الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3291 - قال الشافعي في القديم، قال قائل: رويتم قولكم عن ابن عمر ، والثابت عن علي، وابن مسعود، أنهما: كانا لا يرفعان أيديهما في شيء من الصلاة إلا في تكبيرة الافتتاح، وهما أعلم بالنبي صلى الله عليه وسلم، من ابن عمر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليلني منكم أولو الأحلام، والنهى"، فكان ابن عمر خلف ذلك.

3292 - قال الشافعي ، رحمه الله: وإنما أراد صاحب هذا والله أعلم بقوله: رواه عن ابن عمر ، ليوهم العامة أن ابن عمر ، لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: علي، وابن مسعود أعلم بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن عمر .

[ ص: 426 ] 3293 - وقوله: لا يثبت عن علي، وابن مسعود، وإنما رواه عن عاصم بن كليب، عن أبيه، فأخذوا برواية عاصم بن كليب، فيما روى عن أبيه، عن علي، وترك ما روى عاصم، عن أبيه، عن وائل بن حجر، أن النبي صلى الله عليه وسلم، رفع يديه، كما روى ابن عمر .

3294 - ولو كان هذا ثابتا عنهما، كان يشبه أن يكون رآهما مرة أغفلا فيه رفع اليدين، ولو قال قائل: ذهب عنهما حفظ ذلك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وحفظ ابن عمر ، لكانت له حجة، لأن الضحاك بن سفيان قد حفظ على المهاجرين، والأنصار، وغيره أولى بالحفظ منه، فالقول قول الذي قال: رأيته فعل، لأنه شاهد، ولا حجة في قول الذي قال: لم يره.

3295 - قال: والذي يحتج علينا بهذا يقول في الأحاديث والشهادات، من قال: لم يفعل فلان فليس بحجة، ومن قال: فعل فهو حجة لأنه شاهد، والآخر قد يغيب عنه ذلك، أو يحضره فينساه.

3296 - وقد روى هذا عدد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى ابن عمر ، وقوله قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى". فيرى أن ابن عمر كان خلف ذلك.

3297 - لقد كان ابن عمر عندنا من ذوي الأحلام، والنهى، ولو كان فوق ذلك منزلة كان أهلها.

3298 - وإن تقدم أحد ابن عمر بسابقة، ما قصر ذلك بابن عمر عن بلوغ ما هو أهله من الفضل في صحبته وسابقته وصهره ورضا المسلمين عامة عنه.

3299 - وقد وقف الصنابحي خلف أبي بكر، وثم المهاجرون والأنصار، ولا شك أنه قد كان يقف خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع المهاجرين، والأنصار غيرهم [ ص: 427 ] ، وإن كانوا أكثر من فيه، وليس ابن عمر ممن يقصر به عن ذلك الموقف، ولا ممن تغمز روايته، ولا ممن يخاف غلطه، ولا روايته إلا ما أحاط به.

3300 - قال الشيخ أحمد : وفيما قال الشافعي ، رحمه الله جواب عن كل خبر يوردونه في ترك الرفع.

3301 - وأما إنكار إبراهيم النخعي حديث وائل بن حجر، وقوله: أترى وائل بن حجر أعلم من علي، وعبد الله؟ وقوله: لعله فعل ذلك مرة واحدة ثم تركه.

3302 - فقد أجاب الشافعي ، عنه بجواب مبسوط، ومما جرى في خلال كلامه، أن قال: ومن قولنا وقولك أن وائل بن حجر إذا كان ثقة لو روى عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، وقال عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ما روى كان الذي قال: كان أولى أن يؤخذ به.

3303 - قال: وأصل قولنا أن إبراهيم لو روى عن علي، وعبد الله لم يقبل منه، لأنه لم يلق واحدا منهما، فقال: وائل أعرابي.

3304 - قال الشافعي : أفرأيت مربعا الضبي، وقزعة، وسهم بن منجاب، حين روى إبراهيم عنهم، أهم أولى أن يروى عنهم أم وائل بن حجر، وهو معروف عندكم بالصحابة، وليس واحد من هؤلاء فيما زعمت معروفا عندكم بشيء. قال: لا، بل وائل بن حجر.

3305 - قال الشافعي : فكيف يرد حديث رجل من الصحابة، ويروى عمن دونه ونحن إنما قلنا برفع اليدين عن عدد لعله لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا قط عدد أكثر منهم غير وائل، ووائل أهل أن يقبل عنه .

[ ص: 428 ] 3306 - وهذا فيما أخبرناه أبو عبد الله، أن أبا العباس، حدثهم قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي ، فذكره.

3307 - قال الشيخ أحمد : وفيما روينا في، حديث وائل بن حجر من قوله. ثم أتيتهم الشتاء فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس، جواب عن قول إبراهيم لعله فعله مرة ثم تركه.

التالي السابق


الخدمات العلمية