن تاب فلا يقتل ويشدد أدبه ويطال سجنه وإلا فيقتل . وقال ربيع بن حبيب يقتل دون استتابة عند الإمام مالك وأصحابه رضي الله تعالى عنهم واستظهره ابن مرزوق ، وتبع المصنف ابن المرابط وقوله ضعيف . البساطي إن كان ابن المرابط قال باستتابة الساب كالشافعي رضي الله عنه فلقوله بالاستتابة في هزم وجه ، وإن كان خلاف المذهب وإلا فلا وجه له القرطبي من قال فر أو هزم قتل ولا يستتاب لأنه بمنزلة من قال إنه كان أسود أو ضخما فأنكر ما علم من وصفه صلى الله عليه وسلم وذلك كفر به ولأنه قد أضاف إليه نقصا وعيبا .

( أو أعلن ) بفتح الهمز واللام وسكون العين ، أي أظهر وجهر ( بتكذيبه ) أي النبي صلى الله عليه وسلم في الرسالة أو غيرها فيستتاب . طفي أشار بذلك لقول عياض . الوجه الثالث أن يقصد إلى تكذيبه فيما قاله أو أتى به ، أو ينفي نبوته أو رسالته أو وجوده أو يكفر به فهذا كافر بإجماع وهو ظاهر لأنه تكذيب وليس بتنقيص ، وإذا كان عدم التصديق بما علم من الدين ضرورة كفرا لأنه يؤدي للتكذيب فأحرى التصريح به ( أو تنبأ ) بفتحات مثقلا مهموزا ، أي ادعى أنه نبي وأنه يوحى إليه فيستتاب لتكذيبه القرآن والحديث ، ونبوة عيسى صلى الله عليه وسلم سابقة ، وينزل على أنه واحد من أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويحكم بشريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عليهما .

عياض لا خلاف في تكفير مدعي الرسالة وتقبل توبته على المشهور . وعن ابن القاسم [ ص: 235 ] وسحنون رحمهما الله تعالى فيمن تنبأ وزعم أنه يوحى إليه أنه يستتاب كالمرتد . طفي فقول ابن مرزوق عندي أن تجعل هذه المسائل أي قوله واستتيب إلى قوله على الأظهر من باب السب فيقتل المسلم بلا استتابة ، ولم يظهر لي وجه إخراجها من السب ظاهر في هزم كما بيناه غير ظاهر في الأخيرتين .

واستثنى من عموم أحوال المتنبي فقال يستتاب في كل حال ( إلا أن ) بفتح فسكون حرف مصدري صلته ( يسر ) بضم التحتية وكسر السين المهملة وشد الراء ، أي دعوى النبوة فيقتل بلا استتابة ( على الأظهر ) عند ابن رشد من الخلاف لأنه زنديق ، فإن أتى تائبا قبل الظهور عليه قبلت توبته . وفي النوادر يقتل سواء أظهر ذلك أم لا . طفي أي يقول ذلك سرا . عياض بعد ما تقدم ثم ينظر فإن كان مصرحا بذلك كان حكمه أشبه بحكم المرتد ، وإن كان مستترا فحكمه حكم الزنديق ، والاستثناء من قوله أو تنبأ ، وأما ما قبله فقد صرح بأنه أعلن به ، فلو أسره كان حكمه كإسرار التنبي كما في الشفاء ، فلو حذف أعلن لعاد قوله إلا أن يسر لهما ، لكن قال بعضهم استظهار ابن رشد في التنبي فقط .




الخدمات العلمية