الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا اتجر في مائتي درهم فصارت ثلاثمائة قبل الحول ثم حال عليها الحول زكى المائتين لحولها ، والمائة التي زادت لحولها ولا يضم ما ربح إليها ؟ لأنه ليس منها ، وإنما صرفها في غيرها ثم باع ما صرفها فيه ، ولا يشبه أن يملك مائتي درهم ستة أشهر ثم يشتري بها عرضا للتجارة فيحول الحول والعرض في يديه ، فيقوم العرض بزيادته أو بنقصه : لأن الزكاة حينئذ تحولت في العرض بنية التجارة ، وصار العرض كالدراهم يحسب عليها لحولها ، فإذا نض ثمن العرض بعد الحول أخذت الزكاة من ثمنه بالغا ما بلغ " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : صورة هذه المسألة في رجل اشترى عرضا للتجارة بمائتي درهم ، ثم باعه بثلاثمائة درهم فهذا على ضربين .

                                                                                                                                            [ ص: 286 ] أحدهما : أن يبيعه مع حلول الحول .

                                                                                                                                            والثاني : أن يبيعه في تضاعيف الحول ، فإن باعه مع حلول الحول ، فهذا على ثلاثة أقسام .

                                                                                                                                            أحدها : أن يبيعه بثمن مثله فعليه أن يزكي الأصل والربح ، فيخرج زكاة ثلاثمائة لا يستأنف للربح حولا ، بل يكون تبعا لا يختلف سواء ظهر الربح في الحول كله أو في آخره : لأنه نما أصله فضم إليه في حوله كالسخال .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن يبيعه بأقل من ثمن مثله أو يحابى أو يغبن بما لم تجر العادة به ، كأنه كان يساوي أربعمائة فباعه بثلاثمائة لمحاباة ، أو غبنه فعليه زكاة أربعمائة : لأنه أتلف حق المساكين فلزمه ضمانه .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يبيعه بأكثر من ثمن مثله كأنه كان يساوي مائتين فباعه بثلاثمائة إما لرغبة أو غشه فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يزكي جميع الثمن ويخرج زكاة ثلاثمائة : لأنه أفاد الزكاة بالعرض ، كما لو أفادها بزيادة القيمة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : لا زكاة في الزيادة على القيمة ، ويستأنف بها الحول كالمال المستفاد ، فهذا الحكم في بيع العرض عند دخول الحول .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية