الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو كانت له غنم يجب فيها الزكاة فخالطه رجل بغنم تجب فيها الزكاة ، ولم يكونا شائعا زكيت ماشية كل واحد منهما على حولها ، ولم يزكيا زكاة الخليطين في العام الذي اختلطا فيه ، فإذا كان قابل وهما خليطان كما هما زكيا زكاة الخليطين ؛ لأنه قد حال عليهما الحول من يوم اختلطا ، فإن كانت ماشيتهما ثمانين وحول أحدهما في المحرم وحول الآخر في صفر ، أخذ منهما نصف شاة في المحرم ونصف شاة في صفر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في رجلين مع كل واحد منهما أربعون شاة خلطاها ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون حولهما متفقا .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون حولهما مختلفا ، وإن كان حولهما متفقا فذلك ضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يتخالطا بعضهما من أول الحول إلى آخره فهذان يزكيان زكاة الخليطين لا يختلف .

                                                                                                                                            والثاني : أن يتخالطا بعضهما بعد مضي الحول ، وهي مسألة الكتاب ، كأن مضى من حول كل واحد منهما ستة أشهر ثم خلطا غنميهما خلطة أوصاف من غير تبايع فصارت غنمهما ثمانين شاة ، فإذا مضت عليهما بعد الخلطة ستة أشهر فقد تم حولهما جميعا ، وقد كانا في نصفه الأول منفردين وفي نصفه الثاني خليطين ، فهل يزكيان في هذا العام زكاة الخلطة أم لا ؟ على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو نصه في القديم يزكيان زكاة الخلطة اعتبارا بآخر الحول ؛ لأنه لما كان اعتبار قدر الواجب عند حلول الحول لا بأوله ، وجب أن يكون اعتبار الخلطة التي بها يتغير قدر الواجب بآخر الحول لا بأوله .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو الصحيح وعليه نص في الجديد أنهما يزكيان زكاة الانفراد اعتبارا بجميع الحول في صحة الخلطة ، وإنما كان كذلك ؛ لأن الخلطة معنى يغير به فرض الزكاة فوجب أن يعتبر به جميع الحول كالسوم ، ولأنهما لو كانا خليطين في أول الحول منفردين في آخره زكيا زكاة الانفراد لوجود الخلطة في بعض الحول دون جميعه ، فكذلك إذا كانا منفردين في أول الحول خليطين في آخره يجب أن يزكيا زكاة الانفراد ؛ لوجود الخلطة في بعض الحول دون جميعه ، فإذا حال الحول الثاني وهما على خلطتهما زكيا زكاة الخلطة قولا واحدا لا يختلف لوجودها في الحول كله .

                                                                                                                                            [ ص: 149 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية