الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 489 ] وإن وطئاها بطهر ، فالقافة ، ولو كان ذميا ، أو عبدا ، [ ص: 490 ] فإن أشركتهما . فمسلم ، ووالى ، إذا بلغ أحدهما كأن لم توجد ، [ ص: 491 ] وورثاه ، إن مات أولا

التالي السابق


( وإن وطئاها ) أي الشريكان أمتهما حرين كانا أو رقين مسلمين أو كافرين أو مختلفين ( بطهر ) واحد وأتت بولد لستة أشهر من وطئهما وادعاه كل منهما ( فالقافة ) بقاف ثم فاء جمع قائف وهو الذات التي خصها الله تعالى بمعرفة النسب بالشبه تنظره والشريكين لتلحقه بأحدهما أو بهما إن كانا حرين مسلمين ، بل ( ولو كان ) أحدهما ( عبدا ) [ ص: 490 ] والآخر حرا ( أو ذميا ) والآخر مسلما ، فإن ألحقته بأحدهما لحق به مسلما كان أو ذميا حرا أو عبدا .

( فإن أشركتهما ) أي القافة الشريكين في الولد بأن قال القائف : هو ابن المسلم والذمي معا ( ف ) الولد ( مسلم ) أي يحكم بإسلامه ( ووالى ) أي تبع الولد ( إذا بلغ ) الحلم ( أحدهما ) أي الشريكين عند ابن القاسم . وقال أصبغ : حد الموالاة إثغاره ويحكم بإسلامه ، وإن والى الذمي واختلف في نفقته وكسوته قبل موالاته أحدهما فقال ابن القاسم وعيسى وابن عبد الحكم : ينفقان عليه معا ، وإن مات أحدهما وقف له من تركته نصف نفقته إلى بلوغه . ابن عرفة إن كانت أمة بين رجلين حرين أو عبدين أو أحدهما عبد أو ذمي والآخر حر مسلم فوطئاها في طهر واحد فأتت بولد فادعياه دعي له القافة فمن ألحقته به نسب إليه .

الصقلي أراد أتت به لستة أشهر من وطء الثاني . عياض القافة جمع قائف وهو الذي يعرف الشبه ، وهو علم صحيح لما في الصحيح { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عائشة رضي الله تعالى عنها تبرق أسارير جبهته فقال : ألم ترى أن مجززا المدلجي نظر إلى أقدام زيد بن حارثة وأسامة وهما تحت قطيفة فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض } .

وشبه في موالاته أحدهما إذا بلغ فقال ( كأن ) بفتح الهمز وسكون النون صلته ( لم توجد ) بضم الفوقية وفتح الجيم قافة فيوالي أحدهما بعد بلوغه محكوما بإسلامه ابن عرفة الصقلي إن لم توجد القافة بعد الاجتهاد في طلبها ترك الولد إلى بلوغه فيوالي من شاء كما لو قال القافة : اشتركا فيه أو ليس لواحد منهما ، وقاله بعض علمائنا ، وهذا أولى من قول من قال : يبقى موقوفا حتى توجد القافة سحنون إن قالت القافة : ليس منهما دعي له آخرون كذا أبدا ; لأن القافة إنما دعيت لتلحق لا لتنفي ، وفيها إن أشركوهما فيه والى إذا كبر [ ص: 491 ] أيهما شاء انظر الحاشية .

( وورثاه ) أي الشريكان الولد ( إن مات ) الولد ( أولا ) بشد الواو ومنونا أي قبل موالاة أحدهما ميراث أب واحد فيقسم بينهما كما لو تنازعه اثنان ، وإن ماتا أولا فلا يرثهما . وفي نوازل سحنون يوقف له ميراثه من كل منهما حتى يبلغ ويوالي من يشاء منهما فيأخذ ميراثه منه ، وينسب إليه ، ويرد ما وقف له من تركة الآخر إلى ورثته . ومفهوم بطهر أنهما إن وطئاها بطهرين وأتت بولد فهو للثاني إن وضعته لستة أشهر من وطئه وعليه نصف قيمتها لشريكه إن كان مليا يوم الوطء أو يوم الحمل كيف شاء شريكه ، ولا صداق عليه ولا قيمة ولد ، وإن كان عديما اتبع بنصف قيمتها ونصف قيمة الولد وبيع [ ص: 492 ] عليه نصفها في ذلك ، فإن كان ثمنه كفافا لنصف قيمتها اتبعه بنصف قيمة الولد ، وإن كان أنقص اتبعه بما نقص مع نصف قيمة الولد ، وهو حر لاحق النسب لا يباع منه شيء قاله في المدونة .




الخدمات العلمية