الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أو حمل عبدا لم يميز ، أو خدعه ، أو أخرجه في ذي الإذن العام لمحله .

التالي السابق


( أو حمل ) السارق ( عبدا لم يميز ) وأخرجه من حرزه فيقطع ( أو ) ميز العبد و ( خدعه ) أي السارق العبد المميز بأن قال له اشتريتك مثلا أو دعاك سيدك حتى أخرجه من حرزه فيقطع ( أو أخرجه ) أي السارق النصاب ( في ) بيت ( ذي ) أي صاحب ( الإذن ) في دخوله ( العام ) لكل من له حاجة كالخليفة والقاضي والمفتي والطبيب من محل محجور عليه ( لمحله ) أي الإذن العام فيقطع لأنه أخرجه من حرزه [ ص: 322 ] إلى غيره ، ولا يقطع من سرق من محل الإذن العام ، وهذه إحدى الدور الستة التي نص ابن رشد على عدم القطع بالسرقة منها أفاده تت .

طفي قوله لمحله ، أي عنه لآخر بأن أخرجه عن محل الإذن العام كما في عبارة ابن رشد ، ونصها الرابعة ذات الإذن العام كالعالم والطبيب يأذن للناس في دخولهم إليه فيقطع من سرق من بيوتها المحجورة إذا خرج بالسرقة عن جميع الدار لأن بقيتها من تمام الحرز ، إذ لا يدخل إلا بإذن ، وفارق الضيف لأنه خص بالإذن فصار له حكم الخائن ولا يقطع من سرق من قاعتها وما لم يحجر عليه من بيوتها اتفاقا . غ أو أخرجه في ذي الإذن العام عن محله أي عن محل الإذن هكذا ، هو في بعض النسخ بعن التي للمجاوزة لا باللام التي لانتهاء الغاية ، وهو الصواب ، ففي المقدمات أما الدار التي أذن فيها ساكنها أو مالكها إذنا عاما للناس كالعالم أو الطبيب يأذن للناس في دخولهم إليه في داره فهذه يجب القطع على من سرق من بيوتها المحجرة إذا خرج بسرقته عن جميع الدار ، ولا يجب القطع على من سرق من قاعتها وما لم يحجر من بيوتها . وإن خرج منها لا اختلاف في هذا ، وإنما لم يجب القطع على من ، سرق من بيتها المحجور حتى يخرج من جميعها لأن بقيتها من تمام الحرز ففارقت المحجرة في أنها لا تدخل إلا بإباحة صاحبها ا هـ .

ولم يزد عليه في التوضيح ، وبه قطع في النكت فقال من سرق منها من بيت مغلق عن الناس شيئا فأخذ فيها قبل خروجه منها فلا يقطع ، وإن أخذ بعد خروجه منها يقطع ، وعليه حمل أبو الحسن قولها ، قيل فإن كانت الدار مأذونا فيها وفيها تابوت فيه متاع رجل وقد أغلقه فأتى رجل ممن أذن له فكسره أو فتحه فأخرج المتاع فأخذ بحضرة ما أخرجه من التابوت قبل أن يبرح به ، قال لا يقطع هذا ، وإن كان ممن لم يؤذن له فلا يقطع أيضا لأنه لم يبرح بالمتاع ولم يخرجه من حرزه . وذهب ابن يونس إلى غير هذا فقال أما الدار غير المشتركة المأذون فيها فمن سرق منها من بيت حجر عليه فأخذ فيها أو بعد خروجه منها فلا يقطع . وقيل يقطع إذا أخرجه من البيت ا هـ . [ ص: 323 ] وعليه اقتصر ابن عرفة . وقال ابن عبد السلام القياس أن يعتبر خروجه بالمسروق من البيت إلى وسط الدار إلا أنهم اعتبروا أن يخرج به وهو القول الثاني عند ابن يونس ، فإن كان المصنف عول عليه ، فقال لمحله باللام ما في أكثر النسخ ، فقد أبعد غاية ، والله أعلم .

البناني يمكن حمل كلام المصنف على الدار المشتركة المباحة لجميع الناس . وقد قال ابن رشد من سرق من بيتها وأخذ بقاعتها يقطع اتفاقا ، ونصه الخامسة الدار المشتركة بين ساكنيها المباحة لعموم الناس كالفنادق فقاعتها كالمحجة ، فمن سرق من بيتها من الساكنين أو غيرهم وأخذ في قاعتها يقطع اتفاقا . ا هـ . وعليه تبقى اللام في قوله لمحله على ظاهرها من انتهاء الغاية ، والله أعلم .




الخدمات العلمية