الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وغرم كل عن الجميع مطلقا ، [ ص: 345 ] واتبع : كالسارق ، ودفع ما بأيديهم لمن طلبه بعد الاستيناء واليمين ، [ ص: 346 ] أو بشهادة رجلين من الرفقة ، لا لأنفسهما

التالي السابق


( و ) إن كان المحاربون جماعة وأخذ أحدهم ( غرم ) بفتح الغين المعجمة وكسر الراء ( كل ) أي كل من أخذ منهم ( عن الجميع ) جميع ما أخذوه لتمالئهم وتعاونهم وتقوي بعضهم ببعض غرما ( مطلقا ) عن التقييد بكونه قبل مجيئه تائبا أو ببقاء ما أخذوه [ ص: 345 ] بأيديهم أو بأخذه حصته منه . ابن شاس لو ولي واحد من المحاربين ثم ظفر بغيره فإنه يلزمه غرم جميع ذلك المال كان قد أخذ منه حصة أو لا . قال الإمام مالك " رضي الله عنه " لو تاب واحد منهم وقد أخذ كل منهم حصة من المال ، فإن هذا التائب يضمن جميع المال لأن الذي ولي أخذه إنما قوي عليه بهم . ابن رشد إذا اجتمع القوم في الغصب أو السرقة أو الحرابة فكل واحد منهم ضامن لجميع ما أخذوه لأن بعضهم قوى بعضا كالقوم المجتمعين على قتل رجل فيقتلون به جميعا . وإن ولي القتل أحدهم وحده ( واتبع ) بضم فكسر المحارب بالمال الذي أخذه حالة حرابته اتباعا ( ك ) اتباع السارق ب ( السرقة ) في أنه إن قطع يشترط استمرار يسره من يوم أخذ المال ليوم قطعه ، وإن لم يقطع لا يشترط ذلك . ابن شاس أما الغرم فحكم المحارب فيه في حال ثبوت الحد وسقوطه في حالتي يسره وعسره وتبدلهما حكم السارق على ما تقدم . ا هـ . وهذا إذا ذهب المال من يده ، فإن بقي بعينه في يده أخذ منه إجماعا مطلقا ، وهل ضربه ونفيه كقتله أو قطعه من خلاف أو كسقوط حده قولان ، يظهر من كلام الحسن ترجيح أولهما لأنهما أحد حدوده أفاده شب .

( و ) إن أخذ المحاربون ومعهم مال أخذه من الناس ، بالحرابة ( دفع ) بضم فكسر ( ما ) أي المال الذي وجد ( بأيديهم ) أي المحاربين ( لمن ) أي الشخص الذي ( طلبه ) أي ادعى أن المال له أخذه المحاربون منه بالحرابة إن شهدت له بذلك بينة من غير الرفقة فيدفع له بلا استيناء وإن لم تشهد له بينة به يدفع له ( بعد الاستيناء ) لاحتمال أن تشهد بينة لغيره أنه له ( و ) بعد ( اليمين ) من طالبه أنه له لم يخرج عن ملكه بمخرج شرعي . فيها إن أخذ المحاربون ومعهم أموال فادعاها قوم لا بينة لهم دفعت إليهم بعد أيمانهم بغير حميل ، ويضمنهم الإمام إياها إن جاء لها طالب ويشهد عليهم . وقال سحنون بحميل . [ ص: 346 ] وفي مختصر الوقار إن كان من أهل البلد فبحميل ، وإن كان من غيرهم فبلا حميل لأنه لا يجده . اللخمي وإنما يدفع له إذا وصفه كاللقطة وذكره في التوضيح وأقره ابن عرفة واعتمده أبو الحسن في شرح المدونة قائلا يدفع إليهم بثلاثة شروط الاستيناء واليمين والصفة في الجواهر . أشهب إن أقر المحاربون أن المتاع مما قطعوا فيه الطريق ، فإن قالوا هو من أموالهم كان لهم ، وإن كثيرا لا يملكون مثله حتى يقيم مدعيه البينة أنه له واقتصر عليه ابن عرفة .

( أو ) يدفع لمن طلبه ( بشهادة رجلين ) عدلين ( من الرفقة ) للطالب حال الحرابة أنه له عطف على مقدر ، أي بلا شهادة للضرورة ، إذ لا سبيل لإثبات ذلك إلا بشهادة الرفقة إلا شهادة الرجل لابنه فلا تقبل لشدة التهمة . المصنف هذه الشهادة خارجة عن الأصل ، إذ هي شهادة عدو وتهمة جر النفع بأشهد لي وأشهد لك . وجازت للضرورة ولحق الله تعالى في الدماء والأموال تبع ( لا ) تقبل شهادة الرجلين ( لأنفسهما ) لأنها دعوى ، ولو قالت الرفقة كلها قتل منا كذا وكذا رجلا وكذا وكذا جارية والأحمال لفلان والثياب لعلان فهي شهادة مقبولة معمول بها موجبة لحد الحرابة قاله ابن القاسم وأشهب رحمهما الله تعالى . ابن عرفة فيها وتجوز على المحاربين شهادة من حاربوه إن كانوا عدولا شهدوا بقتل أو مال ولا تقبل شهادة أحدهم في نفسه وتقبل شهادة بعضهم لبعض . اللخمي لابن سحنون عنه لو قال أهل الرفعة قتل منا كذا وكذا رجلا وسلب منا كذا وكذا حملا ، ومن الجواري كذا وكذا فالأحمال لفلان والثياب لفلان والجواري لفلان فذلك جائز ، ويوجب ذلك المحاربة والقتل ، وذكره عن الإمام مالك وابن القاسم وأشهب " رضي الله عنه " . الشيخ لأشهب في الموازية إن قال اللصوص فيما بأيديهم هو من أموالنا كان لهم ، ولو كان كثيرا لا يملكون مثله حتى يقيم مدعوه البينة أنه لهم لا للصوص .




الخدمات العلمية