الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ثم يغسله من صفحة عنقه اليمنى وشق صدره وجنبه وفخذه وساقه ، ثم يعود إلى شقه الأيسر فيصنع به مثل ذلك ، ثم يحرفه إلى جنبه الأيسر فيغسل ظهره وقفاه وفخذه وساقه اليمنى وهو يراه متمكنا ، ثم يحرفه إلى شقه الأيمن فيصنع به مثل ذلك ويغسل ما تحت قدميه وما بين فخذيه وإليتيه بالخرقة ويستقصي ذلك ، ثم يصب على جميعه الماء القراح ، وأحب أن يكون فيه كافور ( قال ) وأقل غسل الميت فيما أحب ثلاثا ، فإن لم يبلغ الإنقاء فخمسا ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمن غسل ابنته " اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر إن رأيتن ذلك بماء وسدر ، واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور " . ( قال ) : ويجعل في كل ماء قراح كافورا ، وإن لم يجعل إلا في الآخرة أجزأه ، ويتتبع ما بين أظافره بعود ، ولا يخرج حتى يخرج ما تحتها من الوسخ ، وكلما صب عليه الماء القراح بعد السدر حسبه غسلا واحدا ، ويتعاهد مسح بطنه في كل غسلة ويقعده عند آخر غسلة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح .

                                                                                                                                            إذا أراد أن يأخذ في غسله بعد تسريح رأسه ولحيته فالمستحب أن يبدأ بميامن جسده ، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأم عطية حين غسلت بنته : " ابدئي بميامنها ومواضع الوضوء منها " .

                                                                                                                                            [ ص: 11 ] ويلقيه على جنبه الأيسر ويغسل الأيمن ويبدأ بصفحة عنقه اليمنى ويده وشق صدره وجنبه وفخذه وساقه ، ويغسل ما تحت قدمه ، ثم يلقيه على شقه الأيمن ويغسل شقه الأيسر على ما وصفت ، ويغسل ما بين إليتيه حتى يأتي على جميع جسده ، وما كان يغسله حيا في جنابته ، وكل ذلك بماء السدر ، وهو أحب إلينا من الخطمي ، لأنه أمسك للبدن وأقوى للجسد .

                                                                                                                                            قال الشافعي : فإن كان به وسخ متلبد رأيت أن يغسل بأشنان ، ويرفق في جميع ذلك ، فإذا غسله بالسدر صب عليه حينئذ الماء القراح ، وكان الاجتناب بماء القراح دون ماء السدر ، فإن احتاج إلى غسله ثانيا بالسدر فعل ، وإن اكتفى بالأول لم يعد إليه واقتصر على غسله بالماء القراح ، فإن غسله بالسدر في كل دفعة وأفاض بعده ماء القراح جاز ، وكان الاجتناب بماء القراح دون ماء السدر ، والواجب غسله مرة واحدة ، وأدنى كماله ثلاثا ، وأوسطه خمسا ، وأكثره سبعا ، والزيادة عليها سرف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية